أمريكا وإيران : الرابح والخاسر .. بقلم / فارس الحباشنة
في أسبوع واحد امريكا تضرب هدفا إيرانيا في العراق، وإيران تضرب هدفا أمريكيا في العراق. واشنطن تقول ان علاقتها مع بغداد صداقة طيبة، وطهران تقول ان علاقتها مع بغداد صداقة طيبة.
فماذا يريد الخصمان مِن العراق؟ امريكا وايران لاعبا شطرنج محترفان، ضربة موجعة، ورد تكتيكي، وحديث واسع عن الخطوة التالية.
ولكن الخصمان: الامريكي والايراني يلعبان على جغرافيا بعيدة، واكثر الاسئلة الباقية، والأشد صعوبة بحيرتها، ما هو مصير العراق؟
في تاريخ الصراع الامريكي -الايراني لاول مرة طهران توجه ضربات مباشرة لاهداف امريكية، وذلك انطلاقا من اراضيها، وتعلن عن تبني الهجوم والمسؤولية عنه.
السؤال عن الخطوة التالية. لربما هو الاهم، الصمت الامريكي بعد الهجوم على القاعدة الامريكية، لا يعني ان مارثون وجولات المواجهة قد انتهت بين الخصمين.
فإيران تملك حلفاء في الميدان، وحراكات ومليشيات مسلحة موجودة بعدة دول عربية: سورية والعراق ولبنان واليمن. وقادرة على توجيه ضربات متفرقة تستهدف مصالح واهداف امريكية في المنطقة، وهذه الضربات لربما قد تسمم الحملة الانتخابية للرئيس ترامب.
ايران على عكس ما جاء في تحليلات وردود فعل سياسية واعلامية عربية، نعم خسرت في الجولة الاولى رأس سليماني، ولكنها ربحت في جولات تالية بإسكات الحراك الشعبي في الداخل الايراني والحراك الشعبي العراقي الهائج ضد النظام السياسي القائم والتدخل الايراني في الشأن العراقي.
ونحن هنا امام تثبيت للقواعد التقليدية للصراع في الشرق الاوسط والنفوذ الايراني الاخطبوطي. وعودة الى مربع ما قبل اندلاع الحراكات الشعبية في العراق ولبنان وايران.
من منظور استراتيجي ابعد فان ايران خرجت من الجولة الاولى وتوابعها فان ايران خرجت اشد قوة ولاعبا مركزيا ومحوريا في الاقليم. ويبدو ان تجريد ايران من دورها الاقليمي واعادتها الى ما قبل ثورة 79 من المتواليات السياسية التي لا تسعى واشنطن إلى فرضها في المنطقة.
وما بعد الانسحاب الامريكي من العراق فان النفوذ الايراني سيمتد ويتوسع، وتكون يد طهران هي الاقوى في العراق الممزق والمفتت طائفيا وعرقيا. العراقيون وكما دول عربية اخرى معنية باعادة حساباتها السياسية وطنيا، والابتعاد عن الحسابات الضيقة، الانحاء نحو بناء وطني متعاضد ومتكاتف لمواجهة أي قادم اجنبي من القريب والبعيد.
الازمة الامريكية -الايرانية حبلى بالمفاجآت السياسية والعسكرية التصعيدية. فالى اين ستضمى، وماذا تحمل الايام القادمة؟ وهل ستشهد انفتاحا سياسيا للتحاور من جديد حول الاتفاق النووي وعوالق اخرى في الازمة بين ايران وامريكا والغرب؟ ام ان العلاقة ستبقى في مربع التوتر والتصعيد والحروب الباردة؟
بلا شك فان الشرق الاوسط بعد مقتل سليماني يختلف بكرة واصيلا.