الإنتخابات والقدس ماذا تعني ..!

الإنتخابات والقدس ماذا تعني ..!
بقلم د. عبدالرحيم جاموس
يبدو أن اليمين الصهيوني الحاكم والمعارض في (المستعمرة الإسرائيلية) متفق ومصممٌ على تدمير كل أمل أو جهد نحو التوصل إلى تسوية سياسية مع الطرف الفلسطيني، إضافة إلى جملة الإجراءات الأحادية التي اتخذتها سلطات (المستعمرة الاسرائيلية)، يأتي الإعلان يوم السبت 28/12/2019 م عن تجاهلها أو رفضها للطلب المقدم إليها من السلطة الفلسطينية بشأن الموافقة على إجراء الإنتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية، كما جَرَّت في المرات السابقة في القدس وبقية أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة، تأكيدٌ جديد على نسفها لكافة الأسس التي انطلقت على أساسها عملية التسوية، والقائمة على أساس القرار 242 والقرار 338 ومبدأ الأرض مقابل السلام، والتي انطلقت من مؤتمر مدريد لسنة 1991م، بمشاركة دولية واسعة وما نتج عنها من (اتفاق الحكم الذاتي المؤقت والمحدود) على أن يتبعه مفاوضات حول الوضع النهائي، للتوصل إلى إتفاق سلام أو تسوية نهائية، وقد عملت الحكومات المتعاقبة على الحكم في (المستعمرة الاسرائيلية) على التهرب من جميع تلك الاستحقاقات، متحدية فيها القرارات الدولية والقانون الدولي وخطة خارطة الطريق، التي سبق أن اعتمدها مجلس الأمن والتي تقوم على أساس مبدأ حل الدولتين، وما تلاها من تغيرات وإحداث وقائع على الأرض تحول دون تنفيذ خطة خارطة الطريق، وقد شجعها على المضي في هذه السياسة مواقف الادارة الأمريكية الحالية برئاسة دونالد ترامب، والمنحازة بل المتبنية لرؤى اليمين الصهيوني كاملة من كافة قضايا الوضع النهائي، سواء في مسألة الحدود والاستيطان أو القدس وغيرها، والتي اعتبرتها إدارة ترامب عاصمة للكيان الصهيوني واتمت إجراء نقل السفارة الأمريكية إليها، لذا لم نفاجأ من الموقف السلبي من الطلب الفلسطيني بشأن إجراء الإنتخابات في القدس والذي أعلن عنه من قبل الاعلام الاسرائيلي.
حقيقة إن القدس تمثل الحلقة الرئيسية في الصراع الجاري، وهي غير قابلة للمساومة من الجانب الفلسطيني والعربي، الذي رفض كافة الاجراءات الأحادية التي أقدمت عليها سلطات الإحتلال بشأن القدس وغيرها من قضايا الوضع النهائي ...
سيبقى الجانب الفلسطيني الرافض لتلك الإجراءات يعتبر القدس جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي عاصمة الدولة الفلسطينية التي قبلت عضوا مراقبا في الأمم المتحدة بموجب القرار 19/67 ، وتأكيدُ رفضه لإجراء الإنتخابات العامة في المناطق الفلسطينة الأخرى دون القدس، يعدُ موقفا صائبا ومبدئيا، لأن التراخي فيه سيعتبرُ تسليم من جانبه بما اتخذ من إجراءات ومواقف أحادية من قبل الجانب الاسرائيلي بشأن القدس، كما أن إقرار السلطات الاسرائيلية بإجراء الإنتخابات الفلسطينية في القدس يُعدُ اقراراً من جانبها بأن القدس جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة وينطبق عليها ما ينطبق على بقية الأراضي المحتلة والتي يجب إنهاء إحتلالهِ لها ....
الإنتخابات بحدِ ذاتها تعدُ عملاً من أعمال السيادة، ومن هنا تُبرِزُ الإنتخابات الرمزية الأوضح للتعبير عن هوية القدس الفلسطينية، ومصيرها كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة التي ستقوم بعد زوال الإحتلال.
إن القبول بإجراء الإنتخابات بدون القدس، يعني تساوقا تاماً وجلياً مع مواقف وسياسات الإحتلال إزاء القدس، وإخراجٌ لها سلفاً ومقدماً من أي مفاوضات مستقبلية.
هكذا فإن المعركة الرئيسية هي في القدس وعلى القدس، وعلى ذلك يتوقف مصير العملية السلمية بمجملها، فلا إنتخابات عامة بدون القدس، كما لا دولة فلسطينية مستقلة مستقبلا بدون القدس الشرقية كاملة بمقدساتها وأحيائها المختلفة وسكانها عاصمة لهذه الدولة.
د. عبدالرحيم محمود جاموس
عضوالمجلس الوطني الفلسطيني
عضو المجلس الاستشاري لحركة فتح
الرياض 29/12/2019م