العراق: 31 جثة بقيت في ثلاجات الموتى 6 سنوات ..
تزايدت المطالبات في العراق بالتحقيق بشأن قضية ”الجثث المجهولة" التي عثر عليها بمحافظة بابل، فيما انتقد سياسيون شيعة تلك الدعوات واعتبروها طائفية تهدد وحدة البلاد.
وفجرت قضية المخطوفين الذين عثر على جثث بعضهم داخل ثلاجة تابعة لدائرة الصحة في محافظة بابل، غضبًا عارمًا في العراق، خصوصًا أن الجثث بقيت في الثلاجة دون الإبلاغ عنها لمدة 6 سنوات، إذ يعتقد أنها تعود لمغدورين من أهل السنة على يد الميليشيات خلال فترة سيطرة تنظيم داعش على شمال بابل في 2014.
وعقد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الأربعاء، اجتماعًا طارئًا مع وزير الداخلية، ورئيس لجنة الأمن في مجلس النواب، وعدد من القادة الأمنيين، إذ تمخض الاجتماع عن أن تلك الجثث تعود لحوادث جنائية متفرقة شهدتها محافظة بابل خلال السنوات الماضية، وليس هناك أي دوافع طائفية وراء ذلك، وهو ما أثار استغراب المتابعين وأهالي المختطفين الذين ما زالوا ينتظرون أخبارًا عن أبنائهم منذ سنوات.
وقال الحلبوسي للصحفيين بعد الاجتماع، إن ”الجثث مجهولة الهوية التي تم العثور عليها في محافظة بابل، لا تحمل صبغة الطائفية ولا تمت لها بصلة، بل هي نتاج حوادث متفرقة من كل أنحاء بابل"، مضيفا أن ”الجثث البالغ عددها 31 جثة، جزء منها جنائية وأخرى مجهولة الهوية، وأخرى ناتجة من عمليات تحرير منطقة جرف الصخر".
وسادت حالة من الذهول والصدمة لدى سكان محافظة الأنبار، التي فقدت عام 2014 أكثر من ألفي شخص من منطقة الرزازة والصقلاوية، عندما كانوا في طريقهم إلى محافظة كربلاء هربًا من تنظيم داعش، لتعترضهم فصائل من الحشد الشعبي وتقتادهم إلى جهة مجهولة، يُعقتد أنها غيّبتهم في منطقة جرف الصخر في بابل، وهي منطقة سنية هجر الحشد الشعبي أهلها آنذاك، وجعلها معتقلًا كبيرًا يخضع لنفوذه دون السماح لأحد بدخولها لغاية الآن.
وكان النائب السابق عن تحالف القوى العراقية أحمد السلماني اتهم فصيلًا تابعًا لميليشيا حزب الله العراق باعتقال 1400 مواطن في معبر الرزازة، واحتجازهم في منطقة جرف الصخر.
أمر مستغرب
وبشكل مفاجئ انتشر مقطع مرئي لمنظمة خيرية يقول مديرها إنها منذ أيام تقوم بدفن جثث مجهولة في محافظة بابل؛ ما شكل صدمة لدى المواطنين الذين يعتقدون أن أبناءهم المختطفين محتجزون في هذه المنطقة التي تسيطر عليها الميليشيات منذ سنوات، لتبدأ القضية بالتفاعل في العراق.
في هذا الصدد، رأى المراقب للشأن العراقي وائل الشمري، أن ”ما حصل بالفعل مستغرب، فمثل تلك الأعمال التطوعية التي تقوم بها المنظمات من دفن الموتى كانت تحدث في السابق، حين اجتاحت القوات الأمريكية العراق فقط، وحصلت على نطاق ضيق خلال سيطرة داعش، أما الدفن بهذه الطريقة دون الإعلان والإشهار، ونشر الأسماء، فهذا يكشف أن العملية مدبرة وتحمل في طيّاتها الكثير من الأسرار التي سيكشف عنها الزمن".
وقال الشمري لـ"إرم نيوز" إن ”مطالبات السياسيين السنة هي مطالبات طبيعية، للكشف عن هوية تلك الجثث، ومن غير المعلوم لغاية الآن أنها لمختطفين سنة، بل ربما تكون لضحايا داعش من الشيعة كذلك، وهذا يحتم على الجميع تضافر الجهود لمحاسبة المقصرين والوقوف على حقيقة تلك القضية ومنع تداعياتها".
وحذر الشمري من ”استغلال بعض الأطراف تلك الحادثة لتحقيق مكاسب انتخابية ومادية على حساب أرواح المواطنين عبر إعادة الطائفية، فضلًا عن وجود جهات تسعى إلى طمس الحقائق وتذويب القضية".
وشنت حركة عصائب أهل الحق التي يتزعمها قيس الخزعلي حملة منظمة عبر نوابها لانتقاد مطالبات ودعوات الكشف عن طبيعة تلك الجثث.
وقال النائب عن الميليشا عبدالأمير تعيبان متسائلًا، " أين كانت أصواتهم عندما تم قتل 1700 شاب، في مناطقهم وأمام أعينهم من أبناء الناصرية، والشطرة والغراف في مجزرة سبايكر".
وأضاف في تغريدة عبر ”تويتر" ”أين كانت تلك الأصوات التي ظهرت اليوم تولول وتصرخ حول جثث مجهولة الهوية في بابل".
بدوره رد النائب السابق المقرب من الحشد الشعبي مشعان الجبوري على تغريدة تعيبان قائلًا، ”بعض الطائفيين يردون على إدانتنا لدفن جثث قتلانا في مقابر جماعية باستذكار مجزرة سبايكر، وهو اعتراف بقتل أولادنا انتقامًا".
وأضاف الجبوري، ”أقول لهم إننا كشفنا تفاصيل مجزرة سبايكر، ونشرنا أسماء وصور منفذيها، فهل أنتم تفعلون ما فعلنا وتعلنون من قتل أبناءنا وتنشرون أسماءهم وصورهم وإحالتهم للقضاء؟".
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي عبر ناشطون ومدونون عراقيون عن غضبهم من سلوك المسؤولين في محافظة بابل، وتكتمهم على جثث المختطفين، دون إبلاغ ذويهم في محافظة الأنبار عنهم، أو التواصل مع الجهات المختصة بشأن ذلك، ودفنهم بسريّة تامّة.