الإنتخابات هي الحل ولكن ...!

الإنتخابات هي الحل ولكن ...!
بقلم د. عبد الرحيم جاموس
الإنتخابات هي الوسيلة المثلى التي تلجأ إليها كافة الدول الديمقراطية في الأوضاع الطبيعية لتداول السلطة، كما في الأوضاع غير الطبيعية، لمواجهة الأزمات والإستعصاء السياسي والدستوري التي قد تتعرض إليها نظمها ومؤسساتها من تشريعية أو تنفيذية، ولكن إضافة إلى الأوضاع الإستثنائية للنظام السياسي الفلسطيني الناتجة عن ظروف الإحتلال، فقد دخل في مأزق سياسي ودستوري منذ أقدمت حركة حماس على تنفيذ إنقلابها في 15/6/2007م، وتمردها على النظام، وإنفرادها كحركة سياسية في السيطرة على قطاع غزة، مما حال دون إجراء الإنتخابات في وقتها وحرم الشعب الفلسطيني من حقه الدستوري في المشاركة السياسية من خلال الإنتخابات التي باتت معطلة منذ ذلك الحين، وبعد فشل كافة الجهود التي بذلها الأشقاء والأصدقاء لإنهاء حالة الإنقسام الناتجة عن الإنقلاب، كان لابد أن يكون هناك دور للقانون وللمؤسسات القضائية في إنهاء هذا الوضع الشاذ، فكان قرار المحكمة الدستورية الذي مرّ عليه اليوم عام كامل والذي أعلن عنه في 22/12/2018م والقاضي بحل المجلس التشريعي الذي كانت تتذرع به حركة حماس للتغطية على إستمرار إنقلابها وتفردها في حكم قطاع غزة، راهنة الشعب الفلسطيني وقضيته لعامل الزمن، وما يفرزه من تغيرات سياسية في الإقليم تدعم هذا التفرد، فجاء قرار المحكمة الدستورية في هذا الشأن ليقطع هذا الرهان بنصه على حلّ المجلس التشريعي وأن يتم إجراء الإنتخابات في غضون ستة أشهر، ولكن الظروف الإستثنائية للشعب الفلسطيني وللنظام السياسي الفلسطيني تتوجب توافر عدة عوامل داخلية وخارجية حتى يتم إجراء الإنتخابات، وأولها التوافقات الفصائلية والداخلية للقوى الفلسطينية على إجراءها، ثم توافر العوامل الخارجية الداعمة لها من الأشقاء والأصدقاء، وإذا ما تأمن هذين العاملين، يبقى الشرط الثالث الذي يتحكم فيه المحتل كي تتم الإنتخابات في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة (قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية) كوحدة جغرافية واحدة، وحيث أن العدو يحاول إستثناء القدس منها إلا أن الموقف الفلسطيني الثابت منها يرفض رفضا تاما إستثناءها، من أي إنتخابات تشريعية أو رئاسية، فعندما تزول العوائق والموانع من إتمام إجراء ذلك، سوف يصدر عن الرئيس الفلسطيني المرسوم الذي سيحدد فيه موعد إجراء الإنتخابات من تشريعية ورئاسية.
من هنا جاء سعي الرئيس الفلسطيني لإنضاج الظروف السياسية والقانونية (لتنفيذ توجيه وقرار المحكمة الدستورية بإجراء الإنتخابات خلال ستة أشهر) فقد أعلن ذلك في خطابه بالجمعية العامة في سبتمبر الماضي وواصل جهوده مع الفصائل والقوى الوطنية ومع الأشقاء والأصدقاء لإنضاج بقية الشروط اللازمة لإجراء تلك الإنتخابات بحيث تكون شاملة للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، حيث أن الأراضي الفلسطينية لازالت تحت سيطرة الإحتلال، وهكذا فقد توصلت كافة الفصائل بما فيها حركة حماس على إجراء الإنتخابات والإحتكام لنتائجها لإنهاء الإنقلاب وإخراج النظام السياسي الفلسطيني من أزمته التي أحدثها الإنقلاب، وأن يكون صندوق الإقتراع والإنتخابات وما تفرزه من نتائج هي الآلية النزيهة والشفافة لإستعادة الوحدة الوطنية وإستعادة وحدة النظام السياسي وفعاليته وتحقيق الشراكة السياسية النظامية والنضالية والوطنية بين كافة مكونات الحياة السياسية والنضالية الفلسطينية على طريق تحقيق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني.
فالإنتخابات هي الحل، ولا مصلحة تعلو على المصلحة الوطنية والوحدة الوطنية ووحدة الشعب الفلسطيني ووحدة أراضيه كوحدة جغرافية واحدة غير قابلة للتجزئة والإنقسام.
د. عبد الرحيم محمود جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
E-mail: pcommety @ hotmail.com
الرياض 23/12/2019م