اتفاق يوناني قبرصي لنقل غاز إسرائيل لأوروبا
بعد أسابيع من توقيع تركيا وليبيا اتفاقا لترسيم الحدود البحرية بالبحر المتوسط، قررت اليونان وقبرص وإسرائيل إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز لأوروبا.
ويوقع رئيسا وزراء اليونان وإسرائيل والرئيس القبرصي، في كانون الثاني 2020، اتفاقا في أثينا لمد خط الأنابيب (إيست ميد)، بجانب إيطاليا أيضا.
الاتفاق المزمع بين إسرائيل واليونان وقبرص، يثير التساؤلات حول مدى تأثيره على خط الغاز الإسرائيلي المصري، وخطط القاهرة لتصدير الغاز إلى أوروبا.
كما تثار التكهنات بشأن مصير الاتفاقات التي عقدها السيسي مع اليونان وقبرص، واحتمالات حدوث تضارب بين حلفاء القاهرة، وأثينا، ونيقوسيا، وتل أبيب، على إثره تم استبعاد مصر.
"لا علاقة لعقد مصر بالتصدير لأوروبا"
وفي تعليقه، قال الخبير الأممي والاقتصادي المصري، الدكتور إبراهيم نوار، إنه "بالتأكيد توجد مشاكل بسبب خريطة الترسيم البحرية بين تركيا وليبيا، خصوصا فيما يتعلق بالمياه حول جزيرة كريت، إضافة إلى قبرص".
نوار أكد أن "الصراع الحقيقي بين تركيا من جهة واليونان وإسرائيل من جهة أخرى؛ بسبب خط غاز شرق المتوسط، الذي يستهدف نقل الغاز بصورته الطبيعية لليونان ومنها لأوروبا الغربية"، وفقا لصحيفة "عربي21".
ويعتقد أن "هذا الخط من شأنه أن يقلل أهمية تركيا كمركز إقليمي لمرور الطاقة لأوروبا الغربية".
وبالنسبة لمصر، أوضح الخبير المصري أن "الصادرات حتى الآن؛ هي الغاز المسال وليس الغاز الطبيعي، إلا إذا اشتركت مصر بخط أنابيب الغاز المقترح بين شرق المتوسط وأوروبا".
وفي محاولة لفهم مصير الغاز الإسرائيلي المصدر لمصر، ومدى وجود تعارض بين الخط الإسرائيلي المصري والإسرائيلي اليوناني، أكد نوار أن "العقد مع مصر شيء، والتصدير لأوروبا شيء آخر".
"مصر التي استبعدت نفسها"
وبسؤاله: هل قام حلفاء مصر الثلاثة إسرائيل واليونان وقبرص باستبعادها؟ قال الخبير بالقانون الدولي والعلاقات الدولية الدكتور السيد أبوالخير: "مصر التي استبعدت نفسها بتنازلها عن مناطق تملكها بالمنطقة الاقتصادية الخالصة لليونان وقبرص والاحتلال الصهيوني".
أبوالخير أكد أن "الخط المزمع إقامته طبقا للاتفاقيات السابقة ملك لهم، وليس لمصر حق فيه"، موضحا أنه "وطبقا للقانون الدولي للبحار، فإن هذه المناطق ملك لمصر، وهي تنازلت عنها".
ووفق رؤيته، شدد الخبير المصري أن "هذا التنازل غير شرعي وغير قانوني، حسب القانون الدولي"، معللا ذلك بأنه "تنازل عن حق لا يملكه من تنازل عنه (السيسي) كونه مغتصبا للسلطة".
وختم بقوله: "لذلك تجد أن اتفاقيات مصر واليونان وقبرص، لم توضع نسخة منها بالأمم المتحدة، لمخالفتها الصريحة لاتفاقية قانون البحار (جامايكا 1982)".
"دعاية ضد تركيا.. وخطط مصر مكلفة"
وقال المحاضر بجامعة سكاريا التركية، الدكتور محمد الزواوي، إن "تلك الخطوة تأتي في إطار حرب دعائية تشنها تلك الدول ضد تركيا؛ فهذا الخط طالما استُخدم كفزاعة لأنقرة، بالرغم من أنه حتى الآن غير قابل للتنفيذ؛ لعدم موافقة إيطاليا منذ بداية الحديث عنه في نيسان 2019".
الباحث والأكاديمي المصري أوضح أن "إيطاليا ترفض استكمال هذا الخط من اليونان عبر أراضيها، لسببين، أولهما: أنها تفضل الخط عبر الأدرياتيكي القادم من أذربيجان عبر تركيا ثم اليونان للأراضي الإيطالية، وتقول إن غاز شرق المتوسط يمكن أن يأتي عبر ذلك الخط"، وفقا لصحيفة "عربي21".
وأشار إلى أن السبب الثاني هو أن إيطاليا "تريد تقليل الاعتماد على الطاقة الهيدروكربونية، وعمل خطة بحث تمنحها اكتفاء ذاتيا من الطاقة المتجددة بحلول عام 2050، ومن ثم فإن إيطاليا العقبة الرئيسية دون استكمال هذا المشروع".
وأضاف الزواوي أن "الأنباء الراهنة التي تقول إن ذلك الخط سيتم استكماله بعد توقيع إيطاليا لم تتضح حتى الآن، ولا توجد أنباء حول تراجع إيطاليا عن قرارها، وما يثار حوله الآن هو لاستخدامه كأداة دعائية ضد تركيا، بعد توقيعها للاتفاق الأمني وترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق بطرابلس الليبية".
وفيما يتعلق باستثناء مصر من تلك الاتفاقية، يرى أستاذ العلوم السياسية أن "مصر ينظر إليها بالأساس كسوق مستهلكة للغاز، بالرغم من الاحتياطات الهائلة المكتشفة؛ فحتى حصة شركة (إيني) من غاز حقل ظهر، التي تبلغ 40 بالمئة نظير تكلفة الاستخراج ثم 30 بالمئة من الـ60 بالمئة الباقية، فإن معظمها يعود مرة ثانية للسوق المصرية المتعطشة للغاز، التي قامت بالرغم من الاكتشافات الكبرى باستيراد الغاز من إسرائيل كذلك".
وأوضح أن "خطط تسييل الغاز بمحطتي إدكو ودمياط وتصديره لأوروبا، كلها خطط مغرقة في الطموح؛ نظرا للتكلفة العالية جدا مقارنة بالغاز القادم من أذربيجان لأوروبا عبر تركيا، والقادم من روسيا عبر تركيا لشرق أوروبا، وكذلك السيل الشمالي Nord Stream القادم من روسيا لألمانيا".