العراق
فارس الحباشنة -صديق عراقي في المهجر علق بحسرة عما يجري لبلاده قائلا: ان العراق قد انهار وتدمر، لربما أن هناك نخبة سياسية عربية وعراقية يتقاطع رأيها مع صديقنا المهاجر حول ما اصاب العراق الجديد بعد الاحتلال الامريكي واحتلال وديمقراطية بليمر.
العراق ما عاد العراق الماضي الذي عرفناه في حقب ما بعد الاستقلال الملكية والجمهورية. انهيار سياسي، وحالة اللادولة، قوى اقليمية ودولية تتناهش على جغرافيا ممزقة ومقسمة، ايران من الجنوب وتركيا من الشمال، وامريكا تسرح وتمرح، اراض تحولت الى يباب وسائبة، وقد استوطنها الغرباء.
هي أندلس عربية جديدة تسرق. فتماما كما حصل للاندلس قبل عقود، لم يعد هناك بلاد الرافدين ومهد الحضارات، ولم يعد العراق الاستراتيجي والحاضنة العربية الكبرى، عراق الضمير العربي، بغداد شقيقة دمشق بالوجع والهم العروبي. ساحة لمتصارعين ولاعبين اقليمين وأمميين يتحاربون على الاشلاء والغنائم، يدمرون ويعبثون ويخربون ويلهوون كما يريدون.
في الوجد العربي، فان العراق اكثر بلد عربي ارتبط بالرومانسية القومية، مركز العروبة وروحها النابض ثقافة وفكرا وسياسة. كان مجحا للعرب، وفي الخيال العربي الجامح برومانسية العراق، فقد قالوا : من لم يزر بغداد فان عروبته معيوبة وناقصة.
ذلك هو العراق الذي أحببنا وخسرنا اليوم. ولا أجد الا الحسرة والألم كلما تابعت اخبار العراق الان، موت فارط وعديم واغراق البلاد بالفوضى والاقتتال، تفجيرات وقتل للمتظاهرين، و قمع غير مسبوق لمحتجين يطالبون بالعدل والحرية والكرامة، عراقيون يصرخون في جوه طبقة سياسية طاغية سرقت البلاد وخربته ودمرته.
اول ناحري العراق هم من العرب ومازالوا يسلون خناجرهم وسيوفهم في خاصرة أم العرب. تركوا العراق وتخلوا عنه وسابوه وحيدا. في التاريخ ثمة حقائق تم تزييفها، و يصعب صرف النظر عنها، والسكوت عنها، والقفز كالعميان من فوق صفحات الكتب والذاكرة العامة.
العراق وقع في المصيدة، ودول عربية توالى سقوطها بعد العراق كالذبائح في مسالخ البلدية. سورية الملطومة وليبيا المجروحة، واليمن الحزين والتعيس، ولبنان المفقود، والسودان المضمود..
اعرف ان من العرب اليوم من هم مقسمون بين ايران وتركيا وامريكا. ولكن لست في حيرة من أمري إذا ما قلت لصديقي العراقي المهاجر أن جرحي اردني وعراقي وسوري وسوداني، عربي من الماء الى الماء.