بديل الانتخابات الفلسطينية: الشراكة
حمادة فراعنة - لست متيقناً من رغبة طرفي الانقسام الفلسطيني الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وأشك ان خيارهما والأولوية لديهما هو الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، رغم أن كليهما يحتاج لتجديد شرعيته، ولكنهما عبر الانتخابات سيفقدان حالة الاستئثار التي يتمتعان بها، كل منهما في منطقته وما بحوزته.
فالواقع أن حركة فتح تراجعت عن دورها المبادر الذي تفوقت به في عهد أبو عمار، وحركة حماس لم تتقدم بعد إلى المدى الذي حررها كفاية من تقاليد الإخوان المسلمين الأحادية غير الديمقراطية، إضافة إلى أن الاحتلال مازال هو صاحب القرار السياسي في القدس والضفة الفلسطينية، وفي قطاع غزة الذي انحسر عنه الاحتلال عام 2005، لا يتصرف القائمون على إدارته منفردين منذ عام 2007 باعتباره مستقلاً، ولم يفلحوا في تقديمه نموذجاً يُحتذى به في الإدارة والانتخابات والتعددية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع مثل الشعوب التي تحررت من مستعمريها، كما فعلت فيتنام الشمالية مثلاً حيث بنت مؤسساتها، وعملت على استكمال حرية جنوبها من الأميركيين.
وحصيلة الواقع قد تكون العوامل الطاردة للانتخابات الفلسطينية، أقوى تأثيراً من العوامل الضاغطة لإجرائها، ومع ذلك لا يمكن بقاء الحال على حاله، فاستمرارية الانقسام، أدى إلى تأكل الشرعية، وها هو مشهدها الأخطر منذ الانقلاب، استقبال إسماعيل هنية في ماليزيا ومشاركته في قمة تضم عدداً من رؤساء البلدان الإسلامية باعتباره ممثلاً وزعيماً، بدون أي اعتبار لمنظمة التحرير وسلطتها الوطنية، وهو حدث لم تجرؤ عليه بلد من قبل.
إنها رسالة يجب استدراكها وتطويقها ليس بالغضب والحرد، بل بالعمل الجاد في الميدان وعلى أرض الواقع وداخل مسامات الشعب الفلسطيني، فعدم إعطاء حماس مكانتها ودورها الذي ورثته من عاملين: 1- دورها الكفاحي، 2- من نتائج الانتخابات التشريعية، وإدارة الظهر لها لم يجلب سوى المزيد من الهيمنة والسيطرة على قطاع غزة، بينما تنال فتح الانحسار والتراجع عن تأدية دورها ومكانتها في أرض القطاع ووسط أهله.
عتب رئيس الوزراء محمد إشتيه في محله نحو القاهرة، ولكنه نسي أن القاهرة كانت سبّاقة في محاولات لملمة الحالة الفلسطينية وقدمت اقتراحات عملية لتصليب وحدة حركة فتح، ومن ثم وحدة منظمة التحرير، ولكنها وجدت الإمعان في عدم التجاوب مع اقتراحاتها العملية.
ومع ذلك مازال للصلح مطرح، إذا توفرت الرغبة والإرادة نحو قبول الشراكة، الشراكة في كامل المؤسسة، في مؤسسات منظمة التحرير الثلاثة: المجلس الوطني، المجلس المركزي، واللجنة التنفيذية، والشراكة في السلطة الوطنية، الشراكة في القرار، هذا هو الطريق الصائب والبديل المؤقت عن الانتخابات، هو الخيار الذي يحمي حقوق الشعب الفلسطيني من التغول والتمادي الإسرائيلي الأميركي، وهو الذي يحمي حقوق الشعب الفلسطيني من تقديم التنازلات، وأخيراً هو الطريق والخيار الذي يفتح للشعب الفلسطيني بوابات استعادة حقوقه، طريق الوحدة بين الكل والجميع الفلسطيني بدون وصاية، وبدون عزل، وبدون استئثار من أي طرف، إنه طريق الشراكة على قاعدة: 1- برنامج سياسي مشترك، 2- مؤسسة تمثيلية موحدة،
3- أدوات كفاحية متفق عليها.