استهداف الشعب الفلسطيني منظم مقصود .. بقلم / حمادة فراعنة


بقلم / حمادة فراعنة
استهداف متعمد يخلط بين الحقيقة والوهم، بين الإشاعة والاستدلال، ينال من الشعب الفلسطيني ومكانته وقضيته ومقدساته وأخيراً رموزه وقياداته
.
المسجد الأقصى مثله مثل كل المساجد، هل ثمة عاقل مسلم يمكن أن يقول هذا الكلام، وأن القدسية تقتصر على المسجدين الحرام والنبوي الشريف، لا صلة للأقصى بقدسيتهما؟؟ هل ثمة مسلم عاقل لا يعرف أن الأقصى أول القبلتين ومسرى سيدنا محمد ومعراجه نحو السماء؟؟ هل وصل الانحدار السياسي والبحث عن غطاء للتطبيع مع المستعمرة الإسرائيلية، والتعاون مع العدو الوطني والقومي والديني والإنساني إلى هذا المستوى من الانحدار اللاأخلاقي بلا ضوابط وبلا حدود.

وينتقل الاستهداف نحو الشعب الفلسطيني الذي باع أرضه وعرضه «لليهود» فهل يقرأون الأرقام والوقائع والأحداث حتى يصلوا إلى هذا المستوى من الأباطيل والأكاذيب؟ حتى الصهيونية ومؤسساتها لم تصل إلى هذه النتيجة كي تدعي أن فلسطين تم الاستيلاء عليها بالشراء، ويتطاولوا على رمز وقائد وأبو الهوية الفلسطينية أبو عمار ليتهموه باطلاً وزوراً أنه خلّف لأسرته، لزوجته وابنته ثمانية مليارات دولار، وأن أسرته تعيش بأرقى أحياء باريس، وهم جهلة لو سألوا سفاراتهم في باريس ومالطا لعرفوا أبسط المعلومات أن زوجته سهى عرفات تعيش بشقة متواضعة في مالطا لدى شقيقها السفير الفلسطيني هناك، وأن ابنته زهوة تعيش مع جدتها ريموندا الطويل في باريس لتكملة دراستها في العلوم السياسية، وها هي بعد تخرجها قد تم تعيينها في مكتب منظمة التحرير لمتابعة النشاط والدور الفلسطيني لدى اليونسكو.

اتهامات مماثلة للرئيس الفلسطيني أبو مازن، والنائب محمد دحلان وغيرهما، والهدف واضح هو تدمير الذات الفلسطينية ومكانتها وجعلها غير جديرة بالاحترام وغير مؤهلة للثقة من قبل شعبها.

 أنا هنا لا أتحدث عن انتقادات مشروعة مطلوبة ضد أي مسؤول فلسطيني، أو ضد أي موقف سياسي فهذا مشروع ومطلوب لتصويب هذا الموقف أو ذاك، وتعرية هذا السلوك المشين أو ذاك، ولكنني أتحدث عن إشاعات كاذبة تضليلية تستهدف المس بالشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير وقياداتها، وهي حملة مسعورة منهجية مقصودة، من أطراف مجهولة أو أسماء مستعارة مرتبطة وليست بريئة، يشارك بها بعض الكتاب العرب أو ممن يعادون منظمة التحرير على خلفية سياسية معادية، استل هؤلاء أقلامهم ضدها مستغلين حالة الانكفاء أو الضعف أو التمدد التطبيعي مع مؤسسات العدو الإسرائيلي من قبل بعض الأطراف فيجدونها فرصة لتبرير أفعالهم، وسوء اختيارهم السياسي، وغطاء للانحدار الوطني والقومي الذي لوثهم عبر المس بالشعب الفلسطيني ونضاله وتضحياته.

الأسوأ من هذا كله أن بعض الكتبة من الفلسطينيين يجاري هذه الحملة المنظمة بوعي أو بجهالة، انتقاماً لواقعة، أو هروباً من تقصير، فيلجأ إلى المزايدة وادعاء الحكمة والفهم وعدم التورط، بينما هو حقيقة غارق بالأنانية والشخصنة، ليس له علاقة بالمعاناة، يستمتع بظروفه المهنية والمالية، وإدارة أعماله وذاتيته الخاصة بعيداً عن تأدية الواجب.

ليست بريئة هذه الحملة الممتدة بأشكال وأدوات وأماكن متعددة، هدفها زرع الشك وعدم اليقين والانكفاء عن ثقة الفلسطينيين بأنفسهم، وأن حصيلة نضالهم الفشل وعدم تحقيق الأهداف بالاستقلال والعودة، ودفعهم نحو اليأس وإضعاف الانحياز نحو الخيار الكفاحي للشعب الفلسطيني تحت حجة تفوق العدو وضعف الخيارات الفلسطينية في ظل الانقسام الداخلي والوطني، والحروب البينية العربية، وعدم تجاوب المجتمع الدولي مع النضال الفلسطيني وشرعيته وعدالة مطالبه.

حملة ستذوي وتنحسر، تاركة الأذى الذي ستسبب وجعاً في النفس، بعد أن تصطدم بالحقائق أن هذا الشعب الصامد الذي تحمل الكثير سينتصر في نهاية المطاف لأن قضيته عادلة ولديه نكران ذات وتضحيات.