اغتيال سليماني وما سيترتب عليه ..!
اغتيال سليماني وما سيترتب عليه ..!
بقلم د. عبدالرحيم جاموس
اغتيال قاسم سليماني فجر يوم الجمعة 3/1/2020م مَثلَّ قمة وذروة التصعيد في التوتر القائم بين الولايات المتحدة وايران خلال فترة رئاسة الرئيس ترامب، والذي بدأ بإنسحاب الولايات المتحدة من الإتفاق النووي الايراني (5+1)، والذي كان قد رتب على إيران جملة من الالتزامات بشأن تخصيب اليورانيوم ووضع مفاعلاتها تحت رقابة دولية، للحيلولة دون استخدامها للإعمال العسكرية، في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها ورفع الحظر عن أرصدتها التي كانت مجمدة لدى الولايات المتحدة، وذلك بعد مفاوضات مضنية وطويلة بين إيران والدول (5+1).. هذا الاتفاق الذي كانت تعارضه (المستعمرة الاسرائيلية) واعتبرته يمثل تهديدا مباشرا لمستقبلها وأمنها في ظل شعارات إيران المدوية مثل (الموت لإسرائيل)، ودعمها لبعض فصائل المقاومة، وكذلك بعض دول الجوار العربي في ظل ممارسات إيران الهادفة إلى زعزعة أمنها واستقرارها، وضرب نسيجها الوطني.
إيران التي لم تخفي عدائها المعلن للولايات المتحدة وللكيان الصهيوني منذ نجاح ثورتها في سنة 1979م، لم تخفي سياستها القائمة على مبدأ تصدير الثورة لدول الجوار منذ ذلك الحين، و قد تولى حرسها الثوري مسؤولية تصدير هذه الثورة، وقد مَثلَّ التعبير الأوضح عنها، وأشرف على صناعة الأحزاب الموالية لإيران ولفكرها السياسي والطائفي في العديد من دول الجوار، هذه السياسة الاستفزازية من طرف إيران الثورة وما أحدثته من قلق لدى دول المنطقة، جعل الصراع العربي الإسرائيلي يحتل مرتبة ثانوية، أمام تهديدات إيران المباشرة لها، فوقعت على أثره الحرب العراقية الإيرانية التي دامت عشر سنوات، وما خلفته من قتل ودمار لدى الجانبين، كانت بمثابة جائزة كبرى للكيان الصهيوني، ولكنها لم تحُولَ دون استمرارية إيران في مواصلة سياستها القائمة على تصدير الثورة، ولم تثنيها عن السعي إلى مدِ نفوذها خارج حدودها الوطنية، متجاهلة سيادة تلك الدول المستهدفة، مستغلة سذاجة ومشاعر شعوب المنطقة في العداء للكيان الصهيوني وللسياسات الأمريكية المنحازة إليه، ولم تجد إيران المواجهة والمجابهة المباشرة من قبل الولايات المتحدة على مدى أربعة عقود، فكان ذراعها السياسي والعسكري (الحرس الثوري) وفي مقدمته المسمى (فيلق القدس) الذي كان يقوده الجنرال قاسم سليماني، والذي قاتل في كل مكان إلا في القدس، أداتها الرئيسية في تنفيذ هذه السياسات، من لبنان إلى سوريا والعراق واليمن وفلسطين ودول الخليج العربي .. وإلى حيث يمكن أن يجد المناخ السياسي المناسب للتدخل والنشاط في خدمة أغراض السياسية الإيرانية، تحت شعار الوهم والتضليل (الموت لأمريكا وإسرائيل)... ولم نرى من هذه السياسات سوى الموت للعرب ..!
هذه السياسات المعلنة من جانب إيران لم تجد المواجهة والمجابهة الحقيقية والمباشرة من قبل الولايات المتحدة، بل كانت تقابل بإثارة مزيد من المخاوف منها لدى دول الجوار، لتبرير تواجدها الأمني والعسكري في تلك الدول المهدده بالتدخلات الإيرانية وخصوصا منها في دول الخليج العربي ..!
بعد احداث11 سبتمبر 2001م والتي نجم عنها إنهيار برجي التجارة العالمية وقد نسبت لتنظيم القاعدة، رغم ثبوت استضافة إيران لبعض عناصر وقيادات من هذا التنظيم، وجدنا التعاون التام والوثيق والتنسيق الكامل ما بين الولايات المتحدة وإيران في احتلال كل من افغانستان، والشراكة في غزو واحتلال العراق وتدمير الدولة العراقية ومؤسساتها والمجتمع، وقد مكنت الولايات المتحدة أنصار إيران في العراق من الإمساك بدفة الحكم في بغداد، بل أكثر من ذلك السماح بنشر الميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني بقيادة وتوجيه المغدور قاسم سليماني تحت مبررات مختلفة منها مواجهة داعش والإرهاب وغيرها ...!
هنا نطرح السؤال ماذا سيترتب على هذا الإغتيال السياسي لقاسم سليماني، من طرف سلاح الجو الأمريكي، بغض النظر عما أعلنه الطرفين الأمريكي والإيراني بشأن هذا الحدث من مبررات وردات فعل إعلامية ؟ والذي رفع درجة التوتر والقلق ليس فقط بين الأمريكان والإيرانيين، وإنما بين دول وشعوب المنطقة ودول العالم بشكل عام، لما لحالة القلق والتوتر في هذه المنطقة الحساسة من إنعكاسات خطيرة على مصالح كافة الدول في العالم، فقد ارتفعت مباشرة أسعار النفط مجرد الإعلان عن الحدث، هل تسعى أمريكا فعلا إلى إعلان حالة الحرب على إيران، وهل ستتوقف الشراكة بينها وبين إيران في الغزو والاحتلال وتقاسم الهيمنة والنفوذ على العراق وغيره ؟
أسئلة كثيرة واستراتيجية ومهمة يطرحها تغييب قاسم سليماني من المشهد السياسي، هل يثني إيران عن مواصلة سياستها القائمة على تصدير الثورة، ودعم فصائل المقاومة ودعمها للأحزاب الطائفية التي أسستها ودعمتها بغرض ضرب الإستقرار في تلك الدول ...؟
الحقيقة لا أحد يرغب بالحرب، لا إيران ولا أمريكا ولا دول الخليج العربي، ولا أي دولة في العالم لما لها من أضرار بالغة على الجميع، بإستثناء الكيان الصهيوني المؤسس والقائم على العنف والحرب والدمار لكل شعوب المنطقة، حيث يجد فيها وظيفته وغايته، وضالته في استمرار قضم الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
لذا سوف يستوعب الحدث رغم أهميته وخطورته من قبل الطرفين، وسيتم إستيعابه وتجاوزه دون الإنزلاق إلى إعلان حالة الحرب الشاملة، لكن سيؤدي إلى إعادة صياغة العلاقة بين الطرفين فيما يخدم مصالحهما، والإتفاقِ على إجهاض الحراك الوطني والقومي العربي في العراق وفي لبنان وفي غيرها من بلاد العرب، وإعادة إحياء الاصطفاف الطائفي الذي يخدم مصالحهما ويتوافق واستراتجيتهما واستراتيجية الكيان الصهيوني فيما يتعلق بالشأن العربي عامة .. والمستقبل القريب سوف يثبت ذلك.
بقلم د. عبدالرحيم محمود جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
الرياض 6 /1 /2020م
بقلم د. عبدالرحيم جاموس
اغتيال قاسم سليماني فجر يوم الجمعة 3/1/2020م مَثلَّ قمة وذروة التصعيد في التوتر القائم بين الولايات المتحدة وايران خلال فترة رئاسة الرئيس ترامب، والذي بدأ بإنسحاب الولايات المتحدة من الإتفاق النووي الايراني (5+1)، والذي كان قد رتب على إيران جملة من الالتزامات بشأن تخصيب اليورانيوم ووضع مفاعلاتها تحت رقابة دولية، للحيلولة دون استخدامها للإعمال العسكرية، في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها ورفع الحظر عن أرصدتها التي كانت مجمدة لدى الولايات المتحدة، وذلك بعد مفاوضات مضنية وطويلة بين إيران والدول (5+1).. هذا الاتفاق الذي كانت تعارضه (المستعمرة الاسرائيلية) واعتبرته يمثل تهديدا مباشرا لمستقبلها وأمنها في ظل شعارات إيران المدوية مثل (الموت لإسرائيل)، ودعمها لبعض فصائل المقاومة، وكذلك بعض دول الجوار العربي في ظل ممارسات إيران الهادفة إلى زعزعة أمنها واستقرارها، وضرب نسيجها الوطني.
إيران التي لم تخفي عدائها المعلن للولايات المتحدة وللكيان الصهيوني منذ نجاح ثورتها في سنة 1979م، لم تخفي سياستها القائمة على مبدأ تصدير الثورة لدول الجوار منذ ذلك الحين، و قد تولى حرسها الثوري مسؤولية تصدير هذه الثورة، وقد مَثلَّ التعبير الأوضح عنها، وأشرف على صناعة الأحزاب الموالية لإيران ولفكرها السياسي والطائفي في العديد من دول الجوار، هذه السياسة الاستفزازية من طرف إيران الثورة وما أحدثته من قلق لدى دول المنطقة، جعل الصراع العربي الإسرائيلي يحتل مرتبة ثانوية، أمام تهديدات إيران المباشرة لها، فوقعت على أثره الحرب العراقية الإيرانية التي دامت عشر سنوات، وما خلفته من قتل ودمار لدى الجانبين، كانت بمثابة جائزة كبرى للكيان الصهيوني، ولكنها لم تحُولَ دون استمرارية إيران في مواصلة سياستها القائمة على تصدير الثورة، ولم تثنيها عن السعي إلى مدِ نفوذها خارج حدودها الوطنية، متجاهلة سيادة تلك الدول المستهدفة، مستغلة سذاجة ومشاعر شعوب المنطقة في العداء للكيان الصهيوني وللسياسات الأمريكية المنحازة إليه، ولم تجد إيران المواجهة والمجابهة المباشرة من قبل الولايات المتحدة على مدى أربعة عقود، فكان ذراعها السياسي والعسكري (الحرس الثوري) وفي مقدمته المسمى (فيلق القدس) الذي كان يقوده الجنرال قاسم سليماني، والذي قاتل في كل مكان إلا في القدس، أداتها الرئيسية في تنفيذ هذه السياسات، من لبنان إلى سوريا والعراق واليمن وفلسطين ودول الخليج العربي .. وإلى حيث يمكن أن يجد المناخ السياسي المناسب للتدخل والنشاط في خدمة أغراض السياسية الإيرانية، تحت شعار الوهم والتضليل (الموت لأمريكا وإسرائيل)... ولم نرى من هذه السياسات سوى الموت للعرب ..!
هذه السياسات المعلنة من جانب إيران لم تجد المواجهة والمجابهة الحقيقية والمباشرة من قبل الولايات المتحدة، بل كانت تقابل بإثارة مزيد من المخاوف منها لدى دول الجوار، لتبرير تواجدها الأمني والعسكري في تلك الدول المهدده بالتدخلات الإيرانية وخصوصا منها في دول الخليج العربي ..!
بعد احداث11 سبتمبر 2001م والتي نجم عنها إنهيار برجي التجارة العالمية وقد نسبت لتنظيم القاعدة، رغم ثبوت استضافة إيران لبعض عناصر وقيادات من هذا التنظيم، وجدنا التعاون التام والوثيق والتنسيق الكامل ما بين الولايات المتحدة وإيران في احتلال كل من افغانستان، والشراكة في غزو واحتلال العراق وتدمير الدولة العراقية ومؤسساتها والمجتمع، وقد مكنت الولايات المتحدة أنصار إيران في العراق من الإمساك بدفة الحكم في بغداد، بل أكثر من ذلك السماح بنشر الميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني بقيادة وتوجيه المغدور قاسم سليماني تحت مبررات مختلفة منها مواجهة داعش والإرهاب وغيرها ...!
هنا نطرح السؤال ماذا سيترتب على هذا الإغتيال السياسي لقاسم سليماني، من طرف سلاح الجو الأمريكي، بغض النظر عما أعلنه الطرفين الأمريكي والإيراني بشأن هذا الحدث من مبررات وردات فعل إعلامية ؟ والذي رفع درجة التوتر والقلق ليس فقط بين الأمريكان والإيرانيين، وإنما بين دول وشعوب المنطقة ودول العالم بشكل عام، لما لحالة القلق والتوتر في هذه المنطقة الحساسة من إنعكاسات خطيرة على مصالح كافة الدول في العالم، فقد ارتفعت مباشرة أسعار النفط مجرد الإعلان عن الحدث، هل تسعى أمريكا فعلا إلى إعلان حالة الحرب على إيران، وهل ستتوقف الشراكة بينها وبين إيران في الغزو والاحتلال وتقاسم الهيمنة والنفوذ على العراق وغيره ؟
أسئلة كثيرة واستراتيجية ومهمة يطرحها تغييب قاسم سليماني من المشهد السياسي، هل يثني إيران عن مواصلة سياستها القائمة على تصدير الثورة، ودعم فصائل المقاومة ودعمها للأحزاب الطائفية التي أسستها ودعمتها بغرض ضرب الإستقرار في تلك الدول ...؟
الحقيقة لا أحد يرغب بالحرب، لا إيران ولا أمريكا ولا دول الخليج العربي، ولا أي دولة في العالم لما لها من أضرار بالغة على الجميع، بإستثناء الكيان الصهيوني المؤسس والقائم على العنف والحرب والدمار لكل شعوب المنطقة، حيث يجد فيها وظيفته وغايته، وضالته في استمرار قضم الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
لذا سوف يستوعب الحدث رغم أهميته وخطورته من قبل الطرفين، وسيتم إستيعابه وتجاوزه دون الإنزلاق إلى إعلان حالة الحرب الشاملة، لكن سيؤدي إلى إعادة صياغة العلاقة بين الطرفين فيما يخدم مصالحهما، والإتفاقِ على إجهاض الحراك الوطني والقومي العربي في العراق وفي لبنان وفي غيرها من بلاد العرب، وإعادة إحياء الاصطفاف الطائفي الذي يخدم مصالحهما ويتوافق واستراتجيتهما واستراتيجية الكيان الصهيوني فيما يتعلق بالشأن العربي عامة .. والمستقبل القريب سوف يثبت ذلك.
بقلم د. عبدالرحيم محمود جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
الرياض 6 /1 /2020م