إعداد الخطط لمواجهة الضم
عمر حلمي الغول
لم يعد جديدا، ولا مفاجئا لإي فلسطيني إعلان نتنياهو، أو بينت، أو سموطريتش، أو اردان، أو حتى غانتس، زعيم المعارضة الإسرائيلية عن ضم الأغوار الفلسطينية، ولا اصدار الأوامر لبناء المئات والآف الوحدات الإستيطانية الإستعمارية في الأرض الفلسطينية، ولا مصادرة الأراضي، ولا شق الطرق الإلتفافية، وهدم المباني والبركسات، أو الإعتقال والقتل في الميادين، ولا إجتياح المناطق ) A ) والدوس ببسطار الإستعمار ومشروعه الإستراتيجي كل الإتفاقيات والبروتوكولات المبرمة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. كما لم يعد مستهجنا، أو مستغربا إطلاق أركان الإدارة الأميركية بدءا من ترامب، بومبيو، فريدمان، بيركوفيتش، وقبله غرينبلات، وكوشنير وإنتهاءا بآخر مسؤول فيها اي مواقف معادية لمصالح وحقوق الشعب العربي الفلسطيني، أو الضرب بعرض الحائط بالقوانين والقرارات والمعاهدات الدولية التاريخية والراهنة ذات العلاقة بالصراع وخاصة القرار 2334، وملاحقة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أو ملاحقة حركة BDS، أو تأييد الإستيطان الإستعماري، أو حتى الحديث عن عدم وجود إستعمار، ونفي وجود الشعب الفلسطيني، أو وجود الضفة الفلسطينية تحت "الإحتلال" الأردني قبل العام 1967، والمقولة الأخيرة نغمة جديدة من قبل عصابة ترامب.
نعم يحتاج كل موقف التفاعل معه، وتسليط الضوء عليه، ووضعه أمام الرأي العام، والتوجه لجهات الإختصاص العربية والإقليمية والدولية لإستقطاب القوى الأممية المناصرة للسلام، وإشراكها في عملية الدفاع عن الحقوق والمصالح الوطنية، وحماية مكانة المؤسسة الدولية، والسعي لدفع الأقطاب والدول والمؤسسات الدولية للإرتقاء لمستوى الرد على جرائم الحرب المتواترة على الساحة الفلسطينية، التي ترتكبها دولة الإستعمار الإسرائيلية على مدار الساعة، و تبدد يوما تلو الآخر عن سابق تصميم وإصرار الحقوق والثوابت الوطنية.
غير ان ما تقدم، لا يف بالرد المطلوب، ويحتاج إلى تطوير، وإستنهاض الهمم وفقا لما إتخذته القيادة الفلسطينية بمختلف مستوياتها في منظمة التحرير من قرارات هامة في الدورات 27 و28 و29 و30 المجلس المركزي، بالإضافة لدورة المجلس الوطني ال23، إستشرافا منها للإبعاد الخطيرة، التي تتجه إليها التطورات على الأرض الفلسطينية. ومازالت بعض هذة القرارات بإنتظار لحظة التطبيق على الأرض لرد الإعتبار للقيادة والمصالح والأهداف الوطنية.
لكن حتى تحين ساعة الصفر للتنفيذ بعد إعلان النفير العام، تملي الضرورة على كل مؤسسة ومستوى قيادي وبالتكامل بين منظمة التحرير والحكومة وضع الخطط التفصيلية لمواجهة التحديات الكبرى. لا سيما وان الحرب الإسرائيلية الأميركية ومن لف لفهم من عرب وعجم في المنطقة، وقوى ودول أخرى أخذت بالتراجع النسبي والتدريجي عن التوجهات العالمية بدأت على الأرض في مستواها النوعي والتصفوي للقضية الفلسطينية منذ عامين، ولم يعد ممكنا الرهان في ظل موازين القوى القائمة إعادة نظر لا من قبل إسرائيل، ولا من قبل إدارة ترامب، ولا من يتساوق معهم في تنفيذ المخطط الإجرامي، لا بل هناك إيغال في المضي قدما في التصفية المعلنة للقضية الوطنية. وعليه، فإن الضرورة تملي وضع الخطط الفلسطينية، والمستندة للذات الفلسطينية دون إغفال دور الأشقاء العرب والأصدقاء الأمميين، لكن دون مبالغة في الرهان على العامل الموضوعي.
وقبل كل شيء على الكل الفلسطيني الوطني العمل على إقتلاع شوكة الإنقلاب الحمساوي، لإنه لا مجال لنجاح اي خطة وطنية دون تعزيز عوامل الوحدة والصمود، وفتح الأفق لإشراك كل قطاعات الشعب السياسية والكفاحية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتربوية ألأكاديمية والحزبية. وهذا الأمر يحتاج إلى حسم، وإلى قرار، وإلى خيار جاد، غير متردد، أو إنتظاري. إن جاء عبر الإنتخابات كان بها، وإن لم يأت من خلالها، لابد من دفن الإنقلاب مرة وإلى الأبد، ولا يجوز هنا إنتظار الأشقاء العرب، لإن كل دولة لديها ما يكفيها من الهموم والأزمات البنيوية، التي تدفع القضية الفلسطينية لمؤخرة إهتماماتها.
وفي ذات الوقت، العمل فورا على تشكيل قيادة حقيقية للمقاومة الشعبية المركزية، مسؤوليتها إعداد خطتها العامة، والربط مع المحافظات وقياداتها الفرعية، مع منحها الإستقلالية الإدارية الذاتية لشق طريقها بشكل منظم وفق البرنامج المركزي، وتأمين مقومات الصمود الإقتصادية والمالية، وإحداث نقلة جدية ونوعية في عملية البناء العمراني في كل الأرض الفلسطينية دون تمييز، وإنشاء المزارع التعاونية في المناطق المصنفة (C)، والإعداد للعملية التربوية لتتواصل بشكل سلس ودون تعطيل في كل المحافظات والقرى النائية، وخلق ميكانيزمات واليات لإعتماد المحافظات على ذاتها في ظروف تقطيع الطرق من قبل قطعان المستعمرين وقوات جيش الموت الإسرائيلي.... إلخ
وهذا يستدعي دعوة المجلس المركزي للمنظمة للإنعقاد وإتخاذ ما يلزم على هذا الصعيد، وبحيث تحال له مع اللجنة التنفيذية الصلاحيات كاملة، وتشكيل هيئات قيادية في المحافظات وفق التوزع الجيوبولتيكي الداخلي لتحمل المسؤوليات الملقاة عليهم.
اما بقاء الحديث التفصيلي عن الضم الإسرائيلي للإغوار والقدس العاصمة ... إلخ، والتعقيب على كل موقف إستعماري دون ربط ذلك بخطة مركزية، سنبدو وكأننا مصرين على البقاء في دوامة ردة الفعل. والعالم لا يسمع ممن لايعملون، ولا يملكون المبادرة. يفترض، ويجب ان نكون اصحاب القرار والفعل، حتى يسمع من لا يريد ان يسمع صوت وقرار وخيار الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية، ونعيد الإعتبار للقضية والأهداف الوطنية. ونحمي ما تبقى من أهداف ومصالح للشعب.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com