الفلسطينيون يستحقون الأفضل

حمادة فراعنة - فشلت حركة حماس في أن تكون البديل عن منظمة التحرير الفلسطينية كجبهة وطنية تضم أغلبية قوى الشعب الفلسطيني السياسية ومنظماته المهنية وشخصياته الفاعلة، وحافظت منظمة التحرير على تمثيلها للشعب الفلسطيني، المعبرة عن إرادته وتطلعاته الوطنية.
ولكن مقابل فشل حماس، فشلت حركة فتح ومن معها في استعادة قطاع غزة إلى حضن الشرعية الفلسطينية، وإنهاء تفرد حماس وسيطرتها الأحادية على إدارة قطاع غزة.
ولهذا لا يوجد بديل عن فشل الطرفين، سوى البديل العملي الوطني عن سلسلة الاخفاقات وعناوين الانقسام، فالبديل عن الفشل والاخفاق هو: الشراكة، الشراكة بين مكونات وفصائل الشعب الفلسطيني السياسية في إطار منظمة التحرير وسلطتها الوطنية، لا فتح يمكنها إنهاء حماس، ولا حماس بديلاً عن فتح، وكلتاهما لا تملكان القدرة ولا الحضور لأن يكونان بديلاً عن الفصائل والأحزاب اليسارية والقومية، فالتنوع السياسي سمة أصيلة لدى الشعوب الحية، والشعب الفلسطيني لا يقل أهمية ورغبة بالتعددية وضرورتها انعكاساً للوعي والفهم والاجتهادات ومتطلبات الحياة.
لم يعد التباكي على مرارة الانقلاب وما خلفه من نكبة ثالثة على الشعب الفلسطيني ضرورياً، ولم تعد ملامة حركة حماس وتحميلها مسؤولية التداعيات والتراجع أمام العدو الذي يتقدم ويزرع مستعمراته ومستعمريه على أرض فلسطين مفيداً، ولم تعد محاكمة حماس والإخوان المسلمين مرجحة، ومن يُصر على ذلك، يتهرب من المسؤوليات المترتبة عليه في إيجاد البديل الخلاق لوحدة أدوات الكفاح الفلسطيني، في مواجهة العدو الوطني والقومي المتفوق في ميادين الصراع.
 ولذلك، ولأن العدو متفوق، لا يمكن هزيمته إلا بالوحدة الوطنية القائمة على الشراكة، فقد سبق وتمكن الشعب الفلسطيني من هزيمة المستعمرة الإسرائيلية المتفوقة في معركتي: الانتفاضة الأولى عام 1987، والانتفاضة الثانية عام 2000، والاستعجال في جني الثمار هو الذي جعل الانتفاضة الأولى مغدورة، وحول الانتفاضة الثانية إلى سيطرة منفردة، وتحولت الأولويات لدى طرفي المعادلة الفلسطينية إلى صراع على السلطة، وتقاسم الكعكة قبل نضوجها، وعلى الوظائف والاستئثار على اتخاذ القرار قبل استكمال مشوار حرية الوطن وتحقيق الانتصار. 
لقد زرع العدو بذور الانشقاق كما أقر علناً رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الشاباك يعقوب بيري، والجهاز نفسه هو الذي يغذي الآن كما قال نتنياهو أمام مؤتمر الليكود قبل انتخابات نيسان 2019، مخاطباً عصابته المجتمعين بقوله: «من منكم ضد إقامة دولة فلسطينية عليه أن يقف معي لتمرير المال إلى غزة «، هل ثمة وضوح أكثر من ذلك؟؟.
المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي واضح في إجراءاته وسياساته، بينما قادة المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، غارقون بالغموض والفردية والانقسام وأول خطوة انقسامية تسميتهم لأنفسهم حينما يجتمعون بقولهم: « اجتمعت القوى الوطنية والإسلامية» وكأن الوطنية نقيض الإسلامية أو إضافة لها، أو كأن الإسلامية غير الوطنية، والتسمية الواقعية هي «اجتماع القوى السياسية» التي تضم قوى وطنية وإسلامية وقومية ويسارية، فالادعاء بالأوصاف ليس له أساس التأكيد على الخيار والهوية، بل الفعل والعمل هو دلالة التمايز والتفوق، فالفرق بين ولادة حركة فتح مع ولادة الأحزاب السياسية الفاعلة بين صفوف الشعب الفلسطيني من الإخوان المسلمين والشيوعيين والبعثيين والقوميين العرب، يُقارب العشرين عاماً، ومع ذلك تفوقت فتح عليهم جميعاً بعد مبادرتها ودورها الكفاحي الذي جعلها بالموقع القيادي الأول بعد معركة الكرامة عام 1968، وقد سبق ولادة فتح قبل حماس حوالي ثلاثين عاماً، ومع ذلك تفوقت حماس على فتح بالانتخابات التشريعية عام 2006، وهذا يدلل على أن  الاستخلاص المفيد هو أن الناس مع الواقف الذي يعمل.