الشهيد سامي أبو دياك: قصة استهداف النص الفلسطيني بكافة مستوياته
فادي ابو بكر - إذا ما استعرضنا مسلسل حياة الشهيد سامي أبودياك، نجد ببساطة أن حياته من المهد إلى اللحد كانت عبارة عن دوامة من المعاناة والألم، فكان مطارداً من قبل الاحتلال منذ مراهقته، وأصيب خلالها بضع مرات، إذ أصيب بساقه إلا أنه تمكّن من الهرب، وبعد عدة أشهر أصيب مرة أخرى في يده ورأسه، ليتم بعدها اعتقاله بتاريخ 17 يوليو/ تموز 2002، بتهمة مقاومة الاحتلال، وحكم عليه بالسجن ثلاثة مؤبدات، وثلاثين عاماً.
وفي الأسر، بدأت فصول رحلة معاناة جديدة، حيث تعرَض في عام 2015 لعبث طبي مقصود، إثر خضوعه لعملية جراحية بمستشفى «سوروكا» الإسرائيلي، تم استئصال جزء من أمعائه، وأصيب بتسمم في جسده وفشل كلوي ورئوي، لنقله المتكرر بعربة «البوسطة»، قبل أن تلتئم جراحه ويتماثل للشفاء التام. وما كان من الاحتلال إلاّ أن يكتفي بإعطائه المسكنات فقط، دون أن يكتفي بحكمه الأول، ليحكم عليه بعد مضي ثلاثة عشر عاماً على أسره بالإعدام البطيء!.
وحينما اقتربت نهايته، بعث سامي برسالة يستنجد فيها ما بقي من ضمائر في هذا العالم، الذي بدوره خذله وأدار له وجهه، دون أن يحرّك المجتمع الدولي ساكناً.. ونقول هنا ماذا يمكن أن تتوقع؟، ومن نناشد؟، وإلى ماذا نتوق؟، وقد وصلت الأمم المتحدة بمنظماتها ومجالسها إلى مستوى مخيف من الدناءة، إذ أشار تقرير أعدّته مجلة (Daily Mail) البريطانية في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، إلى أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التابعة للأمم المتحدة قامت بتزوير تقرير حساس حول هجوم كيميائي مزعوم في سورية، وأن كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة شنّت ضربة عسكرية كبيرة رداً على الهجوم المزعوم دون انتظار اثبات حول استخدام هذه الأسلحة بالفعل!. وهذا يعيد للأذهان ما حصل قبل قرابة العقدين من الزمن حينما قام رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير بتزوير ملفات من أجل تبرير الغزو على العراق!.
أي عالم هذا الذي نعيش؟، ومن يُفترض أن يحمي حقوق قاطنيه، يخضع لقوى تمارس أبشع أنواع الإرهاب المتمثل في»الديمقراطية الإرهابية»!.
استشهد سامي، ولم يشف إعدامه غليل المُحتّل المجرم، إذ رفض تسليم جثمانه لذويه، واستكثر عليه أن يُدفن في وطنه وأرض أجداده.
جريحاً ومطارداً في سن المراهقة.. أسيراً، فمريضاً، فشهيداً داخل الأسر.. إن قصة جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشهيد سامي أبو دياك، هي قصة دولة بوليسية تستهدف النص الفلسطيني بكافة مستوياته، والمطلوب هو وعي بحقّنا في أن نقول كلمتنا، ونمارس دورنا الوطني والنضالي دون خوف من تهديدات، ومسؤوليتنا في أن نقف أمام هذه التهديدات، مهما بلغ الثمن، فهذا هو الحد الأدنى الذي يحتاجه شباباً تريدهم «إسرائيل» خانعين وضعفاء، ويريدون أنفسهم أصحاب كرامة وأقوياء.
قصة الشهيد أبو دياك هي قصة تروي حكاية شعب أمام نظام قمعي وعنصري.. قصة إرهاب مسكوت عنه.. قصة محاكمة لنصوص فلسطينية ولأي موقف يوجّه ضد مبدأ الاحتلال.. هي قصة تختبر مدى احتمال الجسد الفلسطيني، فكم سيحتمل هذا الجسد؟!.