حركة حماس ما بين السوفسطائية والكمين الرابع
فادي ابو بكر - أشار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في حوار أجرته معه صحيفة القدس العربي بتاريخ 13 ديسمبر/ كانون الأول 2019، إلى أن «حركة حماس تجاوزت ثلاثة كمائن «استئصالية» كبيرة بحسب تعبيره، الأول يتمثل في محاولة الاحتلال الإسرائيلي تقويض قدرات حماس وفصائل المقاومة، والثاني هو الإعلام ممن لعبوا دوراً مبرمجاً في تشويه الحقائق وشيطنة الحركة. أما الكمين الثالث الذي تجاوزته حماس بحسب تحليل هنية تمثّل في الحرب الاقتصادية التي فرضتها أطراف مختلفة لمحاصرة قطاع غزة وضربت بنية الأنفاق وكان هدف «إسرائيل» تأليب العالم على حركة حماس وتجويع القطاع «. وفي نفس الحوار أكّد هنية: « أنه لا يوجد حوار ولا قنوات اتصال مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب».
فلسفة الحركة قائمة على «السوفسطائية» المتمثلة في المغالطة والجدل العقيم. حيث إن هنية قد صدق بنفيه وجود حوار وتواصل بين حركته والإدارة الأميركية، لأن شكل التواصل بينهما هو «تواصل بالوكالة»، وما إقامة مستشفى أميركي في قطاع غزة إلا خير برهان على هذا التواصل بغض النظر عن شكله.
إن هذه السوفسطائية الحمساوية التي تقوم على استعمال قوة الخطابة والبيان والبلاغة والحوار الخطابي أصبحت مكشوفة ومحروقة لدى الجميع، ويبدو أن هنية تناسى في حديثه عن الكمائن الاستئصالية أبناء شعبه في قطاع غزة الذين تختطفهم حركة حماس بقوة السلاح منذ أكثر من اثني عشر عاماً؛ أولئك الذين خرجوا في مسيرات احتجاجية حاشدة دعا لها الحراك الشبابي الشعبي «بدنا نعيش « في مارس/ آذار 2019 ضد الغلاء المعيشي وسياسة فرض الضرائب في قطاع غزة.
تعتقد حركة حماس أن الكمين الرابع لن يرى النور بعد تمكّنها من إخماد حراك «بدنا نعيش» بالقوة، ولكن كما يقول جان جاك روسو في كتابه «العقد الاجتماعي»: هناك استعداد دائم للتضحية بالحكومة في سبيل الشعب وليس بالشعب في سبيل الحكومة».
إن ثنائية السوفسطائية والقوة التي تنتهجها حركة حماس لن تنقذها من الكمين الاستئصالي الرابع، الذي يعدّه الشارع الفلسطيني لها، وعليه يجب أن تُسارع حركة حماس في إجراء مراجعات ذاتية جدّية، وصولاً إلى استصدار عفو عام من كافة مكونات الشعب الفلسطيني قبل فوات الأوان، وإلاّ ستكون عودتها إلى البيت الفلسطيني مرفوضة ومصيرها مجهولاً.
* كاتب وباحث فلسطيني