«التقاعد» على حافة القبول والرفض

نيفين عبدالهادي —تقف قضية التقاعدات التي بدأتها الحكومة منذ قرابة العام، على حافة القبول والرفض، ففيما يرى بها البعض أنها ايجابية لجهة ترشيق الجهاز الحكومي وتخفيض النفقات، يرى آخرون أنها خطوة سلبية لجهة تفريغ الجهاز الحكومي من كفاءات، اضافة الى كونها تخلق صفا جديدا من البطالة في ظل احالات على التقاعد شملت في بعض الحالات من هم في سن صغير ولم يصل بعد للسن الذي يتطلب الجلوس دون عمل، اضافة لإفتقار عدد من المؤسسات للصف الثاني من الموظفين ممن يملكون القدرة على استلام دفّة العمل...
في واقع الحال تبريرات الحكومة بهذا الشأن تؤشّر لأسباب هامة ربما أبرزها موضوع ترشيق الجهاز الحكومي وترتيب بيت الوظيفة في القطاع العام، والتي شابها بفترات محددة الكثير من التشوّهات التي باتت تتطلب اصلاحا عمليا، الأمر الذي يؤطّر هذا الإجراء الحكومي بالإيجابية، وربما الحاجة في بعض المواقع لتصويب اعوجاجات معيّنة، وبطبيعة الحال افساح المجال أكثر للشباب لدخول سوق العمل حتى ولو احتاج الأمر عند بعضهم للتدريب والتأهيل والذي أبدت الحكومة استعدادها لتوفيره لموظفي أجهزتها.
ولكن رغم هذه التبريرات الحكومية التي تعطي نموذجا سليما حتى في علم الإدارة، تبرز سلبيات لا يمكن اغلاق العين عنها، في ظل وجود مؤسسات تم تفريغها بالكامل من الخبرات والكفاءات، وباتت بعض أقسامها فارغة من الكفاءات، والخبرات، ليضعها في مأزق توفير البديل، إن وجد، حتى أن إحدى المؤسسات الحكومية الكبيرة أكدت أن قسم الترجمة لديها لم يعد به أي موظف، الأمر الذي أربك عملها بشكل كبير.
واقع يجب أن لا يعالج بشكل مجتزأ، أو من خلال نهج الجزر المعزولة، فنحن نتحدث عن جهاز حكومي متكامل، معالجة أي تشوهات به، يفترض أن تكون متكاملة ووفق منهجية لا تعالج الخلل بخلق خلل آخر، أو أن تأخذ بجزء دون الآخر، أو قناعة بجزئية دون الأخرى، فلا بد من الأخذ بملف التقاعد بصورة كاملة تتضمن السلبيات والإيجابيات حتى تكون آلية التطبيق صحيحة وعملية، وتعطي نتائج وفقا للمخطط لها، بما في ذلك تقاعدات الضمان التي أعلنت عنها الحكومة مؤخرا، ضمانا لجودة المنتج والإبتعاد قدر الممكن عن أي أخطاء.