فن المديح

  فارس الحباشنة — أحدهم سألني: لماذا لا تمدح الحكومات؟ سؤال ذكرني بمسؤول أسبق يكتب مقالات، ينتقد سياسة حكومية ما ويفرط في الانتقاد، وعندما النبش والحفر والتدقيق تبين ان القرارات المؤسسة لهذه السياسة اقرت عندما كان مسؤولا. 
ومن يومذاك، ولا اعرف ما اصابني، صار عندي موقف. اتابع بذهول مقالات وكلاما مصفوفا على الفيس بوك في مدح فلان وعلان. وهناك محترفون ومختصون في كتابة المدائح، يمدح القاعد والرايح.
احدهم كتب مقالا. وانطلى على كثر واخرين . لغة خشبية مدهونة، ونفس الكلمات والعبارات، وصيغ المدائح والتبجيل، والانجازات، واحيانا لا يقوم الا فقط باستبدال اسم محل الاخر.
كتابة المدائح كادت ان تختفي من الصحافة الاردنية. وفي سنوات ماضية انعدم وجودها، ولربما كان الأمر مربوطا بظرفية سياسية اردنية تمقت التزلف والتسحيج والمديح. وكان الرأي العام جارحا في تهشيم المتورطين في كتابة المدائح، ولذلك فان ابطالها اختبؤوا في جحورهم بانتظار عودة موسمهم من جديد، وقد عاد، وبقوة. 
لا اعرف، في لحظة الازمات والمحن والصعاب، هل تحتاج البلاد والامة في صراعها الوجودي ضد كورونا وصفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية، والتردي العام والانغلاق السياسي والانهيار الاقتصادي الى مداحين؟ لربما كنت دائم التساؤل، كيف تسلب الحقيقة؟ وكيف يستسلم الناس الى الخديعة بكل انواعها؟ خديعة واضحة وجلية كالشمس يوميا وجيل يورثها للاخر، وكأنها حالة ادمان وغيبوبة قسرية.