الرحاحلـة : «تصورنـا» لزيـادات المتـقـاعديـــن أمام مجلس الوزراء

أكّد مدير عام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي الدكتور حازم الرحاحلة بأن «المؤسسة» قد تقدمت بتصور لزيادات المتقاعدين الى مجلس الوزراء - متوقعًا إقراره قريبًا - موضحًا في الوقت ذاته بأن «التصور» سيمكن المؤسسة عمليًا من زيادة الحدّ الأدنى لرواتب متقاعدي الضمان، ضمن المحددات القانونية، ذلك أن آلية زيادة الرواتب التقاعدية في الضمان تختلف كليًا عن آليتها للرواتب التقاعدية التي تمنح وفق قانون التقاعد المدني والعسكري، وأن زيادة الرواتب التقاعدية في الضمان الاجتماعي عملية ممنهجة وملزمة للمؤسسة بموجب أحكام القانون.  وأضاف في حديث شامل مع أسرة جريدة «الدستور» شارك فيه رئيس التحرير المسؤول مصطفى الريالات، والزملاء: عوني الداوود نائب رئيس التحرير وأحمد فياض وباسل الزغيلات، أن المؤسسة قد قامت مؤخرًا وبناء على مطالبات المتقاعدين وتوجيهات دولة الرئيس بدراسة أوضاع المتقاعدين وأصحاب الرواتب التقاعدية المتدنية على وجه الخصوص، وأجرت دراسة لعدة خيارات ضمن مجموعة من المعطيات وأبرزها التأكد من عدم تأثير اي زيادة يتم اعتمادها على الديمومة المالية للمؤسسة وحقوق الأجيال القادمة، وأيضا ولعله الاعتبار الأهم، النطاق الذي يسمح به القانون لإقرار أي زيادة.  مدير عام «الضمان الاجتماعي» تطرّق إلى العديد من المحاور ومنها أبرز إنجازات عام 2019 والجديد في عام 2020 ضمن التطلعات والطموحات الكبيرة للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي التي أكد أنها اليوم في أحسن أحوالها، في الشقين التأميني والاستثماري. 
وفي ما يلي النصّ الكامل للحوار:
  نستهل لقاءنا بسؤال محوري يرتبط بالدور الأساس لمؤسسة الضمان الاجتماعي، أين تقف المؤسسة اليوم في منظومة الحماية الاجتماعية؟
- بداية، أتقدم من أسرة جريدة الدستور، هذا الصرح الوطني وأحد منابر الإعلام المسؤول بجزيل الشكر على هذا اللقاء كما اسأل الله ان يكون العام الجديد عام خير على مملكتنا الحبيبة وعلى مؤسستنا الصحفية، جريدة الدستور.
كما تعلمون، واحد وأربعون عاما مرت على نشأة المؤسسة، وهي تشهد يوما بعد يوم توسعاً في دورها ومسؤولياتها تجاه العاملين على أرض الوطن، فبعد أن اقتصرت التأمينات التي تشملها المؤسسة على تأميني الشيخوخة والعجز والوفاة وتأمين إصابات العمل على مدار العقود الثلاثة الأولى من عمرها، فقد استطاعت من خلال قانونها المؤقت في عام 2010 من استحداث تأمينين محوريين، وهما تأمين التعطل عن العمل وتأمين الأمومة، كان لهما أثر إيجابي ملحوظ على صعيد الحماية الاجتماعية وتعزيز كفاءة سوق العمل. اليوم ايضا اتسعت المظلة التأمينية للمؤسسة لتشمل نحو ثلثي العاملين واصبحت خدماتها تمتد لكل بيت وتنتشر في مختلف أرجاء المملكة.
 ما الجديد الذي حمله العام الماضي 2019 لجمهور المؤسسة؟ 
- بحمد الله، عام 2019 الذي ودعناه قبل أيام، كان عاماً استشنائياً بكل المعايير والاعتبارات، تشريعياً وتأمينياً. فقد تمكنت المؤسسة من ادخال تعديلات جوهرية على عدد من الأنظمة التأمينية، نظام الشمول ونظام اللجان التأمينية وقريباً سيتم إقرار النظام المعدل للمنافع التأمينية، وجميع هذه التعديلات كان الهدف منها تبسيط الإجراءات وتوزيع الصلاحيات التي كانت مركزية للغاية على نحو يكرس من البيروقراطية ويثبط من فرص التطوير والإبداع. كما جاءت التعديلات لتخرج المؤسسة من اعراف واجراءات حصرت نفسها ضمن ما يعرف بثقافتنا «بالصبة الخضرا»، وايضا للتعامل مع جوهر الحماية الاجتماعية وليس شكلياتها. وقد توج هذا الجانب مؤخراً بإقرار القانون المعدل لقانون الضمان الاجتماعي الذي تضمن توسعاً فاعلاً في المنافع التأمينية وعزز من ركائز العدالة والحماية الاجتماعية.

على الصعيد الخدماتي، فقد تمكنا من احداث تغييرات جذرية في اجراءتنا والتخلص من بعض المعيق وغير الضروري منها، والهدف الأساس تركز في تقديم خدمات سلسة وميسرة ترتقي الى طموح وحقوق جمهور المؤسسة ومتلقي الخدمة. فقد تم تبسيط إجراءات التقدم والحصول على بدل التعطل وبدل إجازة الأمومة، فبعد أن كانت الخدمة تتطلب قيام المؤمن عليه بمراجعة المؤسسة لمرات عدة وبمجموعة من الوثائق، أصبحت هذه الخدمات لا تتطلب مراجعة المؤسسة لأكثر من مرة وأصبحت المنافع التأمينية متاحة للاستلام في أي من فروع بنك الإسكان. 
في عام 2019 اعتمدنا نهجاً جديداً لخدمات تأمين إصابات العمل، نهجاً كسر تقليداً روتينياً استمر العمل به لنحو أربع عقود من الزمن. فبعد أن كانت التزامات المؤسسة تجاه المصابين المشمولين بالتأمين تتم على نحو لاحق، أي بمعنى أن تتحمل المنشأة أو المصاب علاج نفسه ومن ثم العودة للمؤسسة بالمبالغ التي تحملتها، فإما أن تعاد بالكامل أو جزء منها خلافاً لالتزاماتها وفقاً لأحكام القانون، اليوم أخذت المؤسسة على عاتقها علاج المصاب بشكل مباشر وبكل سلاسة ويسر. فخلال العام المنصرم، تكللت جهود إدارة إصابات العمل والسلامة المهنية في توقيع أول اتفاقية شراكة مع الخدمات الطبية الملكية تبعها جملة من عقود شراء خدمات المعالجة الطبية شملت معظم المستشفيات الخاصة العاملة في المملكة. ولهذه الغاية فقد تم استحداث منصة الكترونية للإبلاغ عن اصابات العمل والحصول على الموافقات الطبية الفورية للمعالجة في أي من المستشفيات المتعاقد معها، وهذه المنصة تم تطويرها بالكامل من قبل فريق متميز من المؤسسة. 
في عام 2019، اعدنا بناء الموقع الالكتروني للمؤسسة وهندسة خدماتنا الالكترونية على نحو يمكن جمهور المؤسسة التقدم للحصول على عدد من خدمات المؤسسة دون الحاجة لمراجعة أي من فروعها، وستصبح جميع خدماتنا الكترونية باذن الله بالكامل مع حلول بداية شهر أذار من العام الحالي، وعندما نتحدث عن خدمات الكترونية فإننا نعني خدمات فعالة متكاملة مع أنظمة المؤسسة ومع باقي الجهات التي ترتبط قواعد بياناتها بأعمال المؤسسة. ومما يؤكد على سلاسة هذه الخدمات، وصول عدد المسجلين في بوابة الخدمات الالكترونية أكثر من نصف مليون مستخدم في أقل من شهرين، مقابل 180 الف مستخدم إجمالي عدد المستخدمين في فترة تجاوزت الخمس سنوات. 
 تحدثت عن التعديلات الجديدة التي طرأت على قانون الضمان الاجتماعي وذكرتم أنها ستعزّز من منظومة الحماية الاجتماعية، فهل توضح لنا كيف ومتى؟
- في الواقع، جميع التعديلات الأخيرة على قانون الضمان الاجتماعي جاءت لتشكل إضافة نوعية تصب في تحقيق الرسالة الأساس للمؤسسة، وهي تعزيز الحماية الاجتماعية على نحو عادل ومستدام.
فالتعديلات توسعت في الحقوق التأمينية للمؤمن عليهم العسكريين، ابتداءً من زيادة الحقوق التقاعدية لورثة شهداء الواجب، مروراً بتحسين الرواتب التقاعدية لورثة الوفيات الإصابية غير المرتبطة بالعمليات الحربية، وتعديل آلية احتساب الرواتب التقاعدية للمؤمن لتستند الى الأجر الأخير وغيرها من التعديلات الإيجابية التي استلزمت ايضا زيادة نسب الاشتراكات على المؤمن عليهم العسكريين بواقع 1.5 % لضمان استدامة المؤسسة وتعزيز قدرتها على تمويل المنافع التأمينية الجديدة لتصبح مجموع الاشتراكات الكلية  28 % بحلول عام 2021.
التعديلات الاخيرة توسعت ايضا في المنافع التأمينية لتأمين الامومة بحيث أتاحت للمؤسسة تمويل برامج المسؤولية المجتمعية المرتبطة بالتأمين وبمبلغ لا يتجاوز ربع الاشتراكات السنوية المقتطعة عن هذا التأمين، وفي هذا المجال فقد أقر مجلس الإدارة في جلسته الأخيرة مشروع النظام المرتبط بهذا التعديل الذي أعدته المؤسسة تمهيداً كخطوة أولى للسير بإجراءاته التشريعية وإقراره من مجلس الوزراء. مشروع النظام سيتيح للمؤسسة دعم جانب من كلف الحضانات للمستفيدات من التأمين وفقا لقاعدة تصاعدية يزيد فيها الدعم مع انخفاض أجر المستفيدة من التأمين. كما سيتيح النظام وفقاً للمشروع المقترح للمؤسسة المساهمة في دعم إنشاء حضانات في المناطق الأقل حظاً غير المخدومة بحضانات مناسبة. 
تم التوسع ايضا في خدمات تأمين التعطل عن العمل في نطاق الهدف الأساس الذي انطلق من أجله وهو توفير الدعم النقدي للمؤمن عليهم في الظروف الاستثنائية. فالتأمين جاء بالأساس لتوفير دخل مناسب للمشترك في حال تعطله عن العمل، والآن وبعد أن أصبح الصندوق في وضع مالي متين ويتمتع بفوائض نقدية كبيرة، اتحنا المجال أمامه لاستخدام جانب من رصيده الإدخاري في التأمين لغايات تغطية كلف التعليم والمعالجة الطبية له ولأفراد أسرته. ولم تنتظر المؤسسة طويلاً لتفعيل هذا البرنامج، فخلال شهر من دخول التعديلات الأخيرة حيز التنفيذ، شرعت المؤسسة بتطبيقه من خلال نافذة الخدمات الالكترونية التي أتاحت التقدم لهذا البرنامج بسهولة ويسر، فالتقدم كان متاحا على مدار الساعة ولا يتطلب سوى دقائق معدودة. الشاهد على ذلك، حجم الطلبات التي استقبلتها المؤسسة والتي اقتربت من ربع مليون طلب خلال أقل من شهرين، وحجم المبالغ المصروفة التي بلغت نحو 156 مليون دينار التي كانت تتم من خلال كافة فروع بنك الاسكان المنتشرة في المملكة، ومن ثم انضم بنك القاهرة عمان بكافة فروعه لتقديم هذه الخدمة.
القانون المعدل توسّع أيضًا في حالات الحصول على رواتب تقاعد الورثة الذي كان محصوراً بحالات الوفيات المتحققة أثناء عمل المؤمن عليه وشموله بأحكام القانون. ما لمسناه من خلال المعاملات التي تقدم للمؤسسة ومعاناة ورثة المؤمن عليهم ممَن وافتهم المنية وهم خارج الخدمة ولهم فترات اشتراكات طويلة في المؤسسة دفعتنا لتعديل شروط الاستحقاق لتشمل المتوفين خارج الخدمة ولهم فترات اشتراك لا تقل عن 10 سنوات ولم تتجاوز فترة انقطاعهم عن الاشتراك لأكثر من خمس سنوات. 
وفي نفس الإطار ولتحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية، تم إقرار تعديل آلية احتساب الزيادة السنوية للتضخم بحيث أصبحت قيمتها توزع بالتساوي على جميع المتقاعدين على نحو يخدم بشكل أكبر أصحاب الرواتب التقاعدية المنخفضة. 
وفيما يتعلق بالتعديل الذي كان محلاً للجدل وإشارات الاستفهام والمرتبط باستثناء بعض العاملين في المنشآت الريادية الجديدة من الشمول في تأمين الشيخوخة فقد جاء هذا التعديل بالأساس ليساعد المشاريع الجديدة على النهوض خلال الفترة الاولى من نشأتها من خلال تخفيف أعباء اشتراكات الضمان الاجتماعي عليها. وهنا أود التأكيد على أن تطبيق هذه المادة سينحصر فقط في المشاريع والأنشطة الواعدة وسيطبق فقط على العاملين الشباب ممن لاتتجاوز أعمارهم 28 عاما ولمدة لا تتجاوز خمس سنوات للمنشأة الواحدة، وعلى الرغم من كل ذلك، سيبقى العامل مشمولا بتأمين إصابات العمل والتعطل والأمومة والعجز والوفاة الطبيعية. كما أن الفترة اللاحقة للعمر 28 ستكون كافية لتمكين المؤمن عليه من استكمال الفترة اللازمة للتقاعد المبكر وتقاعد الشيخوخة على حد سواء. 
التعديل الأهم على صعيد الاستدامة المالية والتأمينية، هو زيادة الحد الأدنى لسن التقاعد المبكر ليصبح 55 عامًا وفترة اشتراك لا تقل عن (252) اشتراكاً بالنسبة للمؤمن عليه الذكر و 52 عامًا بالنسبة للأنثى مع فترة اشتراك لا تقل عن (228) اشتراكاً، هذا بالإضافة إلى زيادة معامل الخصم المرتبط بالعمر عند التقاعد. وهنا لا بد من التأكيد على أن هذا التعديل يسري فقط على كل من يشترك في مظلة الضمان الاجتماعي لأول مرة بعد سريان أحكام القانون المعدل في بداية شهر تشرين أول من عام 2019. 
 أشرت إلى صرف الرصيد الادخاري في إطار تعديلات القانون، فهل لهذا التعديل تأثير على الاستدامة المالية للمؤسسة؟
 - شكرًا جزيلاً على هذا السؤال الهام ولهذه الفرصة للتأكيد من خلال جريدتكم الموقرة على ثلاثة اعتبارات أساسية مرتبطة بهذا التعديل واسمحولي أن اسميها «اللاءات الثلاثة»:
سحب الرصيد الادخاري لتأمين التعطل عن العمل لا يؤثر اطلاقا على الوضع المالي للمؤسسة، فحسابات تأمين التعطل عن العمل وهو تأمين مستقل بالكامل عن باقي تأمينات المؤسسة وهي في المحصلة حسابات إدخارية للمؤمن عليهم وتتم تسوية حقوقهم من هذه الحسابات عند خروجهم نهائياً من أحكام قانون الضمان الاجتماعي. 
سحب الرصيد الإدخاري لا يؤثر اطلاقاً على الحقوق التقاعدية كما أن سحب الرصيد الادخاري لا يحول دون استفادة المؤمن عليه من بدلات التعطل في حال تعطله بعد الحصول على رصيده الإدخاري.
في مسألة الرصيد الإدخاري اجتهدنا بكل مسؤولية للخروج بأفكار استثنائية في مرحلة استثنائية، ولن نتوانى يوماً عن التفكير بجرأة ومسؤولية بأي مبادرة للتخفيف عن المواطن الأردني دون الاضرار بالمركز المالي للمؤسسة وحقوق الأجيال القادمة. سحب الرصيد الإدخاري وبشهادة الجميع كان له أثر ملموس على السوق المحلي الذي يعتبر بالأساس عمقاً للمؤسسة من خلال القنوات المختلفة، سواء كنا نتحدث عن التشغيل أو التحصيل وغيرها من الاعتبارات. 
 هل تعتقدون بأن استثناء بعض العاملين من تأمين الشيخوخة سيكون له أثر إيجابي على البيئة الاستثمارية؟
- نعم، حاولنا في مشروع النظام المرتبط بهذا الجانب وضع الأسس والمعايير التي تخدم تحسين البيئة الاستثمارية لعدد من الأنشطة الواعدة، ولكن علينا التأكيد هنا أن تطبيق هذا الاستثناء سيكون ضمن نطاق محدود حتى نتمكن من تقييم فاعلية الإجراء. تخفيف عبء اشتراكات الضمان الاجتماعي ربما ضروري لتمكين بعض المنشآت من النمو والنهوض خلال المراحل الأولى من نشأتها ولكنه ليس كافياً بحد ذاته، فالبيئة الاستثمارية ترتبط بمنظومة متكاملة من العناصر، والحزم التحفيزية التي أطلقتها الحكومة مؤخراً ستحسن من هذه المنظومة. 
 ما الجديد الذي ستقدّمه المؤسسة خلال العام الحالي؟ 
هناك مجموعة من المشاريع التي ستعمل المؤسسة على استكمالها وتنفيذها خلال هذا العام، ولعل أهمها التوسع في الشمول. فمنذ بداية العام الماضي تنفذ المؤسسة خطة مدروسة لضمان شمول كافة العاملين في المملكة بالضمان الاجتماعي. فلا زالت هناك فئات غير مشمولة بمظلة الضمان الاجتماعي تقدر بنحو
 35 % من إجمالي المشتغلين، المشوار قد يبدو طويلاً لكن المؤسسة حريصة على دعم كوادر تفتيشها والتكامل وتبادل البيانات مع مختلف شركائنا في القطاعين العام والخاص. شهرياً نستهدف أنشطة ومناطق محددة، هذا بالإضافة إلى الشكاوى والملاحظات التي نتلقاها ونتعامل معها أولا بأول. ولخدمة هذه الغاية تعزم المؤسسة على افتتاح فروع جديدة، في منطقة الرصيفة وعين الباشا، سيتركز مهامها بشكل أساسي في عمليات الشمول والتفتيش والتحصيل خصوصاً أن خدمات المؤسسة الأخرى ستكون متاحة بالكامل عبر بوابتها الالكترونية.
كما سنكثف من حملتنا لضبط المخالفين لأحكام القانون، وتحديداً المتقاعدين مبكراً الذين يعودون للعمل دون إشعار المؤسسة. فهذا الموضوع لم يكن يلقى العناية المطلوبة وشرعنا في المؤسسة بتنفيذ حملة شاملة لضبط المخالفين حفاظاً على أموال المشتركين وتكريساً للتطبيق العادل لأحكام القانون، فتوجيهات جلالة الملك واضحة بأن ينفذ القانون بشكل عادل على الجميع دون استثناء، وتوجهات المؤسسة في هذا المجال تلقى دعماً مطلقاً من دولة رئيس الوزراء. 
تمكنا خلال العام الماضي من ضبط عدد كبير من المخالفين واسترداد حقوق مالية للمؤسسة، وستكون الأعداد أكبر خلال هذا العام. الأهم في الموضوع هو الرسالة التي نحرص على ايصالها للجميع، لا تهاون في تطبيق القانون على كل يخالف أحكامه سواء كان ذلك بشكل مقصود أو غير مقصود، فالنتيجة واحدة. سنركز خلال الفترة القادمة على الجانب التوعوي وتجنيب العاملين التبعات المالية التي قد تترتب على أي مخالفات قد ترتكب لأحكام القانون. 
الخدمات الالكترونية ستكون جاهزة بالكامل بحلتها الجديدة المعاصرة خلال الشهرين القادمين وهذه الخدمات ستكون مرتبطة بشكل متكامل مع أنظمة المؤسسة وأنظمة الجهات التي ترتبط قواعد بياناتها بإجراءات وأعمال المؤسسة، وستكون الخدمات متاحة على مدار الساعة وعلى مدار أيام الأسبوع ولن تكون هناك حاجة لمراجعة أي من فروع المؤسسة إلا في حالات استثنائية. وستكون هذه الخدمات ملزمة لجانب كبير من جمهور المؤسسة مع منتصف هذا العام، وسيتم الاستغناء عن معظم الوثائق التي كان يتوجب إرفاقها في المعاملات وتشكل عبئاً مالياً وزمنياً على متلقي الخدمة. 
الجديد ايضا مشروع الأرشفة، المشروع الذي طال انتظاره وشرعنا في إطلاقه مع بدايات العام الماضي، فستستكمل المؤسسة خلال الأيام القليلة القادمة الاستغناء عن المعاملات الورقية في فروعها، وبمشيئة الله سنستكمل أرشفة نحو 75 % من الوثائق التاريخية التي يتجاوز عددها الأربعين مليون وثيقة مع حلول نهاية هذا العام. اليوم هناك فريق متكامل ومتميز من موظفي المؤسسة يعمل على هذا المشروع ويعملون على تطوير منهجيات نوعية للأرشفة ستشكل حالة وتجربة يقتدى بها في المملكة ودول المنطقة. 
  ماذا عن ديون «الضمان» على المؤسسات والشركات؟
- نعم للمؤسسة ذمم مستحقة وغير مسددة تقدر بنحو 382 مليون دينار وهي مديونية تراكمت منذ نشأة المؤسسة وهي مديونية معقولة في حدود 22 % من الإيرادات السنوية وجانب كبير منها مغطى بضمانات كافية كفلها القانون، فلا يوجد هناك ما يدعو للقلق. ما يهمنا اليوم تمكين المنشآت على سداد الذمم المترتبة عليها ومساعدتها في الظروف الاستثنائية، لذلك نعمل الآن على إجراء مراجعة شاملة لآليات التحصيل والحجوزات والحيلولة دون وضع ضغوطات مرهقة على المنشآت المدينة ولكن دون التفريط بحقوق المؤسسة، مع الإشارة إلى أن نظام الشمول المعدل الجديد الذي بدأ العمل به بتاريخ 16/5/2019 منح مجلس إدارة المؤسسة صلاحية جديدة ولأول مرًة بتخفيض نسبة فائدة التقسيط (والتي هي في الأصل بنسبة 9 % سنوياً) لكافة المنشآت المدينة ولمدة محددة وبما لايقل عن نسبة (5 %) وتم فعلياً تطبيق هذا النص في العام الماضي واستفادت منه كثير من المنشآت التي أبرمت اتفاقيات تقسيط مع المؤسسة. 
 ماذا عن زيادات المتقاعدين وهل سيحذو الضمان حذو الحكومة في هذا الجانب؟
- الضمان مدرك لاحتياجات شريحة من أهلنا من المتقاعدين، وأهمية زيادة رواتبهم التقاعدية في ظل الظروف الاقتصادية العامة. وعليه، قمنا بإعداد تصور لهذه الزيادات وتقدمنا به لمجلس الوزراء ونتوقع إقراره قريبا. وهذا التصور سيمكننا عمليا من زيادة الحدّ الأدنى لرواتب متقاعدي الضمان الاجتماعي، ضمن المحددات القانونية التي تحكم معادلات الزيادة.
ولا بد من التـأكيد هنا على ان آلية زيادة الرواتب التقاعدية في الضمان الاجتماعي تختلف كليا عن آليتها للرواتب التقاعدية التي تمنح وفق قانون التقاعد المدني والعسكري. زيادة الرواتب التقاعدية في الضمان الاجتماعي هي عملية ممنهجة وملزمة للمؤسسة بموجب احكام القانون، وهذه الالية معمول بها بشكل سنوي منذ عام 2010 وهذا غير معمول به في قانون التقاعد المدني والعسكري. النطاق الآخر الذي يسمح به القانون لزيادة الرواتب التقاعدية هو الحد الادنى للراتب التقاعدي الاساسي الذي قامت المؤسسة بزيادته في حزيران الماضي بواقع الضعف، من 50 دينار شهريا الى 100 دينار واستفاد منه نحو 55 الف متقاعد ووصلت الزيادة الممنوحة لجانب كبير من المتقاعدين الى 60 دينار بعد الاخذ بعين الاعتبار الزيادة المستحقة على العلاوة العائلية. وعلى الرغم من الكلفة المرتفعة لهذه الزيادة الا ان مسؤوليتنا الاجتماعية، كمؤسسة معنية بالحماية الاجتماعية، دفعتنا للسير قدما والتنسيب بهذه الزيادة علما بان اخر تعديل على هذا الحد كان في عام 1993، وهنا اتقدم بجزيل الشكر لدولة الرئيس ومجلس الوزراء على دعم المؤسسة ومتقاعديها بإقرار هذه الزيادة. 
مؤخرًا وبناء على مطالبات المتقاعدين وتوجيهات دولة الرئيس بدراسة اوضاع المتقاعدين واصحاب الرواتب التقاعدية المتدنية على وجه الخصوص، قامت المؤسسة بدراسة عدة خيارات ضمن مجموعة من المعطيات وابرزها التأكد من عدم تأثير اي زيادة يتم اعتمادها على الديمومة المالية للمؤسسة وحقوق الاجيال القادمة، وايضا ولعله الاعتبار الاهم، النطاق الذي يسمح به القانون لاقرار اي زيادة. في الواقع قانون الضمان الاجتماعي وكما اشرت في معرض الاجابة على هذا السؤال لا يسمح باعتماد اي زيادة للمتقاعدين الا من خلال اتجاهين. الاول من خلال ربط الرواتب التقاعدية بالتضخم او معدل نمو متوسط الاجور وهذا يتم في ايار من كل عام. وفي هذا المجال، أود الاشارة الى ان التعديل الاخير على قانون الضمان الاجتماعي أقر الية جديدة لهذه الزيادة بحيث ستكون الزيادة موحدة لجميع المتقاعدين بغض النظر عن مقدار الراتب التقاعدي، وهو ما يعني ضمنا استفادة اصحاب الرواتب التقاعدية المتدنية نسبيا اكثر أصحاب الرواتب التقاعدية المرتفعة، وهو الهدف الاساس للتعديل.
أما المجال القانوني الاخر للزيادة فهو الحد الادنى للراتب التقاعدي الاساسي، وهو الاساس الذي ستنطلق منه الحكومة لاقرار اي زيادة مقترحة. وحتى نكون صريحين، فان امكانيات المؤسسة المالية على المدى البعيد لا تسمح سوى التركيز على اصحاب الرواتب التقاعدية المتدنية مع إيلاء أهمية خاصة لاصحاب رواتب الاعتلال الكلي والوفاة الطبيعية والاصابية.
 نعم الوضع المالي للمؤسسة مريح للغاية اليوم، الا ان منظور الضمان الاجتماعي هو بعيد المدى وان اي زيادة نقرها اليوم ستكون على حساب باقي المشتركين والمتقاعدين وان التوسع غير المدروس والمنضبط في الزيادة قد يؤثر سلبًا في الديمومة المالية للمؤسسة. 
في سياق الحديث عن الرواتب التقاعدية والمتقاعدين مبكرا على وجه الخصوص، فقد شرعت المؤسسة بتعدل نظام الشمول الذي تم اقراره والعمل فيه منذ ايار الماضي، وقد تضمن التعديل اتاحة المجال للمتقاعدين مبكرا العمل بالقيام بالمشاريع الخاصة التي تندرج ضمن مفهوم شركات التضامن والمؤسسات الفردية دون التأثير سلبا على مستحقاتهم التقاعدية، كما يسمح القانون بالجمع بين جانب من الراتب التقاعدي والراتب من العمل في حال عودة صاحب الراتب التقاعدي المبكر للعمل. وعلاوة على ذلك، فان مشروع النظام المعدل لنظام المنافع التأمينية الذي يتوقع اقراره قريبا، سيتيح المجال للمتقاعدين مبكرًا تعديل نسبة الخصم المترتبة على رواتبهم التقاعدية في حال عودتهم للعمل.
  ماذا بخصوص سلف المتقاعدين واستحداث نافذة للمرابحة الإسلامية؟
- نعم، سلف المتقاعدين برنامج اعتمدته المؤسسة في عام 2016 والهدف الاساسي منه اتاحة المجال امام المتقاعدين للحصول على سلف تمويلية باسعار فائدة منافسة تمكنهم من تغطية التزاماتهم واحتياجاتهم وبنفس الوقت تحقيق عائد استثماري على اموال الضمان مقارب للعوائد المتحققة على باقي الاستثمارات. هذا البرنامج يتم بالتعاون ما بين الصندوق والمؤسسة، فالصندوق يقوم بتخصيص أموال لهذه الغاية والمؤسسة تقوم بإدارة هذا البرنامج. 
الجديد في هذا الموضوع هو منح السلف وفقًا لصيغة المرابحة الاسلامية وذلك بعد عدة مطالبات وردت للمؤسسة بهذا الخصوص، لا سيما من جميعة المتقاعدين، فهناك شريحة واسعة من المتقاعدين لا ترغب في الحصول على السلف وفقًا للصيغة التجارية المعمول بها حاليًا وتفضل الحصول عليها وفقا للقواعد الشرعية، ومن واجبنا كمؤسسة ان نتيح المجال للمتقاعدين بالحصول على هذه السلف وفقًا للصيغة التي تناسبهم.
الجديد أيضًا اتاحة المجال امام اخوتنا المتقاعدين من ابناء قطاع غزة والضفة الغربية المقيمين في المملكة الحصول على هذه السلف حيث ان منح السلف مقتصر حاليًا على الاردنيين. 
المهم في هذا الجانب ان المصلحة مشتركة في منح هذه السلف، فهي تراعي احتياجات ومتطلبات المتقاعدين وفي الوقت نفسه تحقق عائدًا استثماريًا على اموال المؤسسة، وأيضًا لهذه بعدٌ اقتصادي يتمثل في تحسين كفاءة سوق الاقراض الذي نلمس فيه نوعا من المغالاة في اسعار الفوائد على الادوات الائتمانية. حاليًا تجاوزت القروض الممنوحة للمتقاعدين 70 مليون دينار منذ اطلاق البرنامج في عام 2016. 
 كيف ترى الوضع المالي للمؤسسة وهل هناك ما يستدعي القلق؟
- هذا السؤال مهم للغاية، أعتقد أن المؤسسة اليوم في أحسن أحوالها، في الشقين التأميني والاستثماري. لا تزال المؤسسة تحقق فوائض مالية كبيرة وستستمر في تحقيقها في السنوات المقبلة. العام الماضي قمنا بتحويل أكثر من نصف مليار دينار كفوائض مالية لصندوق الاستثمار، وتدفقاتنا المالية مطمئنة على المدى المتوسط والبعيد خصوصاً مع التعديل الأخير على قانون الضمان الاجتماعي الذي وضع حدًّا لظاهرة التقاعد المبكر وسيشمل المشتركين لأول مرة بأحكام القانون اعتباراً من بداية شهر تشرين الأول لعام 2019، كما نتوقع أن ينخفض الإقبال على التقاعد المبكر مع استمرار جهود المؤسسة للحد من ظاهرة التهرب التأميني. متانة الوضع المالي، مكنتنا أيضاً من التوسع في المنافع التأمينية التي شملتها التعديلات الأخيرة على قانون الضمان الاجتماعي.