قبل بدء الانتخابات البرلمانية في إيران.. كيف تجهز خامنئي؟
في نوفمبر الماضي، كشف المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور الإيراني، عباس علي كدخدائي، أن الدولة الإيرانية "ستسمح بمشاركة أكبر عدد ممكن من المرشحين للانتخابات التشريعية الإيرانية"، مشيرا إلى أن مجلس صيانة الدستور (الهيئة الحكومية المنظمة لقوانين البرلمان) سيتفادى أخطاء الانتخابات الماضية والتي أثارت انتقادات كثيرة.
لكن كل هذا، "مجرد وعود لذر الرماد في أعين الرأي العام الإيراني والدولي"، يقول المحلل السياسي الإيراني، رضا حقيقتنزاد، في مقالة تحليلية له نشر على موقع "راديو فردا"، مؤكداً أن "المتشددين الأكثر ولاءً لخامنئي، هم من يهيمنون على هيئة الرقابة الدستورية (أو مجلس صيانة الدستور، أكبر هيئة تحكيمية في إيران) التي تدقق وتقرر وتحسم في أسماء المرشحين للانتخابات، حيث تبعد أغلب الإصلاحيين من المشاركة في الانتخابات البرلمانية، في مقابل ترك المتشددين المعروفين بولائهم لهرم السلطة خامنئي".
انتخابات البرلمان الإيراني (مجلس الشورى الإسلامي) المزمع تنظيمها الجمعة 21 فبراير الجاري، يقول المحلل السياسي الإيراني، إن "استبعاد المرشحين الإصلاحيين فيها، جار على نطاق واسع، في الوقت الذي يتهيأ إلى الناشطين السياسيين في إيران أن خامنئي سيسمح ببعض التنوع ويفسح المجال إلى إصلاحيين ليبراليين، بغية التعامل مع التوترات المتصاعدة في السياسة الداخلية والخارجية، ولكن تبين أن هذا التحليل خاطئ".
وأثبتت الأحداث الجارية في المشهد السياسي الإيراني، أن هناك إرادة لإنشاء برلمان محافظ تماماً يتفق إلى أقصى حد مع سياسات خامنئي، يورد الخبير الإيراني، مضيفا انه "قد تم استبعاد سياسيين بارزين مثل النائبين الحاليين علي مطهري ومحمود صادقي، المعروفين بانتقاداتهما من حين لآخر للخط الحزبي وبعض المؤسسات القريبة من خامنئي.
ويمكن أن يكون ذلك، بحسب رضا "مقدمة للعودة إلى حكم خامنئي المطلق، بنفس الطريقة التي كان قائماً بها في أعقاب الانتخابات الرئاسية عام 2009".
بين عامي 2008 و2011 كان أحمدي نجاد، مطيعاً تماماً لخامنئي وكانت المعارضة في المجلس ضئيلة، فالرئيس أكبر هاشمي رفسنجاني، طُرد حينها من مجلس صيانة الدستور، وتم التلاعب بتشكيلة المجلس، بطريقة تحد من سلطة رفسنجاني وتعطي اليد العليا لأنصار خامنئي. ووفي غضون ذلك، كانت أركان السلطة الأمنية الأخرى أيضاً في خدمة المرشد الأعلى، وقُمعت أي معارضة، يورد التقرير التحليلي.
نتيجة حكم خامنئي المطلق في ذلك الوقت، أدت إلى واحدة من أوسع الانقسامات السياسية في إيران ما بعد الثورة، التي تجلت في الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات في عام 2009، وأدت إلى عزلة إيران الكاملة في المجتمع الدولي.
غير أن هذه الأزمات والضغوط الداخلية والدولية الخطيرة والخوف من انهيار النظام، بحسب المحلل الإيراني، "دفعت خامنئي إلى التراجع وتقديم تنازلات محدودة للمنتقدين المحليين والأجانب، والتي توجت بخضوعه للمفاوضات مع الولايات المتحدة والاتفاق النووي الناتج عن ذلك مع الغرب".
وخلص الكاتب الإيراني، إلى أن خامنئي يتوق مرة أخرى إلى العودة إلى حكمه المطلق، من خلال هندسة قوانين مؤسسات الدولة القائمة على الانتخاب، والتحكم في مخرجاتها.
وبحسب رأيه، الإصلاحيون خاصة الليبراليون منهم، يعيشون اليوم عزلة وانقسام سياسيين، الأمر الذي يشكل لخامنئي فرصة سانحة سيغتنمها لتعزيز حكمه السلطوي المطلق والتخلص من منافسيه، الذين ظهروا في 2009.