لمحاربة كورونا.. لا تقبيل ولا مصافحة
في عام 1439، قرر الملك هنري السادس ملك بريطانيا حظر التقبيل بين البريطانيين لمحاربة الطاعون. والآن يواجه العالم انتشار فيروس كورونا المتحور الجديد (كوفيد 19) من الصين، لذلك دعت بعض السلطات الصحية في العالم الناس إلى الامتناع عن التعبير الجسدي عن المودة مثل التقبيل والمصافحة والأحضان.
وأعلن معهد "روبرت كوخ" الألماني أن الأعداد المعلنة حتى الآن تشير إلى أن فيروس كورونا الجديد "كوفيد-19" أكثر فتكا من إلأنفلونزا.
ويقول علماء الوبائيات إن تقليل التلامس الجسدي بين الناس يمكن أن يبطئ وتيرة انتشار الفيروس الذي وصل بالفعل إلى عشرات الدول خلال نحو شهرين وقتل أكثر من 2700 شخص.
ونقلت وكالة بلومبيرغ للأنباء عن ميشيل أوسترهولم خبير الأمراض المعدية في جامعة مينسوتا الأميركية قوله "إذا انتشر فيروس كورونا في مجتمعك، فإن الالتزام بذلك سيكون منطقيا" في إشارة إلى إعادة النظر في عادة التقبيل والأحضان، مضيفا أن هذا "سيكون واحدا من أشياء قليلة يمكن القيام بها للمساهمة في تقليل المخاطر التي تتعرض لها".
دعت السلطات الصحية في سنغافورة والهند وروسيا وإيران الناس إلى تجنب العناق والقبلات والمصافحة للحد من فرص انتقال العدوى.
وفي إيطاليا التي تنتشر فيها العدوى بسرعة وحيث توفي سبعة أشخاص بسبب فيروس كورونا الذي ينتقل عبر الرذاذ الناجم عن السعال أو العطس، بدأ الناس يتبنون هذه النصيحة بالفعل.
تقول جورجيا نيجري خبيرة الاقتصاد البالغة من العمر 36 عاما إن الناس أصبحوا أقل رغبة في الحركة، مضيفة أن "الناس في تجمعاتهم بدؤوا يقترحون عدم تبادل القبلات أو المصافحة سواء عند اللقاء أو الوداع.. شعرت في البداية أن الأمر مزعج، لكنني رأيت بمرور الوقت أنه أمر منطقي بالنسبة للتجمعات الكبيرة أو مع الغرباء".
وأوقفت بعض الكنائس بإيطاليا طقس التناول من خلال وضع رقائق الخبز المقدس في فم المصلين وبدأت تعطيهم الخبز في أيديهم، كما ألغت كنائس أخرى الصلوات تماما بسبب انتشار الفيروس.
وفي أماكن أخرى بأوروبا، أثارت هذه الاقتراحات الدهشة والسخرية في أماكن أخرى بأوروبا. ففي بريطانيا نشرت صحيفة ديلي ميل بمناسبة عيد الحب نصيحة عالم الفيروسات جون أوكسفورد للبريطانيين بالتوقف عن التحية بالتلامس والاكتفاء بالتحية الشفهية.
ويقول أوكسفورد الذي يقوم بالتدريس في جامعة كوين ماري بلندن، "لن نحتاج إلى تغيير عاداتنا طوال حياتنا ولكن كل ما اقترحه هو الالتزام بهذا حتى انتهاء الأزمة".
وتقول بلومبيرغ إن التخلي عن هذه العادة قد يكون أمرا سهلا في بعض الدول مثل اليابان، حيث يتم تبادل التحية عادة بالانحناء، مع تجنب التلامس الجسدي للتحية بين الزملاء في أماكن العمل.
ويقول بعض المؤرخين الاجتماعيين، إن عادة التحية بالانحناء يمكن أن تنتقل إلى أوروبا وتنتشر فيها، في ظل تراجع شعبية تبادل التحية بالشفاه.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ أمام حشد من المواطنين في العاصمة بكين خلال زيارة عامة نادرة له في وقت سابق من الشهر الجاري، إنه يفضل الامتناع عن المصافحة بسبب انتشار كورونا.
ويحذر خبراء الصحة من أن يكون فيروس كورونا الجديد هو "المرض أكس" الذي يصعب علاجه في المستقبل المنظور. ورغم أن منظمة الصحة العالمية لم تصل إلى درجة التوصية بوقف التقبيل تماما، فإن الإرشادات العامة التي توصي بها لمواجهة الفيروس تعتبر ضد مثل هذه العادة السيئة.
وتوصي المنظمة التابعة للأمم المتحدة الموجود مقرها في جنيف بتجنب تبادل التحية الجسدية مع الأشخاص الذين ظهرت عليهم أعراض المرض والاحتفاظ بمسافة فاصلة معهم لا تقل عن متر أثناء التعامل معهم.
وأشاد بورس أيلورد رئيس بعثة تقصي الحقائق التي أرسلتها منظمة الصحة العالمية والصين إلى مدينة ووهان الصينية، مركز انتشار فيروس كورونا الجديد، بإجراءات الحماية الذاتية التي التزم بها سكان المدينة مما أدى إلى تباطؤ وتيرة انتشار المرض.
وينصح أرنود فونتانت عالم الوبائيات، ومدير إدارة الصحة العالمية في معهد لويس باستور الفرنسي بـ"الإجراءات الشائعة" مثل استخدام منديل أثناء السعال والاعتماد على المناديل ذات الاستخدام الواحد وغسل الأيدي باستمرار.
ويشعر بعض العلماء بالقلق من احتمال انتشار الفيروس من خلال البراز أو الجزئيات التي يمكن استنشاقها حتى مع استخدام أقنعة العمليات الجراحية.
وعلى عكس الفيروسات الشبيهة مثل سارس، فإنه قد لا تظهر أعراض المرض على المصاب بفيروس كورونا المتحور الجديد، مما يعطي الفرصة أمام انتشار الفيروس بصورة خفية