السيد ترامب مهووس الصفقات !!
بقلم : ميساء ابو زيدان
تتابع الأوساط السياسية المعنية بالصراع العربي-الإسرائيلي اللقاء المرتقب في واشنطن بين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وبين زعيمي الأحزاب الإسرائيلية (كاحول لافان) و(الليكود) كلٌ على حدى وقبل شهر من إجراء إنتخابات الكنيست الإسرائيلي وبدعوةٍ من الرئيس الأمريكي لإطلاعهما على تفاصيل رؤية الإدارة الأمريكية الحالية الخاصة بحل الصراع. هذه الإدارة المتمثلة بالرئيس ترامب وفريقه والذي حصد أصوات الناخبين الأمريكين لمسيرته (الحافلة!) في قطاعي المال والأعمال لم تجيد بعد قراءة تاريخ السياسات الأمريكية تجاه الصراع العربي-الإسرائيلي بحيث تدرك أن كل ما من شأنه التعرض لوجود الشعب الفلسطيني وعلى أرضه فلسطين سيكون مصيره الفشل.
ووسط ما يدور من حديث عن إعلان مرتقب لتلك الرؤية الأمريكية التي نعتقد بأنه لا يجوز القبول ووصفها (الصفقة) وكأنه تلميح ضمني بقبولنا لعقد البيع بين ترامب والإسرائيليين. يبدو أن التوجهات الأمريكية بخصوص حل الصراع القائم ما زالت قاصرة وتعتمد فرض الوقائع بالقوة والاستحواذ حيث العالم ميدانها المتاح! وتتناول الملفات الدولية بعقلية صاحب الشركة الذي يحدد بجرة قلم مصير موظفيه فلا العالم شركة السيد ترامب ولا شعوبه موظفين لديه. يعتقد السيد ترامب أنه سيتجاوز سابقيه من ساكني البيت الأبيض ويحقق ربحاً من خلال خطةٍ تكفل وضع حداً نهائيّ للصراع في المنطقة و إنهاء القضية الفلسطينية التي فشلت كل الإدارات الأمريكية السابقة بوضع حداً لها، ويبدو أيضاً أن السيد ترامب لم يقرأ تاريخ المنطقة جيداً بحيث يُهيأ له أنه بإمكانه ومن خلال لغة البورصة تحديد مسار العلاقات بين الدول في منطقتنا التي ورغم كونها رزحت ولعقود تحت سياسات البيت الأبيض لم ولن تمنح قوى الاستعمار الحديث في العالم زمام كرامة شعوبها.
وفي منحى آخر يتم تسليط الضوء على هذه (الصفعة) التي يضرب بها السيد ترامب وجه العالم أجمع بلغةٍ مستهترة وعبر كافة الوسائل والقنوات بحيث تُحدث إرباكاً داخل المشهد الفلسطيني بل والعربي بحيث يتم نقل أزمات الإسرائيليين والسيد ترامب خارج حلباتهم الإنتخابية لإسقاطها على دول المنطقة. حيث الفلسطينييون يجاهدون يومياً سياسات أصدقاء السيد ترامب من الإسرائيليين من سرقة للأرض الفلسطينية واستهداف إنسانها وآخر ذلك المزاد الذي يعلنه الإسرائيلييون بخصوص الأغوار وضمها، فصديقهم الترامب منحهم (موافقته) حينما أعلن شخصياً أن القدس عاصمتهم وأنه لا وجود لما يسمى لاجئين فلسطينيين وغيرها من الإعلانات والتي لا وزن لهما في سوق أوراق السيد ترامب. كما الدول العربية التي تجاهد حفظ سيادتها واستقرارها الذين استُهدفا من زملاء السيد ترامب السابقين في البيت الأبيض وتحت مسمياتٍ عديدة كان آخرها الفوضى الخلّاقة التي أزهقت الدم واستباحت الكرامة الإنسانية.
أصبح مصيرنا كفلسطينيين وعرب هو مادة حملاتهم الانتخابية والتي تتعالى فيها الأصوات المنادية لمزيدٍ من السلب والهتك والهدر بحق شعوبنا، ما يدفعنا لأن ننطلق نحو إعادة صياغة الفعل الفلسطيني الذي خرج منذ عقود من كوم الرماد نافضاً عنه وبإرادة صلبة الخنوع والعجز للذود عن أرضنا فلسطين وحقوقنا الوطنية وكرامة شعبنا، لكن وأمام سيل الإنكار والعنصرية التي تُمارس ضدنا علينا أن نحفظ ونمتن وبما أوتينا أعمدة كياننا الفلسطيني الشرعي والأوحد "منظمة التحرير الفلسطينية" لنتجاوز بكل مكونات خارطتنا السياسية الفلسطينية وإلى جانب الشعب الفلسطيني حالة الإنهاك الداخلي الذي تعاظم بفعل الشرخ الأسود المُشوِه لصفحات نضال وتضحيات شعبنا، بل وأصبح هذا الشرخ هو الورقة الرابحة حيث قدمها ولا يزال البعض قرباناً على مذبح أطماعهم واستعمارهم الحديث الصبغة. الأمر الآخر والمهم في هذا المنحى هو ضرورة تجاوز رهان الإسرائيليين على فقداننا لصلة الرحم بيننا وبين أشقائنا العرب الذين لا زالوا مستهدفين في حملات التشويه الإسرائيلية الممنهجة والتي تحاول عجزاً ضرب اللحمة بيننا وبين شعوبنا العربية التي ومهما برزت في مناحٍ منها مواطن ضعف إلا أنها المقدس الفلسطيني الآخر بعد مقدسنا الأول قرارنا الوطني الفلسطيني المستقل، والذي يدفعنا لخوض معتركاً آخر يتصدى لكل تلك المحاولات البائسة.