الملك، صون التعددية هو احترام للموروث الإنساني

د.حازم قشوع— تعتبر واحدة من أهم انجازات الملك عبدالله حماية الرأي الآخر والمحافظة عليه واحترام التعددية والتنوع الثقافي في اطار مجتمع المعرفة الذي تسعى الى تعزيزه استراتيجية الدولة الاردنية من اجل تعزيز مناخات السلم الاهلي وتعزيز مناخات السلم الاقليمي والدولي، فان العمل على الارتقاء بالقيم الحاضنة للحضارة الانسانية وحدها قادرة للمحافظة على السلام مناخاته وقيمها التي تكفل صون درجة التعايش المذهبي والعرقي والتنوع الثقافي.
من هنا تاتي اهمية احترام المجتمع الدولي لهذا التنوع الثقافي والحضاري والمحافظة على حالة التعددية في اطار الهوية الانسانية الجامعة عبر حركة فكرية تدعو للمصالحة مع الذات من اجل حماية الموروث الثقافي الإنساني وتعزيز دور المظلة الدولية في حماية التنوع الاثني والمذهبي والجندري من خلال صون مناخات التعددية الديموقراطية عبر رعاية الانجاز المعرفي بهدف صون المكتسبات الانسانية في خدمة البشرية جمعاء، فان خير التواصل هو التواصل المعرفي الذي يسهم به الجميع من اجل علوم معرفية جديدة تتجدد معها المسيرة الانسانية وتعلو في قيمها قيم المصالحة لغايات الاصلاح من اجل التقدم والنماء، فان حرص جلالة الملك على الرعاية المقدسية نابع من احترام جلالته لدرجة التنوع الحضاري في مركز الحضارات الانسانية.
فاذا كانت رؤيتنا تصبو تجاه المصالحة مع الذات الانسانية فان رسالتنا لابد ان تسعى من اجل حماية الارث الانساني واحترام التنوع الحضاري والثقافي عبر تاصيل قيم المصالحة لغاية الاصلاح والتبادل المعرفي من اجل النمو وتعظيم مساحات التنمية في شتي ميادين الحياة، فان القيم الانسانية تقتضي من الجميع احترام القانون الدولي واحترام المرجعية الاممية وحمايتها من الاختطاف باستخدام لغة القوة والقرارات الاحادية او التمادي في مسالة الغاء الاخر بالاستفادة من حالة المخاض السياسي التي تعيشها المنطقة، لان ثمن ذلك سيكون خطيرا وتداعياته ستكون وخيمة كونها ستعمل على استشراء مناخات الغلو والتمادي في مناخات التطرف العقائدي والتعصب الاثني، الامر الذي سيحمل اثرا عميقا على صعيد السلم الاقليمي والامن الدولي.
من هنا تاتي اهمية رسالة جلالة الملك للعالم من اجل الحفاظ على مكانة القدس وهويتها الانسانية في اطار الرعاية الهاشمية المقدسية بهدف حفظ مناخات الامن الاقليمي والدولي عبر احترام الجميع للقانون الدولي، باعتباره المرجعية الناظمة للمنظومة الدولية من دون اختطاف احادي او قرارات انية ستشكل ملاءتها حالة من الانغلاق او التقوقع في المستقبل المنظور، فان خير الامان هو ذلك الامان المبني على استراتيجية الشراكة والقبول الذي يؤدي الى سلام تحفظه الأجيال وتصونه ولا يتغير بتغير الظرف او يتبدل بتبدل الاحوال السياسية.
فان مسالة تفهم المعادلة لا يعني الموافقة عليها او القبول بكل مضامينها، لكنه يحسب من باب حساب موازين القوى ومرعاة ما يمكن مراعاته، فالاصل ان يتقدم المبتدا عن الخبر لكن عندما يسبق الخبر مبتدا القرار فان غايته تندرج في اطار السياق الموضوعي الذي كان من المفترض ان يفيد في حسن الاستجابة عند بيان قرار المبتدا، فان كثرة الشد قد تولد الضم لكنها تبعد خانة الكسر ورواسبها التي لا يخدم الصالح العام وسط ايقاع الظرف التاريخي الذي ثابته متغير وحالة مرحلية قوامها الابتعاد عن الادوات الضاغطة، لذلك كان الوصول الى نقطة التعادل الصفري في ميزان المعادلة السياسية مسالة مهمة في ظل عدم
وجود اسناد داعم او دعائم كان وجودها سيشكل للموقف السياسي حماية ورافعة، لذا ستبقى المحصلة غير قابلة للتشكيل ضمن المعطيات الراهنة.