عدنان الروسان يكتب .. صباح الخير أيها الملك الطيب
عدنان الروسان
الدنيا صبح الله يصبحك بالخير ، خطر لي أن أخاطبك في صبيحة الجمعة هذه بما يليق بك كملك علينا و بما يليق بي كمواطن صالح عارض و يعارض كثيرا و لكنني محب لا كاره و مخلص لا منافق ، سأل عمر ابن عبد العزيز الحسن البصري بمن استعين يا بصري قال البصري " أما أهل الدنيا فلا حاجة لك بهم و أما اهل الآخرة فلا حاجة لهم بك ، قال عمر فبمن استع بأهل الشرف فإن شرفهم يمنعهم عن الخيانة " و لا أظنك الا لماحا ترغب في أن يكون وطنك قويا و شعبك مخلصا و لا يكون كذلك الا إن كان مرتاحا شاعرا بالأمن و الأمان الذين اعتدى من حولك عليهما فمسخوا معناهما و صار الأمن و الأمان هو الخوف من هيبة الدولة و صولجانها و ما دروا أن الأمن و الأمان هما وقار الطمأنينة و الإحترام في قلب المواطن و يظهران على الجوارح و يصدق كل ذلك العمل.
إن الإرتقاء بالوطن يستدعي تحشيد كل الجهود و استنهاض كل الهمم واستلهام كل القيم التي يؤمن بها الشعب ، كما أن الدولة يا حماك الله تحتاج الى قادة و زعماء حولك يديرون شؤون الدولة ليسوا من أهل الدنيا مقبلين عليها بنهم و شراهة مستغلين قربهم منك كي يفتكوا بالعامة الذين يشكلون الركن الأساسي من أركان الدولة و ينتشر التعسف في تطبيق القوانين تطبيقا جائرا لا تقبل به أنت ، و رغم أننا نظن بك خيرا الا أننا ندرك على عكس ما يدعي به أهل الدنيا حولك انك بشر لك قدرات و أنت تصرفها كلها في خدمة وطنك لكنك لا تمتلك الصفات التي يغدقها عليم أهل الدنيا وهي من صفات الله و هم انما يريدون بذلك نفاقا ينفعهم في مآربهم غير مبالين بأن ذلك يضيرك في الدنيا و يضيرك في الآخرة و أنت لا تقبل به لكنهم لا يفكرون و لا يكترثون فيما تقبله و ما لا تقبله و لا فيما يضرك او يضيرك بل يريدون استنزاف الملك و المملكة حتى يستمر سطوهم على أموال العامة باسمك و بمظلة القانون و تحت حماية الوظيفة التي اوليتهم اياها.
الناس في ضنك شديد ايها الملك الطيب و هم وصلوا الى أدنى درجات السقوط المهين المذل و القبيح دون أن يعبأ بهم أهل الدنيا ممن أجلستهم في مجالسك و خولتهم أمانة المسؤولية فما قاموا بها و لا قدروا عليها ، و لا أريد أن افسد عليك صفاء يوم الجمعة الشتوي الماطر هذا بالحديث عن الفاسدين فلديك من الأدوات و الأليات ما تستطيع أن تعرف به الصحيح من الخطأ و الحق من الباطل و أنت أدرى منا بخبايا الأمور و لكننا نذكر ببعض ما نخشى عليك و علينا منه لأننا نعلم أن مسؤولياتك كثيرة و كبيرة و لا تستطيع وحدك ان تحمل كل هذه الأنواء و الأثاقال ، فنحن نعلم أنك تخفيت و زرت مكاتب ووزارات و أشرت الى ما يجب فعله لكن النتائج كانت مخيبة للأمال ، نعلم أن الملك ليس من عمله ان يزور مستشفى و يطلب مرتين اصلاح مصعد متعطل دون أن يكلف أحد نفسه اصلاح ذلك العطل و كأن من حولك قريبا كان ام بعيدا يتعمد تشويه صورة الملك في عيون شعبه ، إن القاعدة أن المحسن يكافأ و المسيء يعاقب و لحسن خلقك تكافي المحسن و لا تعاقب المسيء فتمادت لوبيات القناصين من أهل الدنيا حولك و اثروا و عاثوا و رتعوا حتى أفرغوا خزائن الدولة مما فيها و تظاهروا بالبكاء و سكب الدموع على الوطن الفقير و المواطن المنكوب و ما دموعهم الا دموع الشامتين و الفرحين في مأتم من يسرقون و يكرهون.
كان هارون الرشيد يحب ان يجمع حوله البرامكة و قد ولاهم كل مقاليد الحكم و القيام بأعباء الدولة ظانا أنهم انما يحكمون بالعدل و القسطاس و أنهم إنما ينفذون العدل في دولة الخليفة العادل الا أنه اكتشف أن كل الثقة التي اولاهم اياها انما كانت تستغل لمآربهم و على حساب العامة حتى تنبه الرشيد و لولا ذلك لكنا نتحدث الفارسية اليوم هنا و في كل ما حولنا ، إن البرامكة الذين يحيطون بك أبلغ و أذكى من برامكة الرشيد لكننا نظنك بذكاء الرشيد أيضا و نخاف عليك ما كان يخافه أهل الرشيد على الرشيد من البرامكة.
أيها الملك الطيب ، الحديث طويل و ليت كان لديك وقتا و متسعا لتسمع من بعض العامة الشرفاء فربما يكون هناك ما غاب عنك بفعل فاعل ، و نحن نتكيء على شرفنا في التحقق مما نرى ، و نرى تعبك و أسفارك كل يوم لتبحث عن استثمارات مثلا للأردن لكننا لا نجد استثمارات و لا مشاريع و الفقراء يزدادون فقرا و الأغنياء يزدادون غنى بعد كل هذه السنين الطوال و هذا أمر يجب ان يسأل عنه البرامكة الذين لم يتابعوا نجاحك في احضار المستثمرين و فشلهم في الإحتفاظ بهم ، إن وقتك ثمين و قيم و لكننا نرى وجوب أن يسمع الملك الطيب من الناس الشرفاء الذين لا يهمهم الا الخير و الصلاح للراعي و الرعية.
نعيب على كل الشتامين من المعارضين فالشتائم لا تبني دولا و لا تحق حقا و لا تبطل باطلا بل تزيد تأجج نار الضغينة و الحقد بين الحاكم و المحكوم و نحن نسعى الى أن يعود الأردن الى أحضاننا جميعا و يرتقي هو بابناءه حتى يجدوا الخبز و الماء و الكرامة كما كان دائما في الماضي ، ايها الملك الطيب نعلم أنك تمتلك حكمة لقمان لكننا نرى أن من حولك يمتلكون مال قارون و نحن مازلنا نمتلك صبر ايوب و لكن ايوب نفذ صبره او كاد و قارون لا يشبع من الثروة و المال الحرام و لا يبقى أمل الا بك ايها الملك الطيب بعد الله عز وجل.
أيها الملك الطيب يا هداك الله و أسعدك الحق شعبك فقد أهلك البرامكة سعيد على سعدا الذي هو نحن وانت ان ينجو قبل أن ان نقول يوما لا سمح الله في الصيف ضيعن اللبن...
جمعة مباركة و تحياتي لك ايها الملك الطيب
adnanrusan@yahoo.com