مخربون ببدلات رسمية

حمادة فراعنة — هذا ما أطلقه إسرائيل كاتس وزير خارجية المستعمرة على نواب القائمة البرلمانية المشتركة، العربية العبرية، وهو تعبير يعكس: 
أولاً: حجم الشعور بالكره والعداء الكامن لدى أغلبية المجتمع العبري الإسرائيلي للمجتمع العربي الفلسطيني ولقياداته وأحزابه ومواقفه وسياساته المعلنة المتمسكة بعاملي: 1- المساواة واستحقاقتها، و2- الدولة ومتطلباتها.
ثانياً: اللطمة السياسية التي وُجهت للأحزاب الصهيونية، وانحسار تأثيرها على المجتمع العربي الفلسطيني في مناطق 48، ونظافة مسامات المجتمع الفلسطيني من أدوات هذه الأحزاب وأفعالها. 
ثالثاً بروز التمثيل العربي الفلسطيني عبر القائمة البرلمانية المشتركة الفلسطينية الإسرائيلية، ودورهم المقبل والمرتقب في المساهمة من موقع الشراكة في صياغة المشهد السياسي الإسرائيلي، بشكل تدريجي وتراكمي. 
ولا شك أن غيظ وزير خارجية المستعمرة إسرائيل كاتس نحو النواب الفلسطينيين تم ليس فقط على خلفية عنصريته، بل بسبب نتائج الانتخابات يوم 2/3/2020 لدورة الكنيست 23، والتي أدت إلى فرض الاجتماع العلني بين ممثلي القائمة البرلمانية العربية العبرية المشتركة، مع ممثلي حزب بيني غانتس أزرق أبيض يوم 11/3/2020، وعنوانه الإطاحة بنتنياهو ووزير خارجيته الليكودي كاتس، إضافة إلى جملة من العناوين التي تخدم مصالح المجتمع العربي الفلسطيني، وتتعارض مع برامج أحزاب اليمين واليمين العنصري المتطرفة.
لقاء نواب القائمة المشتركة مع نواب حزب الجنرالات، القبضة الأولى لدى كرة الثلج المتدحرجة، وقد عكس هذا الاجتماع مقدمة الإقرار العلني والقبول الضمني من قبل معسكر اليمين الإسرائيلي لدور الأحزاب الفلسطينية في صياغة المشهد الإسرائيلي والتأثير فيه، وهو تطور مهم نوعي يدفع نحو الشعور بالمباهاة، ولكنه تطور يجب أن يدفع أيضاً نحو الإحساس بالمسؤولية واتخاذ المواقف بتأنٍ وواقعية متدرجة، بدون غرور، بدون تطرف، بدون التمسك بالشعارات الكبيرة، تلبي رغبة الجموح الفلسطيني رغم شرعيتها، ولكنها ستكون محبطة إن لم تتحقق، ولذلك على قادة المجتمع العربي الفلسطيني أن يتمسكوا أولاً بحقوق شعبهم العملية المدروسة بهدف تحقيق إنجازات، ومطالب عينية مُلحة، من أجل إحساس الناخب الفلسطيني أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، أن أصواتهم لم تذهب لإعلاء كلمات الاحتجاج والرفض، بل لتحقيق إنجازات، وانتزاع مطالب، وخدمة مصالح معيشية، ومنافع حياتية وهذا هو الأهم.
وهذا لن يتم على حساب التنازل عن حقوق سياسية لمجمل الشعب الفلسطيني، فهم جزء منه، وامتداد له، ولكنهم ليسوا بديلاً عن نضال فلسطيني مناطق الاحتلال الثانية عام 1967 من أجل جلاء الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال، وليسوا بديلاً عن نضال اللاجئين وحقهم في العودة وفق القرار 194، بل هم مكون مكمل لأجزاء الشعب الفلسطيني الثلاثة.
ثمة اجماع عبري إسرائيلي يهودي صيهوني ضد المجتمع العربي الفلسطيني في مناطق 48، وما فعلته أورلي ليفي من حزب العمل ليست وحدها، بل شاركها أيضاً ثلاثة نواب من حزب بيني غانتس أزرق أبيض، وهم تسفي هاوزر ويوعاز هندل وهما سبق وأن ساهما بصياغة قانون يهودية الدولة وثالثهم خيلي تروبر ورفضهم مبدأ التفاهم مع القائمة البرلمانية المشتركة يعكس عمق أزمة المجتمع العبري الإسرائيلي وعنصريته، مما يزيد من أهمية سلوك نواب القائمة المشتركة وإدراكهم لحجم الصدمة التي واجهت الأحزاب الصهيونية، بسبب نجاح القائمة العربية العبرية غير المسبوق بهذا الكم والكيف الفلسطيني.
الاختبار الأول سيكون اليوم في افتتاح الكنيست حول مدى التفاهم الذي تحقق بين القوى السياسية المؤيدة إلى بيني غانتس، وتكشف قدراتهم وتماسكهم في الاطاحة برئيس الكنيست الليكودي ادلشين حليف نتنياهو وسنده التشريعي وغطائه.