ثلاث قوى إقليمية

محمد سلامة - ثلاث قوى إقليمية تتنافس على مد نفوذها والهيمنة على الشرق الأوسط وهي تركيا وإيران إلى جانب إسرائيل، والأخيرة تحظى بدعم أمريكي لا حدود له  وقبول روسي، فيما طهران وضعت أقدامها في أربعة عواصم عربية ونجحت في افشال الربيع اللبناني والعراقي وتثبيت أقدامها في سورية واليمن،  فيما انقرة تواجه محاولات لكسر رجل زعيمها الحالم اردوغان قبل أن يضعها في أي مكان. 
للأسف لا يوجد مشروع عربي لمواجهة المشروعين التركي والإيراني ، وإسرائيل تحاول بطريقتها كسر ارجل إيران وتركيا لافشال مشاريعهما في المنطقة، وهذا وراء اشتداد الاقتتال في ليبيا للسيطرة على العاصمة طرابلس،  واستمرار انتفاضة الشعبين العراقي واللبناني، وما يجري في اليمن ودول أخرى.
واشنطن وطهران وراء ما يجري في لبنان والعراق، وواضح ان المشروع الإيراني تمكن من سد البوابة الأمريكية وكسر رجليها في بغداد وبيروت وإيصال الانتفاضتين إلى طريق مسدود،  فمطالب الجماهير انتهت بتشكيل حكومة لبنانية ليس من مهامها إزاحة الطبقة السياسية وتصفية سلاح حزب الله وإقامة دولة مواطنة لكل اللبنانيين بعيدا عن المحاصصة الطائفية ، وذات المشهد سوف يتكرر في بغداد،  ولن تستطيع واشنطن وحلفاؤها في المنطقة فعل شيء أمام الدهاء والخبث السياسي الإيراني.  
تركيا اردوغان وجدت نفسها أمام تغول ايراني وإسرائيلي في عواصم المنطقة، فاتجهت تبحث عن مصالحها وإقامة تحالفات مع قوى مؤيدة لها، واستفادت من أخطاء غيرها، وهي الآن تضع أرجلها في ليبيا لتثبيت مصالحها، وقبل ذلك حاولت مع السودان، وتتطلع إلى أن تاخذ حصتها من نفط وغاز البحر المتوسط، واضطرت أن تجامل موسكو وتتقرب اليها كون حليفتها واشنطن تعمل على كسر رجلها في العلن والسر سواء بدعم الاكراد المناوئين لها أو بالتصدي لسياساتها بفرض عقوبات اقتصادية عليها واقرار ادانتها على ابادة الأرمن من قبل الكونغرس الأمريكي. 
اردوغان يسابق الزمن في رغبته بانتزاع حصة مناسبة له من كعكة الإقليم ، ولا يخاف التهديدات، ويتجه إلى طرابلس الغرب  محاولا تثبيت حكومة الوفاق المعترف بها دوليا وبالتالي ضمها إلى مناطق مصالحه، فخسارته سوريا وانكساره لصالح روسيا بوتين دفعته إلى مناطق أخرى. 
مشكلة اردوغان أنه دخل في اللعبة السياسية الإقليمية متأخرا ، ومع بداية الأزمة السورية في 2011م، في حين كانت إيران تحكم  هيمنتها على العراق وقبله لبنان، كما ان  روسيا وأمريكا واوروبا وإسرائيل يعملون  على كسر رجله بالتعاون مع دول وازنة، والكل يعمل لمصالحه باستثناء العرب ، فالمعارك على أرضهم وثرواتهم وخيراتهم ويتقاتلون مع هذا وضد ذاك ولمصلحة الآخرين. 
إسرائيل أخذت حصتها من الكعكة سواء في نفط وغاز البحر المتوسط أو في الهيمنة على ما تريد وخاصة  في فلسطين ،وإيران  ما زالت تقاتل رغم العقوبات الاقتصادية الأمريكية عليها واخذت اضعاف ما تريده،  وتتحالف مع روسيا لتمرير مصالحها السياسية والاقتصادية في المنطقة، ونجحت في تثبيت أرجلها بعواصم عربية مهمة وباتت على البحر المتوسط،  فيما تركيا تحاول أن تاخذ ما تبقى لها، والكل يحاربها ويسعى ليس الى كسر رجل زعيمها اردوغان الحالم بل الى اسقاطها وإخراجها من اللعبة نهائيا ... ويبقى السؤال..هل تتمكن من تثبيت اقدامها في ليبيا وما يعنيه ذلك من نفوذ وهيمنة ومصالح تجعلها قوة منافسة لاوروبا وروسيا في الشرق الأوسط؟! .