القصة الكاملة لمقتل قاسم سلمياني وحقيقة الانقلاب الشيعي في العراق ومكالمة ترامب التهديدية
هارون محمد
في التقارير الصحفية الامريكية، ان الرئيس ترامب، كان يمارس لعبة الـ(غولف) في منتجعه بولاية فلوريدا، قبل احتفالات رأس السنة الجديدة، عندما تلقى اتصالا من وزير خارجيته بومبيو، يبلغه باستعدادات المليشيات التابعة لايران لمحاصرة السفارة الامريكية ببغداد، وانه، أي الوزير، هاتف رئيس الحكومة العراقية المستقيلة عادل عبدالمهدي، فوجده بارداً في حديثه، ومتردداً في اصدار قرار يمنع المليشيات من الوصول الى مجمع السفارة، وهنا طلب الرئيس الامريكي من مساعديه ايصاله بعبدالمهدي، هاتفياً، وكلمه لمدة دقيقة واحدة كان فيها هو المتحدث الوحيد، ثم عاد الى ممارسة رياضته المفضلة.
جرى هذا كله، صبيحة (الثلاثاء) الماضي، بالتوقيت المحلي العراقي، وعقب انتهاء المكالمة الهاتفية الترامبية مع عبدالمهدي، بقليل، كانت المليشيات قد عبرت الجسر المعلق، وتجمهرت في محيط السفارة الجانبي، يتقدمها هادي العامري وابو مهدي المهندس وقيس الخزعلي وحامد الجزائري وفالح الفياض، وقد انتفخت أوداجهم، وهم يحرضون أتباعهم، على الهجوم على السفارة، ولكنهم، على حين غرة، اختفوا وتركوا الرعاع يلطمون، بعد ان تلقى أحدهم، تبين أنه المهندس، رسالة شفوية عاجلة من عبدالمهدي، حملها الفريق عبدالامير يارالله، نائب رئيس القوات المشتركة، بعد فشل رئيس الحكومة المستقيله، في الاتصال به هاتفياً، وفيها تحذير، بضرورة الانسحاب، والا فان (مصيبة) ستحدث!.
وكان واضحاً ان رسالة عبدالمهدي، وضعت قادة فصائل الحشد، بفحوى مكالمة ترامب، وعلى اثرها، أصدروا أوامرهم الى اتباعهم، بالانصراف ونقل تظاهراتهم الى شارع ابي نؤاس، حيث الخضرة والماء والحشيش الايراني، لان (الرسالة وصلت الى واشنطن)!، كما قال الخزعلي، الذي استبدل، حرف (من) واشنطن، الى واشنطن، وهو مثل قادة الحشد الآخرين، استاذ في التحريف والتزييف.
وبالتأكيد، فان الايام القليلة المقبلة، ستكشف ماذا قال ترامب لعبدالمهدي، في مكالمته القصيرة، وكيف استجاب الاخير، لها مباشرة، مع ان الداني والقاصي، فهم مضمونها (على الطاير) وربما كانت عبارة أو عبارتين لا أكثر، وكانت النتيجة، ان عبدالمهدي دعا ربعه إلى فض الحصار، (ويا معودين ما بيّنا حيل) !.
ان محاولة حصار السفارة الامريكية في المنطقة الخضراء ببغداد، وقد انتهت الى انسحاب من شارك فيها، وهروب من نظمها، كانت تمثل الصفحة الثانية، من شبه انقلاب عسكري ايراني، خطط له، الجنرال قاسم سليماني، المقيم في العاصمة العراقية، منذ أربعة أسابيع، للاشراف على مشاورات تأليف حكومة جديدة تخلف حكومة عبدالمهدي المستقيلة، وفي التفاصيل، فان الصفحة الاولى من المحاولة الانقلابية بدأت، يوم الخميس، السادس والعشرين من الشهر الماضي، عندما أصدر رئيس حكومة تصريف الاعمال أمراً ديوانياً، مخالفاً للقوانين، بتعيين الفريق (الدمج) تحسين عبد عبودي، الملقب (ابو منتظر الحسيني) قائداً للفرقة الخاصة بحماية المنطقة الخضراء، وقد ثبت انه أمر بفتح بوابة المنطقة الخضراء، من جهة الجسر المعلق، أمام تدفق الغوغاء، الذين حملوا رايات مليشياتهم، وصور قادتهم، ولم يُشاهد العلم العراقي على الاطلاق، في حين ردد الاوباش هتافات (ايران حرة حرة) وليس بغداد، لاحظوا أخلاق العبيد!، في حين كتب آخرون على سياج السفارة، شعارات مبتذلة، مثل (سليماني قائدي).
وقد تبين، لاحقاً، ان العامري والمهندس والخزعلي والجزائري والفياض، انسحبوا من التظاهرة، بعد ان ظهرت طائرتا هليكوبتر من نوع (اباتشي) في فضاء المنطقة الخضراء، تحومان فوق مجمع السفارة، تزامناً مع رسالة عبدالمهدي التحذيرية لهم، مما أدى الى انهيار خطتهم الانقلابية، إيرانية التخطيط والتنفيذ، التي نسج صفحاتها، وحاك فصولها، الجنرال قاسم سليماني، وكانت تتضمن، وفقاً لأوساط مقربة من رئيس الجمهورية برهم صالح، محاصرة السفارة الامريكية كمرحلة أولى، والمرابطة في محيطها، كما وضح ذلك من تثبيت الخيم والسرادقات، ونصب قدور (الهريسة)، تليها المرحلة الثانية من الانقلاب، وتتمثل في احتلال الفريق (الدمج) تحسين عبد المنطقة الخضراء بالكامل، ومنع الخروج منها، والسيطرة على مقرات الرئاسات الثلاث، وتطويق السفارات الاجنبية، والايحاء بان هذه الاجراءات رسمية، كون تحسين يقود قوات (نظامية)، ثم ينصرف الى فرض الاقامة الاجبارية على برهم صالح، ومنعه من مغادرة بغداد، واجباره على تكليف من ترشحه المليشيات لرئاسة الحكومة الجديدة، وبهذا الصدد، يُنقل عن مستشار في رئاسة الجمهورية، تحدث الى عدد من النواب الكرد والسنة، ان وزير الخارجية الامريكي، هاتف صالح في ساعة مبكرة من يوم الثلاثاء، الحادي والثلاثين من الشهر الماضي، وأخبره بخطة قادة المليشيات، ودعاه الى الثبات في المواجهة معهم، وتهيئة اللواء الرئاسي لصد هجوم مسلح محتمل على مقره.
وتضمن سيناريو الانقلاب الايراني ايضاً، كما ذكرت مصادر نيابية لها صلات مع نواب كتلة (الفتح) برئاسة هادي العامري، الاعلان عن حل مجلس النواب، في عملية خداع، (استجابة لمطاليب المتظاهرين السلميين)، ودعوتهم الى الانسحاب من ساحة التحرير في بغداد، وميادين الاعتصام في المحافظات، والتعهد الصوري، بتشكيل حكومة مؤقتة، تهيء لانتخابات مبكرة، كما يطالبون!
وقد صار بيناً، ان هذه التفاصيل كلها بُحثت، بين الجنرال الايراني، ومساعديه (العراقيين) على أساس ان الامريكان سيهتمون بقضية دبلوماسيي سفارتهم وموظفيها المحاصرين، التي تمثل أولوية لهم، وسيضطرون الى التفاوض، وفتح قنوات سرية، مع (الوضع الجديد) لتأمين سلامتهم، والحفاظ على أرواحهم، خصوصاً وان نهاية العام 2020، ستشهد انتخابات رئاسية، وان ترامب منشغل بحل مشكلاته مع الحزب الديمقراطي، ومضطر الى التهدئة، وعدم التصعيد، لضمان فوزه بولاية ثانية من دون ان ينتبه سليماني الخرف الى ان ترامب يحتاج بالفعل الى حدث خارجي يتدخل فيه ليعزز من خلاله مكانته، ويدعم حملته الانتخابية، وقد حصل ذلك، كما هو واضح، في آخر يوم من العام الماضي، وسقط الجنرال الدجال، الذي يصفه عملاء ايران بانه (عبقري) في وحل هزيمته.
وليس دفاعاً عن الامريكيين، وهم من سلّم العراق الى الايرانيين في عهد الرئيسين جورج دبليو بوش، وباراك اوباما، والاول منهما، هو من استورد عدداً من جواسيس ايران، ونصبّهم رؤساء ووزراء وقادة ومسؤولين، وسمح لـ(التوابين) الخونة ومنهم، الملازم الهارب فالح عبد عبودي (ابو منتظر الحسيني) بتسنم مواقع رفيعة ومناصب عالية، ولكن مصالحهم في العراق والمنطقة، في المرحلة الراهنة، تحتم عليهم ان يحجّموا ايران، وأن لا يسمحوا لها بالتمدد أكثر، كما ان الادارة الامريكية الحالية، تسعى الى طي صفحتي، بوش واوباما، في العراق، والافلات من المسؤولية الدولية والقانونية، التي تتحملها أمريكا، عن احتلالها للعراق، وتداعيات سياساتها الهوجاء، ما بعد نيسان 2003.
لقد أثبتت، أحداث اليوم الاخير، من العام الماضي، أن قادة المليشيات الايرانية، جبناء تماماً، فاذا كانت مكالمة هاتفية قصيرة من ترامب، وتحليق طائرتي هليكوبتر في الاجواء، أنتجت هذا الخوف والجزع في نفوسهم، وأحبطت محاولة انقلابهم، فكيف اذا تحرك رتل أمريكي في شوارع المنطقة الخضراء؟
أغلب الظن انهم سيرفعون ألبستهم الداخلية، وخصوصاً (التحتية) منها، كرايات استسلام، لانهم خوافون وتافهون، بينما هم ضباع متوحشة على المواطنين الامنين، والابرياء والمساكين.