أوراق غير متناثرة في «الصهيونية الاستيطانية» الاكاديمي
مروان سوداح -يَرى بعض المؤدلجين رجعياً واستعمارياً، أن «صهيونية نتنياهو المُعِاصِرة بالذات!»، هي التي تدفعه لتفعيل نهج التوسّع الجغرافي «بوتائر غير مسبوقة!»، بما فيها ضم أراضي غور الاردن لكيانه اللاشرعي، الذي تأسس بقرارات وحماية الأنظمة الغربية، لتجذيره في منطقتنا، ولاجتثاث الشعب الفلسطيني، والعرب عموماً، من أرضهم، والقضاء عليهم جسدياً، لافساحِ المجال لتوسيع رقعة الكيان الصهيوني في مختلف الاتجاهات العربية والإسلامية.
لكن هذا الادّعاء لا يتوقف عند هؤلاء المُتكسبين، فالتاريخ حافل بقادة صهاينة مُلوّنين ومؤسِسين للصهيونية الدولية والكيان وأحزابه، يواصل الأحياء منهم, على درب الأموات، إطلاق دعوات لتطبيقات استيطانية أوسع واستعمارٍ أشمل، بمن فيهم قادة يهود للحزب الشيوعي الاسرائيلي(ماكي)، مِمَن اعتنقوا الصهيونية ونادوا بالتوسّع الاستعماري، لتهويد الأراضي العربية وضمنها فلسطين، فأدى ذلك إلى انشقاق الحزب عمودياً، ولأكثر من مرة، وظهور القائمة الشيوعية الجديدة(رَاكح)، التي تَضم الوطنيين - الأُممين العرب، ومنهم المناضل ورئيس بلدية «الناصرة»، الشاعر الراحل توفيق زيّاد(1929-1994) وصَحبِهِ، مِمَن أجهَضوا تطلعات مجموعة (شموئيل ميكونس وموشي سنيه) «البوعاليتسيونية» الصهيونية، التي افتُضِحت استعماريتها دولياً.
وفي إطار فضح الصهيونية بـأقلام مناصرينا الأجانب، ظهر في عام 1969بموسكو عن وكالة أنباء نوفوستي السوفييتية، كتاب بقلم شهيد الفكر والكلمة، يوري إيفانوف، بعنوان (احذروا الصهيونية!)، ونُشر في السنة ذاتها باللغة الروسية عن (دار النشر للآداب السياسية). وفي عام 1970، نُشر كتاب آخر، غني المضمون، للمؤلف نفسه عن (دار التقدم) بموسكو، بعنوان (حَذارٌ من الصهيونية!). وأذكر أنه قد تم في عمّان توزيع هذه الكتب مجاناً وعلى أوسع نطاق على رواد المركز الثقافي السوفييتي، وشخصياً تلقيت حصّتي منها، من يد أمين مكتبة المركز، الصديق الكبير المرحوم أمين عفانه ومدير المركز د.وليد مصطفى، في مَسعىً لتخليد ذكرى المناضل إيفانوف، الذي فَضَحَ أهداف الصهيونية ومحاولات العدو لاسترقاقنا، فصرعته، وللآن لم يتم الإعلان عن نتائح التحقيقات بشأن مقتله ومقتل كُتّاب روس آخرين أمثاله، من الوطنيين الروس المناهضين للصهيونية، ضمنهم، البروفيسور يفغيني يفسييف؛ وفلاديمير بيغون؛ والمقاتل الأًممي الشهير والباحث الكسندر زخاروفيتش رومانينكو، الذي تعرّض للقهر والإذلال والعَسَفَ الصهيوني المتواصل.
في تعريفه الواقعي للصهيونية، يقول إيفانوف، هي «أيديولوجية، ومنظومة مُتشعّبة من المنظمات وممارسة سياسية للبرجوازية اليهودية الكبيرة، التي اندمجت بالأوساط الاحتكارية في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الإمبريالية الأُخرى.. والمحتوى الرئيسي للصهيونية هو الشوفينية النزّاعة إلى الحرب.»
يَستطرد إيفانوف مُستشهداً بوقائع، أن الإتحاد العالمي الصهيوني يَسعى للإثراء بكل الوسائل، ليضمن في إطار المنظومة الإمبريالية، السلطة والبحبوحة الطفيلية، كما وللهيمنة الفكرية والسياسية على مَن هُم من ماضٍ يهودي، ومُذَكِّراً في الوقت نفسه، بالمنظومة المتكاملة لأفكار هرتزل، الذي تبنّى تهجير الأصلانيين العرب والفلسطينيين، وإسكان اليهود الاوروبيين مكانهم، في كيان غربي الهوى والركائز، استولى على أراضي وطن للفلسطينيين بدعوى إستصلاحها(!)، تفوْق أربع مرات ما ورد في قرار التقسيم الصادر عن الامم المتحدة، إذ انتهج هذا الكيان الغربي المولد والهوى سياسة «الطرد القسري»، المتواصل لنحو مليون عربي، (من 1948-1950)، وإسكان مئات الأُلوف من المستوطنين الاوروبيين مكانهم.. وما زال يمارس السياسة ذاتها، وفي «الأغوار» أيضاً.