الملك يتابع ومجلس السياسات ناقش سيناريوهات مواجهة «كورونا»

أكد وزير الصحة الدكتور سعيد جابر ان الاردن خال بنسبة 100 ٪ من فيروس الكورونا، وان الاجراءات والتدابير المبكرة التي اتخذها الاردن حالت حتى الان دون تسجيل اي اصابة بالمرض داخل حدود المملكة، وان كان المرض على مقربة منا ولا يبعد سوى 60 كيلومترا عن حدودنا.
وكشف جابر عن بدء تجهيز مستشفى ميداني في منطقة خو، مبرد ومكيف بسعة 50 سريرا وبه قسم ICU، وقادر على الإعاشة، والأهم أنه بعيد عن الناس، مبينا ان المستشفى مجهز بالكامل، وسيكون للحالات إذا ثبت وجودها، مثلما تمت المباشرة بتصنيع الكمامات لسد الاحتياجات المحلية منها عند الضرورة.
واشار بهذا الخصوص الى تدخل الوزارة ومنع اعادة تصدير خمسة ملايين كمامة الى الصين.
وقال انه وبنفس الوقت هناك مستشفيات أخرى، خمسة مستشفيات ميدانية ممكن بناؤها في نفس الموقع، بما يسهل الخدمة اللوجستية، لافتا الى وجود مستشفيات ميدانية مجهزة لخدمة المواطن الأردني قبل غيره.
واكد في لقاء حواري مع اسرة «الدستور»، امس، عدم وجود تساهل في تنفيذ اجراءات الحجر الصحي، مبينا ان خطط الوقاية والاجراءات المتبعة لمنع دخول الفيروس الى المملكة تنفذ بكل دقة واحترافية سواء من خلال منع استقبال مسافرين من عدة دول صنفت بانتشار الفيروس فيها، او من خلال نشر وتوزيع الماسحات الحرارية على كل المعابر الحدودية.
وتاليًا الحوار المتعلق بفايروس الكورونا مع وزير الصحة الدكتور سعيد جابر:
 الدستور: الكورونا بات موضوع الساعة، والوزارة نجحت بحصد علامة كاملة في استعداداتها لمواجهة هذا الفيروس، وسؤالنا هل لدينا حالات كورونا حقيقية أم مجرد حالات اشتباه، وماذا أعددنا لمواجهة هذا الوباء، خاصة وأن دول الجوار ظهرت فيها إصابات.
جابر: بداية أشكركم على هذا اللقاء، والتواصل مع الإعلام إحدى الركائز المهمة والوسيلة التي نوصل من خلالها المعلومة إلى المواطنين. 
ومنذ بداية ظهور هذا المرض الجديد، مطلع شهر كانون الاول الماضي، بدأنا بتجهيز فريق عمل لمعرفة طبيعة المرض، ذلك انه لم يكن معروفاً في العالم من قبل، وبدأنا بجمع المعلومات والاتصال المباشر بجهتين: الحكومة الصينية والجهات الصحية الصينية، ثم منظمة الصحة العالمية. فتولدت لدينا قناعة بعد جمع معلومات كافية عن المرض بأنه سيتطور إلى وباء عالمي. ومنذ الأول من شهر كانون الثاني العام الحالي بدأنا بوضع خطة للتعامل مع المرض قبل أن يكون قد اخذ صدى إعلامياً وعالمياً كما هو الان، فقد جمعنا اللجنة الوطنية للأوبئة لمعرفة هذا العدو القادم، وجمع  اي معلومات عن المرض، وبعد ان تشكلت معلومات كافية عنه وكيفية انتشاره، اتخذنا قرارا جريئا بعمل مستشفى للحجر، مستشفى مستقل بسعة 200 سرير تم تجهيزه بسرعة فائقة خلال عشرين يوماً، حتى الأسرة نقلناها من العقبة، واتخذنا في الاجتماع الثاني يوم 22/1/2020 قرارا بعد اجتماع مع ممثلين عن وزارات الخارجية والداخلية والزراعة والإعلام والنقل الذين هم شركاء وبالطبع الجهات الأمنية، بافتتاح مستشفى الحجر وبدء الحجر على كل القادمين من الصين.
وبعد ذلك بيومين وجه جلالة الملك الحكومة لإحضار الطلاب الأردنيين من الصين، وتطلب الامر منا اسبوعا تقريباً لأخذ الإذن من السلطات الصينية بهبوط الطائرة في مطار ووهان الصينية، بينما طائرات الدول الأخرى كانت تنزل في بكين، والطائرة الأردنية من الطائرات القلائل التي نزلت في مطار ووهان، حيث أجلينا الطلاب الأردنيين ونقلناهم بكل حرفية، فكان لدينا فريق مجهز ووكذلك الباصات.
فالامر بات وضعا طارئا ويجب ان نكون جاهزين حتى وان لم نسجل اي اصابة بالمرض، فلدينا فرق تم تدريبها على الكوارث الجرثومية والكيماوية، وتم تفعيلها وإعادة تدريبها وتدريب طواقم أخرى، وتم وضع تجهيزات خاصة للتعامل مع المرضى في حالة قدومهم.
وكانت الخطوة الأولى افتتاح مستشفى الحجر الصحي، كما قمنا بوضع ماسحات حرارية، اثنتان منها في مطار الملكة علياء، وواحدة على جسر الملك حسين واخرى في مطار العقبة، ولدينا أربع ماسحات حرارية كبيرة لأعداد كبيرة، كما قمنا بشراء ماسحات حرارية يدوية لفحص القادمين، ثم بدأنا نتابع مع منظمة الصحة العالمية، وعندما ازداد عدد المرضى في الصين قمنا بحظر السفر إلى الصين ومنع القادمين منها.
وبنفس الوقت الذي كنا نقوم به بعملية تدريب الطواقم والاستعداد للمرض، بدأنا بحملة إعلامية توعوية، ورسائل على الهواتف الخلوية، فقد بعثنا لمليوني مواطن رسائل تعريف، ثم بدأنا على وسائل التواصل الاجتماعي بإرسال تعليمات وتعريف عن المرض، وفي هذه اللحظة مع الأخبار العالمية بدأت كل انظمة الدولة تعمل، نحن ووزارة الداخلية على تواصل مستمر، وجلالة الملك قبل ثلاثة أسابيع اجتمع معنا ووضعنا جلالته في صورة الأوضاع، وطلب جلالة الملك معلومات عن احتياطياتنا من المواد واستعداداتنا، فجلالة الملك متابع للموضوع بشكل دائم وكبير. واجتمعنا مع لجنة السياسات العليا وقمنا بإعطائهم ملخصا عن كل السياسات والجهات الفاعلة. 
فالصينيون بحاجة إلى مليار كمامة في اليوم، وكل الموجود لدينا 5 ملايين كمامة، فكان الصينيون يريدون شراء هذه الكمامات منا، لكن قمت فوراً بمنع إعادة تصدير المواد نهائياً، حتى يبقى لدينا رصيد للشعب الأردني في حالة الاحتياج، ثم قمت بإيقاف الصينيين والحجر على ألفي صيني في العطارات، ومنعتهم من العمل مدة أسبوعين.
والآن مع انتشار المرض عالمياً، بدأنا نضع سيناريوهات معينة، كما تعلمون الآن قمنا بتوسيع دائرة حدود المراقبة، مع انتشار المرض في لبنان والعراق، وبدأنا بوضع ماسحات وفحص كل القادمين على معبر جابر والكرامة والمدورة والعمري والعقبة، ووسعنا الفحص إلى الميناء والممر البري، وبالامس بدأنا بمطار ماركا بماسحات وفرق طبية، وعدا عن ذلك هناك فرق طبية تقوم بعمل تتبع طبي، فإذا أصاب شخص المرض نأخذ معلومات ونتتبع من أين جاءه المرض، ومع من تواصل، وهو التحقيق الطبي كما نسميه.
سيئة هذا المرض أنه بسهولة ينتقل من إنسان إلى اخر وخاصة في التلامس والرذاذ وبسرعة، صحيح أن نسبة الوفيات أقل من بعض الأمراض التي جاءت إلى بلادنا، لكن هذا ينتقل بسرعةو بالتالي نقوم بعزل المشكوك فيهم.
فحدودنا آمنة ولله الحمد، ولدينا خمسون معبرا، ويغطي كل معبر يوميا حوالي 15 شخصا من كوادر الوزارة . 
اليوم كان لدينا اجتماع وبدأنا بوضع سيناريوهات، في حال انتشار المرض، حيث مضى علينا أسبوع ونحن نتباحث مع القوات المسلحة الذين هم شريك مباشر لنا، اذ بدأنا ببناء مستشفى ميداني في منطقة خو، هذا المستشفى هدية من جلالة الملك إلى القوات المسلحة عندما كنت في الخدمات، هذا المستشفى مبرد ومكيف ويحتوي على 50 سريرا وبه قسم ICU، وقادر على الإعاشة، والأهم أنه بعيد عن الناس. وهو مجهز بالكامل، وسيكون للحالات إذا ثبت وجودها. وبنفس الوقت هناك مستشفيات أخرى، خمسة مستشفيات ميدانية ممكن بناؤها وفي نفس الموقع، هذا أسهل للخدمة اللوجستية. فلدينا مستشفيات ميدانية مجهزة لخدمة المواطن الأردني قبل غيره، ودرسنا إذا انتشر المرض لا سمح الله، اليوم هناك أفلام سيتم بثها على التلفزيون المرئي، أفلام تدعو الناس إلى عدم المصافحة وغسل الأيدي والتوعية.
ماذا سنفعل إذا تطور المرض؟ الدروس المستقاة من الصين وايطاليا وكوريا، تستوجب إيقاف المدارس وحتى دور العبادة لا سمح الله، حيث نفكر في خطوات ولدينا خطة استراتيجية، ونعمل الان على بناء احتياطي من المواد الطبية والوقائية مثل الواقيات والكفوف والكمامات، حيث جعلتنا هذه الأزمة ندعو الشركات الأردنية للبدء بإنتاج الكمامات، اذ ستبدأ إحدى الشركات اليوم بانتاج 50 ألف كمامة في اليوم، والآن نحن سمحنا لهم بالتصدير مقابل 20 بالمائة احتياط استراتيجي للسوق الأردنية، الشركة الثانية تنتج كمامات نوعية ثمنها 25 دينارا وتبقى الكمامة لمدة شهر. واليوم توجد كمامات لدينا في الأردن لا تقل عن 5 ملايين كمامة. قمنا بحجز مليون ونصف المليون كمامة كانت بنية التصدير.
بالنسبة للمدارس ستبقى عاملة، لكن إذا حصل انتشار للمرض فسنوقف نغلق اماكن التجمعات ، غير اننا سنبقي على المولات لاننا لا نريد إيقاف الحركة التجارية، لكن بنفس الوقت سيكون هناك تشديد ومن الممكن وضع ماسحات حرارية وغيرها فيها. 
لغاية الآن، الأردن خال بنسبة مائة بالمائة من الكورونا ونأمل أن نبقى كذلك، وأؤكد لكم بأن فرقنا جاهزة وتعمل على مدار الساعة، ورئيس الوزراء سمح لي بأن أعطي مكافأة لكوادر وزارة الصحة، حيث أن عملهم خطير ومعرضون للمرض إذا وصل ، كما نقدم لهم وجبات غذائية حسب طلبهم. 
فالحجر الصحي امر صعب، وهو مكان مغلق،  لكن نستطيع في هذه الطريقة أن نحصر الأعداد، وفي الحجر كل غرفة يجب أن يكون لها تهوية خاصة. 
  الدستور: جهودكم مقدرة، لكن في حال سجلت اصابات بالمرض.. ما هي العلاجات، وهل بمقدورنا معالجة أعراض المرض، وهل لدينا كميات كبيرة من المضادات التي يمكن أن تساعد في الأعراض؟.
جابر: أولاً المضادات الحيوية لا تعمل ولا تعالج هذا المرض نهائياً، هذا مرض فيروسي والمضادات هي للالتهابات البكتيرية. ثانياً لا يوجد في العالم لغاية الآن علاج مثبت لهذا المرض، فنحن نعالج الأعراض، وتقوية مناعة الجسم، ونسبة الشفاء من المرض تصل الى 98 بالمئة.  
  الدستور: أين نحن من المرض؟ 
جابر: المرض بعيد عنا 60 كيلومترا. 
  الدستور: إذا سيطرنا على المعابر، هل نضمن بأن لا يدخل المرض إلى الأردن؟
جابر: كلا، فالمرض ممكن أن يدخل مع الطيور والجراد ومع الناس أيضاً. 
  الدستور: نحن مقبلون على شهر رمضان المبارك، فهناك أسواق ستفتح وبضائع صينية تم وقف استيرادها، فكيف ستكون الآلية؟
جابر: من المثبت أن المرض لا ينتقل بواسطة المواد، ولن تتوقف، نحن أوقفنا استيراد الحيوانات الحية من الصين وكوريا واليابان، فما زلنا غير واثقين بأنها تنتقل عن طريق الحيوانات أم لا، لكن مبدئياً كان منشأ المرض حيوانيا وانتقل إلى الإنسان، لا مانع من استيراد أي بضاعة من الصين لأن هذا الفيروس لا يعيش خارج جسم الإنسان أكثر من 6-12 ساعة، الباخرة تحتاج إلى 24 يوما لتصل، فلن تعيش الفيروسات، بالإضافة إلى أننا مقبلون على شهر رمضان، نتابع نحن ومؤسسة الغذاء والدواء، حيث يوجد لدينا مخزون غذائي يكفي لستة أشهر. فالوضع مطمئن بشكل عام، لكن المرض حولنا وفي أي لحظة ممكن أن يأتينا.
  الدستور: من ضمن استعداداتكم، أين الإعلام في هذه الاستعدادات؟
جابر: من أول يوم كانت معنا وزارة الإعلام في الاجتماع، فهي شريك استراتيجي ودائم معنا، واتفقنا مع وزارة الإعلام بأن الناطق الوحيد عن الكورونا هو مدير الرعاية الصحية والوبائيات الدكتور عدنان اسحق. وقد بدأنا بحملات إعلامية عن طريق الرسائل والسوشيال ميديا ولدينا شركاء معنا في الحملات، وستكون هناك أفلام تثقيفية. 
  الدستور: هل سيكون هناك مركز إعلامي؟
جابر: هناك فريق نسميه فريق إدارة الأزمات في وزارة الصحة وخط ساخن يعمل 24 ساعة، فالإعلام شريك معنا. نرجو أن تحصلوا على المعلومات من الإعلام الرسمي، فليس من مصلحتنا أن نخفي أي أمر بخصوص هذا المرض. 
وبكل الاحوال، يجب تثقيف المواطنين بطرق الوقاية، وهذا شيء ضروري، الهلع يعطل الحياة الاقتصادية ويعطل المدارس والتعليم، ونحن دولة خدمات ودولة انتاج، فلا نريد تعطيل الدولة ولكن بنفس الوقت تهمنا صحة الإنسان، ونأمل أن تكون إجراءاتنا فاعلة. 
فالحجر بالطريقة التي يمكن أن نعزل الناس عن بعضهم لها آثار نفسية عليهم كبيرة، لكن نستطيع في هذه الطريقة أن نحصر الأعداد، فبدون شك لن يكون حجرا مثاليا، لكنه أفضل الموجود، وفي الحجر كل غرفة يجب أن يكون لها تهوية خاصة. 
  الدستور: ما مدى التعاون مع وزراء الصحة العرب ومنظمة الصحة العالمية؟
جابر: نحن يومياً على تواصل مع منظمة الصحة العالمية، تأتيني نشرة خاصة حول أعداد الدول والوفيات والتطورات على المرض، فتصلني بشكل يومي، واليوم الثلاثاء سأزور القاهرة للالتقاء بوزراء الصحة العرب ونرى الخطط، نحن على اتصال مع وزراء الصحة في معظم الدول العربية. فالتواصل موجود ونأمل أن تمضي الأمور على خير.
   الدستور: خبير في الصحة العالمية قال قبل فترة بأن ثلث سكان العالم سيصابون بهذا المرض، فهل هذا دقيق؟
جابر: ممكن، فالانفلونزا الاسبانية عام 1919 قتلت حوالي 60 مليون أوروبي، فهذا مرض فيروسي ممكن أن ينتشر، ويصيب الكثيرين، وإذا خرج عن نطاق السيطرة الكلية فسيصاب الكثيرون. 
  الدستور: موضوع العلاج، قلتم بأنه لا يوجد علاج؟
جابر: توجد تجارب على بعض العلاجات ولكنها غير مثبتة.
  الدستور:هل الصين فقط الجادة بإيجاد هذا العلاج؟
جابر: أيضاً أميركا جادة وبريطانيا والجميع يعمل على ذلك، هذا المرض مثله مثل أي انفلونزا وأكثر ما يموتون فيه هم كبار السن والأطفال لأن مناعتهم ضعيفة. 
  الدستور: ظهر خبر قبل حوالي عشرين يوما بأن الصين طلبت الهايجين من الأردن، هل هذا حقيقي؟
جابر: نقوم بتصدير الهايجين والكمامات للصين، فمنتجاتنا ممتازة جداً، ويطلبونها منا.