هل تتدخل مصر عسكريا في ليبيا؟

ألقت الأزمة الليبية في الأيام الأخيرة بظلالها المؤلمة على مسارات ومساقات الأحداث في مصر المحروسة، سيما بعد الاتفاقيات التي جرت بين حكومة السراج المنتهية صلاحيتها، وبين الاغا العثمانلي الباحث عن الفوضى في حوض البحر الأبيض المتوسط.


منحى الإشكال الليبي بدأ يأخذ خطا تصاعديا غير مسبوق مع الحديث عن إرسال تركيا قوات مسلحة إلى طرابلس في محاولة منها لتغليب كفة الوفاق بعد الانتصارات الساحقة التي حققها الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، والذي كانت قواته قد اقتربت من تحرير وتطهير مصراته، قبل أن يوافق على وقف إطلاق النار.

نهار الأحد وجه السيد "عقيلة صالح"، رئيس البرلمان الليبي الشرعي، كلمة لأعضاء مجلس النواب المصري قال فيها :"أدعوكم أيها السادة إلى اتخاذ موقف شجاع، وإلا قد نضطر إلى دعوة القوات المسلحة المصرية للتدخل إذا حصل تدخل أجنبي في بلادنا، وأيضا مؤازرة الشعب المصري الذي لم يتخل عنا من قبل في شدة ولا نائبة، كما شهد التاريخ وهو شاهد العدل على موقف مصر معنا أيام الغزو الإيطالي ليبيا".

أطلقت هذه الكلمات حوارا ساخنا جدا بين المصريين عامة، وبين أعضاء البرلمان المصري خاصة، وبات السؤال الصريح وغير المريح :"هل تقدم مصر على التدخل عسكريا في ليبيا إذا طلب منها ذلك رسميا؟ وكيف يمكن أن يستقيم ذلك مع الموقف المصري الرافض للتدخل العسكري في ليبيا من أي جهة كان؟

المقطوع به أن حديثا من قبل مصر عن أي عمليات للقوات المسلحة المصرية في الأراضي الليبية وحتى الساعة لم يرد على لسان أي مسؤول مصري، بل إن الرئيس السيسي وفي مقابلته يوم الأحد أيضا مع  رئيس المجلس الأوروبي "شارل ميشيل"، أكد على ضرورة التوصل إلى تسوية سلمية سياسية في ليبيا، وهو تصريح يتساوق مع الموقف المصري الرسمي وقد عبر عنه بشكل رسمي علي عبد العال، رئيس البرلمان المصري،  والذي أشار ألى أن مصر لا تقدم الحلول العسكرية على الحلول السياسية، مشيرا إلى مصر أيضا كانت قد طالبت بالحل السلمي في سوريا واليمن من قبل. الأمر عينه أشار إليه وزير الخارجية المصري سامح شكري حين أشار إلى أن "الصراع في المنطقة يحتاج إلى حلول سياسية  لا قوى عنف أو تيارات إرهابية ".

غير أن الرغبة المصرية في عدم التدخل عسكريا في ليبيا شيئ، وما تفرضه النوازل لاسيما إذا تهدد الأمن القومي المصري شيئ آخر، فالحدود الليبية المصرية تتجاوز الـ1200 كيلومتر وليست مأهولة بالسكان، ولا توجد دولة في العالم بدءا من الولايات المتحدة قادرة على منع التسرب من حدودها، وعليه فإن علامة الاستفهام التي تطرح نفسها بنفسها :"هل تنتظر مصر أن تتحول ليبيا إلى حاضنة جديدة للدواعش وبقية الجماعات الأصولية الإرهابية، بدعم وتشجيع من تركيا وقطر، الأمر الذي يضع مصر في مواجهة الخطر الأعلى من التهديد؟