أول الرصاص أول الحجارة
حمادة فراعنة -يحق للفتحاويين أن يتباهوا بما حققوه، بعد أكثر من نصف قرن من النضال والتضحيات والوجع والإنجاز، يحق للذين بقوا على قيد الحياة، يُشاركهم أولئك الذين فقدوا أحبتهم في المواجهات والصدام ومعترك الأيام، زوجات الشهداء وأولادهم وبناتهم وعائلاتهم، عزاؤهم ثمناً لما تحقق، ووجعهم في الإخفاق الذي منع استكمال طريقهم وصولاً إلى فلسطين وحريتها، واستقلال مقدساتها، ورفرفة عملها وعودة المشردين من لاجئي مخيماتها.
يحق للفتحاويين الذين بادروا وسجلوا أنهم أول الرصاص وأول الحجارة فكان لهم:
أولاً: استعادة الهوية الوطنية الفلسطينية التي جمعتهم بعد التبديد والتمزيق والتشتيت.
ثانياً: الإسهام في ولادة المؤسسة التمثيلية الموحدة منظمة التحرير وتطوير مؤسساتها وجعلها جبهة وطنية جامعة لكل أدوات وفصائل وأحزاب وشخصيات الفعل داخل الوطن وخارجه، فكان لهم الاعتراف الوطني والعربي والدولي، بمكانة المنظمة ممثلاً شرعياً وحيداً للعشب الفلسطيني مجسدة طموحاته وأماله ووفية لمصالحه وحقوقه.
ثالثاً: إحياء حقوق الشعب الفلسطيني الأساسية المعبر عنها دولياً بقراري الأمم المتحدة: حقه في الدولة وفق القرار 181، وحقه في العودة وفق القرار 194.
والإنجاز الرابع نقل العنوان والقضية من المنفى إلى الوطن بفعل الانتفاضة الأولى ونتائجها التي أرغمت إسحق رابين على الاعتراف بـ: الشعب الفلسطيني وبمنظمة التحرير وبالحقوق السياسية المشروعة، وعلى أرضية هذا الاعتراف الإسرائيلي الأميركي تم: 1- الانسحاب الإسرائيلي التدريجي من المدن الفلسطينية بدءاً من غزة وأريحا أولاً، 2- ولادة السلطة الفلسطينية كمقدمة تمهيدية لقيام الدولة المستقلة على أرض فلسطين، 3- عودة الرئيس الراحل ياسر عرفات ومعه قيادات ومؤسسات منظمة التحرير من المنفى إلى الوطن، ولم تتم هذه الحصيلة نتيجة الوعي الإسرائيلي أو الكرم أو حُسن الأخلاق، بل بفعل النضال والتضحيات الجسيمة من خيرة القيادات التي بادرت وصنعت الفعل وجسدته على الأرض وفرضت على العدو التسليم بما قدمه من تنازلات بفعل الحقائق البديلة التي فرضت عليه التسليم بها، وهو يعمل اليوم على إفراغها من مضامينها.
أما الإنجاز الخامس والأخير فهو قبول دولة فلسطين عضواً مراقباً لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29/11/2012، وتداعيات ذلك قبولها لدى مختلف المؤسسات واللجان الدولية واستحقاقاتها على حساب المستعمرة الإسرائيلية من اليونسكو وليس انتهاءاً بقرار المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية يوم الجمعة 27/12/2019، بقبول الإحالة الفلسطينية حول وجود جرائم حرب وانتهاكات ضد الإنسان الفلسطيني من قبل جيش وأجهزة ورموز المؤسسات العسكرية والأمنية والسياسية الإسرائيلية.
بعد أكثر من خمسين سنة يحق لحركة فتح بقياداتها وقواعدها ومحبيها أن يفخروا، ولكن الحسبة لم تقتصر على الإنجاز بل ثمة عناوين قاسية مؤذية من الاخفاق جعلت المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني برمته في حال تراجع وإحباط وحصيلته الانقسام:
1- فشل فتح في الانتخابات البلدية عام 2005، 2- وفشلها في الانتخابات التشريعية عام 2006، 3- فشلها في مواجهة الانقلاب والانقسام عام 2007، 4- فشلها في استعادة قطاع غزة إلى حضن الشرعية المستوجبة، 5 – أما الاخفاق الأخير فهو فشلها في جمع تسعة أصوات مؤيدة لقبول طلبها في مجلس الأمن كعضو عامل لدى الأمم المتحدة منذ سنة 2009 حتى اليوم، ولذلك لا يتبجح أي من أعضاء اللجنة المركزية ويتمتع ببطاقة V.I.P، أنه أنجز ما أنجز، فالتنسيق الأمني هو عنوان المرحلة، وسوادها، مثلما وقع قادة حماس في ورطة التهدئة الأمنية المماثلة وشروطها، يستمدون شرعية سلطتهم منها، بعيداً عن تزويق الكلمات ومفردات التضليل وإيقاف مسيرات العودة ثمناً لها.