التهرب الضريبي نزيه القسوس
في بلاد العالم المتقدم يعتبر التهرب الضريبي جريمة يحاسب عليها القانون بل إن المتهربين من دفع الضرائب يحولون إلى المحكمة وقد يحكم عليهم بالسجن وبغرامات مالية كبيرة وينظر لهم المجتمع الذي يعيشون فيه نظرة سيئة لأنهم يعتقدون بأن هؤلاء المتهربين من دفع الضرائب لم يقفوا مع وطنهم.
في بلدنا ومع تطبيق قانون الضريبة الحالي أعفي الأغنياء من دفع الضريبة التصاعدية مع أن هذه الضريبة موجودة في كل دول العالم وأعفي المتزوج من دفع الضريبة على أربعة وعشرين ألف دينار من دخله في السنة أي أن المتزوج الذي يصل دخله إلى ألفي دينار في الشهر لا يدفع قرشا واحدا كضريبة دخل وهذا شيء غير معقول أبدا ولو أخذنا إحدى الدول الأوروبية كمثال فإن أي موظف مهما كان دخله يدفع خمسة وعشرين بالمئة من هذا الدخل كضريبة.
المشكلة عندنا بالنسبة لضريبة الدخل هي في التهرب الضريبي فهنالك أناس يصل دخلهم الشهري إلى أكثر من ثلاثين ألف دينار ولا يدفعون إلا مبلغا بسيطا جدا قد لا يصل إلى الألف دينار في السنة وإذا سأل البعض كيف يمكن أن يحدث ذلك وأين هي أساليب الرقابة التي تتبعها دائرة ضريبة الدخل في مثل هذه الحالات؟. الجواب على ذلك ليس عندنا بل عند نفس المكان الذي يعمل فيه.
أحيانا ترسل دائرة ضريبة الدخل أحد موظفيها ليجلس في إحدى المكاتب او العيادات او المؤسسات الصغيرة على سبيل المثال ليراقب كم زبونا يدخل ولكن صاحب العمل يعلم بأن موظف الضريبة سيزوره فيلغي معظم مواعيد ذلك اليوم وينقل الملفات الموجودة على جهاز الكمبيوتر على فلاشة وعندما يحضر موظف الضريبة لا يجد زبائن عندهم ولا يجد إلا عددا قليلا جدا من الملفات على جهاز الحاسوب.
أما محلات الصرافة فبعضها يرفض إعطاء الزبائن إيصالات بالمبالغ التي يصرفونها وقد طلبت أكثر من مرة من شركة صرافة كبيرة إيصالا بالمبلغ الذي صرفته من عندهم فأعطوني ورقة بيضاء ليس عليها إسم الشركة أو خاتمها وعندما أصررت على الحصول على إيصال رسمي أعاد لي نقودي ورفض تحويلها للعملة التي أردتها والمشكلة أننا نكتب أحيانا عن هذه الحالات ونتوقع أن يتصل موظف من دائرة الضريبة ليسأل عن إسم الشركة لكن مع الأسف فإن هذه المسألة لا تعنيهم مع أننا نعتبر أنفسنا مدافعين عن حق الدولة الذي يضيع هدرا بسبب الترهل الاداري.
نريد أن نسأل سؤالا واحدا لمسؤولي دائرة ضريبة الدخل وهو: كيف يمكن لمراجعي كشوف التقدير الذاتي أن يتصرفوا مع شخص معروف ومشهور في إحدى المهن ومعروف عنه أنه من كبار الأغنياء عندما يجدوا أنه قد كتب في كشفه الضريبي أن دخله لا يتجاوز خمسة بالمئة من دخله الحقيقي؟.
يجب أن تكون هناك عقوبات رادعة على كل الذين يتهربون من دفع الضريبة حتى يحسب كل المتهربين ألف حساب عندما يرتكبون جريمة التهرب الضريبي.