الانطواء الفكري !!!

 م. هاشم نايل المجالي - في كل مجتمع وكل هيئة او منظمة او حزب هناك قياديون منظرون وموجهون كونهم القدوة ، وهناك الربط بينه وبين المتلقي والذي يجب ان يستقبل المعلومة من القدوة بفكر وتحليل ومنطق لا ان يتلقاها بدون اعمال الفكر او تقييم او تحليل ، لأن ذلك سيؤدي الى عزلهم فكريا ًعن الواقع الحقيقي .
ان هذه الطريقة التي يستخدمها بعض القياديين والمسؤولين ظنا ًمنهم ان هذه الطريقة هي تحصين لهم من الافكار المختلفة ، هو في الحقيقة تصنع شخصيات هشة لا يمكن لها ان تقاوم اي هجمة فكرية ، ولا يقوى على المدافعة والمجادلة العلمية الفكرية ولا القدرة على المحاورة واقناع الغير .
ان العزلة الفكرية التي فيها البعض ليست طريقاً للحصانة بل هي ترك الباب مفتوحاً للاخرين بان يتسللوا وينشروا افكارهم المسمومة وارائهم السلبية لطرح الفتن وغيرها ، وهذا انعزال عن الواجب الوطني وانعزال عن حماية الوطن من الطروحات المسمومة .
اي ان العزلة الفكرية لا تبني رجالاً قادرين على مواجهة وقمع الاراء الضالة بشكل منطقي ، بل تدفع نحو السطحية قوامها السب والشتم دون محاورة لبيان العديد من المواضيع والاحداث بشكل مزيف ومغلوط وبعيداً عن الحقيقة ، ولا يواجه بأي حاجز صد او من يضحد هذه الافتراءات والاكاذيب فيزرع في مخيلة البعض فيروسات تعشعش في عقله وتلوث فكره ، وهناك من يخاف ان ينقدها حفاظاً على شخصيته المرموقة .
لذلك نجد ان هؤلاء المتمردين تزداد قوتهم ، فان لم يكن هناك قياديون يستطيعون مواجهة تلك الهجمات فان الابواب ستشرع ، ان هذه هي مأساة التلقين دون منحهم الكفاءة والقدرة على الرد والمواجهة بمنهجية ، والقدرة على التمييز بين الحق والباطل والصح والغلط .
فالقياديون هم المقياس للحق وعلينا بناء عقول ذات ولاء وانتماء حقيقي ، عقول مفكرة ومحللة قادرة على استيعاب كل ما يدور من حولنا من مكائن وشراك ، وقادرة على فهم مفهوم الخلاف وآلية الخروج من الازمات بعيداً عن التعصب الاعمى .
فالرؤية الحقيقية لأي طرح تنير البصيرة وترقي بالانسان نحو القمة وتحسين وتهذيب لأي طرح سلبي وان لا نخاف من مواجهة كل من يطرح باطلاً وان ننزوي بعيداً عن مواجهته ، فالحق والحقيقة تمحق الباطل وتزهقه قال تعالى ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق ) ، فالباطل لم يعلو لقوته وانما لانزواء اهل الحق وبعدهم عن مواجهته وهم يملكون الحجة والبرهان .