حكومة بالأرقام
عبد اللطيف العواملة - في مجال الادارة العامة، او الحكومية، يتحدث الخبراء عن حكومات المستقبل والتي تختلف جذريا عما عهدناه حول العالم من حكومات القرن العشرين. حكومات المستقبل تقدم خدمات فورية وذكية، تفهم الفرد وتلبي له حاجاته وتوقعاته، وتعمل على تمكينه. وكذلك فإن حكومات المستقبل مرنة ورشيقة وصديقة للبيئة، ولا تتبع الهياكل التنظيمية التقليدية، وهي مستدامة ماليا، ومتعلمة ومتطورة باستمرار، ومستبقة للتغيرات. بالمختصر فانه في عصر البيانات الضخمة المتوفرة للحكومات، وهي متوفرة في كثير من الاحيان للفرد كذلك، فإن الادارة الحكومية هي بالارقام.
العديد من حكومات العالم بدأت استعداداتها لتلك اللحظة الانتقالية منذ زمن، والواقع انها طبقت كثير من جوانبها. فالحكومات تتسابق وتعمل بجد والتزام على توفير الارقام الصحيحة والعمل بها على مدار الساعة، تحسن من قراراتها وسياستها وتعيد النظر فيها بشكل دائم. العلم والمعرفة هما اساس لكل قرار او توجه. حكومات متعددة حول العالم اخذت زمام المبادرة وقامت بعمل ثورة بيضاء في مجال الادارة الحكومية لادراكها بأنها عماد التنمية وليس لها بديل. الحكومة، في عصر الانفتاح الاقتصادي، والعولمة، وتمكين القطاع الخاص، لا زالت هي محور التنمية الوطنية الاساسي ومفتاح التطور، ففي هذا العصر السريع وظيفة الحكومات اكبر واهم.
لو راجعنا مبادىء حكومات المستقبل المذكورة انفا، فهل نرى لها استعدادا في حكوماتنا الاردنية المتعاقبة؟ هل سنجد مؤشرات تدلنا على هكذا توجهات؟ هل سيكون لدينا القدرة على مواكبة هذه التغيرات الهائلة في عمل الحكومة؟ من اكبر تحديات الحكومات هي التعامل مع الفروقات بين الاجيال. ولكن الفرق الاكبر هو ما بين جيل الالفية، مواليد ما بعد عام 1996، والاجيال السابقة. الدراسات تؤكد على ان الفروقات في اسلوب التفكير، والقيم، وانماط الحياة شاسعة جدا بحيث ان انظمة العمل الحكومية الحالية ستعجز عن التعامل معها، مما قد يؤدي الى متاعب سياسية واجتماعية، واقتصادية جمة.
جيل المستقبل سيتعامل مع الارقام الواضحة، والمفندة. لن يتجاوب مع دعوات عاطفية ونفسية او اجتماعية، مهما كانت منطلقاتها. اذا لم تستوعب الادارة الحكومية الاشارات القوية في هذا الاتجاه، فنحن مقبلون على ايام صعبة جدا. يجب دق نواقيس الخطر، فصناعة المستقبل بأدوات الماضي ضرب من العبث.