إيران بعد مقتل سليماني
فارس الحباشنة -الكل يتابع باهتمام بالغ واقعة مقتل قائد الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني، والاسئلة يتلاحق تناسلها عن الرد الايراني، وكيف سيكون ومتى واين؟
واشنطن اطلقت رصاصة مدوية في قلب المشروع الايراني الممتد في الاقليم من سورية الى العراق واليمن ولبنان. الطلقة الامريكية حركت دينامية عزل ايران عن الاقليم، واعادتها الى مربع ما قبل الثورة الاسلامية 79، والدور الحيادي.
الادارة الامريكية الحالية خرجت من وضعها الملتبس ازاء العلاقة مع طهران. وترامب الذي الغى الاتفاق النووي المبرم في عهد الرئيس الامريكي الاسبق اوباما قلب كل المعادلات بعد مقتل سليماني، وباسلوب جديد.
فالرهان في العلاقة مع ايران كما يبدو مفتوح على خيارين: انتظار الرد الايراني اولا، وجلب الايرانيين الى طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة. ثانيا: الواقعة فرضت تحديا كبيرا على طهران، وعناصر القوة التي تجمعها قبل الواقعة يبدو انها تعرضت الى فرفطة والتجزئة والتهشيم، وثمة قياسات جديدة للعبة التوازنات بين واشنطن وطهران.
فكما يبدو فان ترامب تصرف على نحو متغير كبير في العلاقة مع ايران بما يتعلق بدورها في العراق وسورية أيضا. وطبيعة النفوذ الجيوسياسي الايراني الممتد في الشرق الاوسط والخليج العربي.
الضربة الامريكية، هل سيليها ضربات اخرى؟ وهل تخضع بموجبه ايران للسياسات الامريكية؟ وانه قد حان الوقت لاعادة توزيع الادوار وتغيير قواعد اللعبة في المنطقة؟ وترسيم لمحاور لاعبين اقليميين جدد يقودون المنطقة.
الحروب التي شهدتها المنطقة من سورية والعراق واليمن ايران رابحة استراتيجيا بها، وحققت على الارض انتصارات على الخصوم والفرقاء، وتمسك اوراقا ظاغطة في الازمات السورية والعراقية واليمنية.
حتى اللحظة، يبدو ان السيناريوهات مفتوحة، وان الحسم في الوجهة الامريكية والايرانية غير مفهوم. رد الفعل الايراني لا يعني يالضرورة التصعيد نحو مواجهة، ولا يعني ان ردة الفعل ستطال اماكن ومراكز حيوية امريكية في المنطقة، ولا يعكس بالضرورة ان تكون المنطقة والعراق تحديدا مسرحا لمواجهة كبيرة.
و قد يكون النقاش أكثر واقعية اذا ما عدنا الى وقائع اشتباك سابقة بين ايران وحلفائها وخصومها، حادثة مقتل القيادي العكسري في حزب الله اللبناني عماد مغنية قبل اعوام. نموذج شبيه لمقتل سليماني مع اختلاف نسبي بالاهمية والدور والوظيفة لكلا الرجلين.
واذا ما ذهبنا الى سيناريو الحرب والمواجهة، فان مناخ المنطقة مناسب من شدة العداء والتجييش والاستقطاب بين ايران وخصومها وفرقائها في المنطقة. العراق على لهيب احتجاجات شعبية عارمة تطالب باسقاط النظام السياسي الطائفي الموالي والتابع لايران، وكذلك لبنان، فانه يعايش ازمة احتجاجات شعبية تطالب ايضا بقلب معادلة الحكم، واسقاط القوى السياسية الطائفية التقليدية.
فهل كلفة الوضع القائم في عواصم حلفاء واصدقاء ايران أكثر من أي حرب ومواجهة قادمة؟ ولربما ان هذا السؤال مفتاح عنصر المفاجأة لقرار ايراني للرد على مقتل سليماني ومعاونيه.