العالم العربي تحكمه قوى الإستبداد بمحور سني يقوده ترامب وشيعي بقيادة بوتين
الشريط الاخبارية : لندن- "القدس العربي”:
قال المعلق في صحيفة "فايننشال تايمز” ديفيد غاردنر إن الأمور مضت للأسوأ في منطقة الشرق الأوسط منذ وعد الربيع العربي عام 2011.
وفي مقال بعنوان "الزحف الطويل للإستبداد في الشرق الأوسط” قال فيه إن الزحف العالمي للطغيان يتقدم سواء من خلال قمع المتظاهرين في هونغ كونغ أو موسكو أو الهجوم الشعبوي على مؤسسات الرقابة والنزاهة من واشنطن إلى لندن علاوة على بودابست وأنقرة. لكن في العالم العربي فقد تآمرت الأحداث على حرف المجتمع نحو مستنقع من الإستبداد وأمراء الحرب والعنف الخارج عن عقاله وبترخيص من الدول الخارجية، بطريقة أو بأخرى والذي لم يؤد تدخلها إلا لزيادة الإرهاب.
ففي الكثير من العواصم العربية، فالمحتجون الذين يتدفقون نحو الشوارع في هونغ كونغ وموسكو كانوا سيصبحون جثثا متفحمة. من مذبحة رابعة العدوية في مصر عام 2014 والتي قام بها ربيب الولايات المتحدة و (الخليج) عبد الفتاح السيسي إلى ذبح المقاتلين السوريين في الغوطة الشرقية والتي استخدم فيها بشار الأسد المدعوم من إيران وروسيا، الأسلحة الكيماوية. وعلى ما يبدو لم يبق هناك مجال للهبوط المتدني إلا عند حصول الرعب القادم، وهذا هو ما ينتظر محافظة إدلب في شمال- غرب سوريا. وهذه هي آخر معقل للمقاتلين السوريين حيث يتعرض ألاف الجهاديين ومئات الالاف من اللاجئين لحصار من الطيران الروسي وما تبقى من الجيش السوري الذي تمت تغذيته بمجموعات من الميليشيات وأمراء الحرب الموالين للأسد. والاشكال باتت معروفه: غارات جوية على الأسواق والبنى التحتية مثل محطات ضخ المياه والطاقة الكهربائية وقصف العيادات الطبية والمدارس. والفروق في الرعب مهمة لأنه لم يبق هناك مكان لكي يهرب إليه 3 ملايين يعيشون في المنطقة. وبعد ثلاثة أشهر أصيبت الحملة الروسية- السورية على إدلب بالتعب. ولم تشارك إيران ولا الجماعات الموالية لها ولا حزب الله اللبناني دورا في الهجوم. وفشلها في المشاركة يظهر
أهميتها لنظام الأقلية الذي ليست لديه الأعداد الكافية لمواجهة الغالبية السنية. ومن الجدير هنا التأكيد على ان الأمور انتقلت للأسوأ منذ موجات التمرد اندلعت في أنحاء العالم العربي منذ عام 2010 وأحيت الأمال بـ "ربيع عربي”. فالنظام الدولي القائم على القواعد الليبرالية بات يتعرض للتخريب على يد قادة الدول التي شكلته، فالوقت ليس مناسبا للتساؤل عن سبب التحول العنيف في الشرق الأوسط إلى الدولة المستبدة البوليسية. فحكام العالم العربي لا يهمهم بناء الدول ويقدمون مصلحة الحفاظ على النظام قبل الإصلاح. وفي معظم أنحاء العالم العربي سواء كانوا رعاة النظام أو المذعنين للطغاة لا يهتمون. لكن عليهم أن يهتموا لأن السياسات التي شكلتها الولايات المتحدة وصفقت لها أوروبا تركت نتائج "ممتازة”، فقط أنظر إلى أفغانستان والعراق وسوريا والتي ساعدته على "تفريخ” عدد من تنوعات الجهادية السنية المتطرفة. وشعر سكان باريس ولندن ومانشستر وبروكسل وأنقرة ونيس وبرلين واسطنبول من ردود الفعل السلبية. فحقول الموت ليست فقط إقليمية ولكنها دولية. ولو كان هذا صحيحا فيما يتعلق بالجهادية السنية فإيران لديها جيوشها من الإسلاميين الشيعة الجاهزة للإنتقام في وقت تزيد فيه الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية جهودها لعزل الجمهورية الإسلامية. فمنذ أن دعا الرئيس دونالد ترامب السعودية قبل عامين قيادة "جهاد” ضد إيران فلم يكن لديها أي مشكلة في ذبح المعارضين لها ومعظهم من الشيعة الذين تعتبرهم روافض وطابورا خامسا. وقامت البحرين التي تتبع للسعوديين ودولة الإمارات بإعدام ناشطين بعد قمع كل مظاهر الحياة السياسية للغالبية الشيعية. ومن هنا فالمواجهة الحالية في الخليج بين إيران والدول الغربية مع القوى الغربية تنذر بالإشتعال. ولأن هناك فرصة لكي تنتشر آثار الدمار إلى خارج المنطقة فعلى اللاعبين الخارجيين التوقف والتفكير مليا قبل منح عملائهم رخصا للقتل. ففي عام 2016 حول فلاديمير بوتين حلب الشرقية معقل المقاتلين السوريين إلى صورة طبق الأصل ورهيبة لغروزني عاصمة الشيشان.
وكان سقوط حلب نقطة تحول في الحرب الأهلية السورية وأحيت آمال آل الأسد في البلد الذي دمروه. وعلى ما يبدو تريد روسيا عمل نفس الأمر في إدلب وبمساعدة من إيران على ما يبدو. وتخلت تركيا عن المقاتلين في حلب عام 2016 وكانت مهتمة أكثر بخطر الميليشيات الكردية التي تبتلع مناطق شرق سوريا قرب حدودها الجنوبية. وبعد أن تحولت من الناتو إلى موسكو سيطرت على جيبين في شمال- غرب سوريا. ومن الصعب معرفة خطط ترامب المتقلب ولكن أي شيء تقوم به الإمارات العربية المتحدة، السعودية، إسرائيل ومصر لا اعتراض عليه. فقد استخدم الفيتو ضد قانون يمنع بيع أسلحة بقيمة 8 مليارات دولارات صوت عليه الحزبين في مجلس الشيوخ. وسواء قبلت أم رفضت فروسيا تقود المحور الشيعي المدعوم من إيران إضافة لتركيا. أما ترامب، عرف أم لم يعرف فهو يقود تحالفا من الدول السنية إضافة لإسرائيل. ومعا يقومان بإثارة زوبعة ويوسعان الحفرة التي تملأها جماعات متشددة بشكل يجعل من تنظيم الدولة يبدو يوما ما معتدلا.