الملك والعلامة الفارقة

د.حازم قشوع — قد نكون لسنا بالدولة العظمى لكن لدينا قائد قدير، وقد لا نمتلك ادوات تاثير لكن لدنيا ملك صاحب نفوذ، فلقد استطاع جلالة الملك ان يقود سفينة الوطن الى شاطىء الامان والى تلك المنزلة التي جعلت من الاردن واحة للامن الاقليمي ينشدها من ضاقت به سبل الحياة نتيجة اشتداد درجة الغلواء السياسي والامني في المنطقة، وقد لا نمتلك بذات السياق موارد طبيعية تجعلنا نعيش حياة رغدة لكن لدنيا شعب يمتلك ارادة وعزيمة واثقة من حتمية الوصول للدولة النموذج في المناحي المعيشية الاجتماعية منها والاقتصادية والسياسية، وهي الجملة السياسية التي غالبا ما يرددها معظم السياسيين او المتابعين والذي كان اخر من قابلتهم مجموعة من القيادات الفكرية والاكاديمية العربية في اتحاد الاكاديميين والعلماء العرب والذي انبثق عن مجلس الوحدة الاقتصادي التابع للجامعة العربية حيث كان من بينهم الامين العام للمجلس السفير د.محمد الربيع..
فلقد استطاع المجتمع الاردني المواءمة بين التطلعات الشعبية من جهة والمقتضيات الظرفية من جهة اخرى حيث شكلت درجة التفهم الشعبي لمجريات الاحداث الذاتية والموضوعية درجة مميزة في سجل المجتمع الاردني عندها انتصر لذاته الوطني وقبل التحدي في مواجهة كل الارهاصات التي مرت على المنطقة باقتدار عميق وحكمة كبيرة جعلته يتفوق على كثير من محتمعات المنطقة على الرغم من عتاوة رياح التغيير التي اجتاحت المنطقة والتي عصفت في بعض مجتمعاتها فجعلتها تتقوقع على ذاتها فيما ذهب اداء اخريات للبحث عن حمايات تخلصها من تلك التهديدات التي المت بها فكان ان استخدمت لذلك وسائل ارهقت حركتها ونالت من قدراتها وجعلتها مطمعا صالحا للابتزاز وغير قادر علي التفاعل حتى وفق الايقاع البسيط في بعض المفاصل الضرورية، وهذا ما كان مرده الي سرعة دوران المنطقة حول ذاتها اضافة للتجاذبات العميقة بين الكتل الاقليمية مما جعلتها تنشد بوابة الخلاص فذهب تجاه المحور الدولي بغية الحماية بدلا ما يكون تجاه في لملمة بيت الدرع الواقي في الاطراف فكان ان فقدت مسارات الطريق واضاعت بوصلة الاتجاه.
وكان يمكن لولا دقة القرارات التي اتخذتها الدولة الاردنية ان يدخل المجتمع الاردني بذات الدوامة المحورية لولا القيمة المضافة التي حملتها القيادة والقراءة الحصيفة لمجريات الاحداث حيث واكبتها عمليات رصد موضوعية دقيقة وتحليل علمي سليم قادت الى قرار استراتيجي متخذ، هذا اضاف الى الطريقة المعرفية في استخدام الادوات والسياسات والتي مكنتها من مسالة تحقيق الاهداف في سياق الغايات المرجوة وضمن قواعد ابتعدت فيها عن التعاطي مع المشهد العام بردات فعل آنية كان يمكن ان تقود محددات المسار الي منزلقات كبيرة، الامر الذي مكن الدولة الاردنية من احتواء المشهد المحلي وايجاد مساحات للحركة الدبلوماسية قادتها لتنسجم مع ذاتها الوطني و مع ورسالتها التي انطلق منها من اجل الدفاع عن الامة وقضيتها المركزية فاستحقت بذلك الاحترام الاقليمي والرعاية الدولية مسجلة بذلك العلامة الفارقة في العمل السياسي.