هل تعلن أزمة كورونا نهاية المعاملات النقدية؟
نشرت صحيفة لوتون السويسرية تقريرا، سلّطت فيه الضوء على إمكانية أن تؤثر أزمة تفشي فيروس كورونا على المعاملات النقدية، لتقضي على استعمال الأوراق والعملات المعدنية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها، إنه بسبب إمكانية كونها عوامل محتملة لنقل الفيروسات، مُنعت الأوراق النقدية والعملات المعدنية من بعض المتاجر. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تسريع الانتقال إلى مجتمع غير نقدي، حتى إذا كانت الأمثلة، على غرار دولة السويد المتقدمة جدا، تظهر حدود عملية مماثلة.
وأشارت الصحيفة إلى أن إحدى صيدليات ضواحي زيورخ تطبّق التعليمات الصحية، انطلاقا من المطهر عند المدخل، وصولا إلى وضع علامة على الأرض لاحترام مسافة لا تقل عن مترين بين كل عميل. ويصل الأمر إلى أبعد من ذلك، إذ إنه عند الخلاص، يُحظر الدفع نقدا.
في الواقع، يُعتمد هذا الإجراء في المحلات التجارية في جميع أنحاء العالم، في حين يستمر فيروس كورونا في الانتشار. ويُفسر ذلك بأن العملات المعدنية والأوراق النقدية عوامل انتقال الفيروس، وفقا لتحذيرات منظمة الصحة العالمية، التي توصي باستخدام طرق الدفع دون اتصال أو، على الأقل، بغسل يديك بعد لمس الأوراق النقدية.
وهكذا يمكن أن تصبح النظافة الحجة النهائية لاعتماد المدفوعات الإلكترونية، المشهود بعمليتها وأمنها من ناحية، وبمحاربتها الفساد والتهرب الضريبي من ناحية أخرى. يعتقد الأستاذ بمدرسة لوسيرن العليا، أندرياس ديتريش، أن "الأزمة الحالية يمكن أن تغير سلوك المستهلكين بشكل كبير؛ لأنهم باتوا مجبرين على ذلك، ويمكنهم إدراك مدى عملية هذه الطريقة وسرعتها. لذا، إذا استمر الوضع بضعة أسابيع، فإن التغيير يمكن أن يستمر". وحتى إن لم يكن من المتوقع أن يختفي النقد في السنوات الخمس المقبلة، فقد يتسارع انخفاض استخدامه بشكل كبير.
وبدأت العلامات الأولى لذلك بالظهور، على سبيل المثال، من خلال توينت، وهي الخدمة الوطنية للدفع باستعمال الهواتف الذكية، إذ تتم كل المعاملات على الهاتف، ولا حاجة للمس آلات الدفع عند الخلاص.
تزايد الإقبال على توينت
أشارت الصحيفة إلى أن المشرفين على خدمة توينت (التي تُستخدم عادة للمدفوعات بين الأفراد)، الذين لاحظوا أيضا "زيادة حادة في التسوق عبر الإنترنت"، بينوا أنهم "مقتنعون بأن هذا الوضع سيعزز اعتماد طرق الدفع الإلكترونية على المدى الطويل". كما أشاروا إلى أن هذه المعاملات "مفيدة حاليا في الدفع البسيط، ودون اتصال، لاقتناء المشتريات في حالة المساعدة المتبادلة بين الجيران". ولكن من الضروري أن يكون لدى كبار السن الذين تقع مساعدتهم بهذه الطريقة هاتف ذكي، وأن يكونوا قد قاموا بتنزيل توينت، وهو أمر غير معمم إلى الآن.
يلاحظ بنك يو بي أس أيضا حدوث تغيير في السلوك فيما يتعلق بالبطاقات، مرتبط بالخصم أو الائتمان. قال المتحدث باسمه: "إننا نشهد زيادة في المدفوعات التي تتم في متاجر التجزئة"، ولاحظ أيضا أن الدفعات الإجمالية التي تحدث دون اتصال لا تزال مستقرة، ومن المؤكد أن ذلك يعود إلى إغلاق صالونات تصفيف الشعر أو باعة الزهور أو المطاعم.
بيّنت الصحيفة أنه إذا كانت البطاقات والهواتف الذكية تريد حقا القضاء على الأموال في سويسرا، فسيتعين تغيير عنصر مهم، وهو حد 40 فرنكا، فأقل من هذا المبلغ، لا حاجة لإدخال رمز على محطة الدفع. وفي حال تجاوز المبلغ هذا الحد فسيكون الأمر إلزاميا. ألم يحن الوقت لزيادة هذا الحد لتشجيع هذا النوع من الدفع؟ "الزيادة في هذا الحد تتطلب تغييرات على عدة مستويات. على سبيل المثال، يجب تحديث برنامج جميع محطات الدفع.
لذلك يجب اتخاذ مثل هذا القرار بشكل مشترك من قبل قطاع المدفوعات بأكمله، ويوضح المتحدث باسم يو بي إس أن تنفيذه سيستغرق عدة أسابيع، بل عدة شهور، علما أن المملكة المتحدة اختارت الترفيع في هذا المبلغ، بدءا من الأول من نيسان/ أبريل، من 30 إلى 45 جنيها (35.50 إلى 53.30 فرنك).
وأضافت الصحيفة أنه مقارنة بالبطاقات، يعد الدفع بالهواتف الذكية خطوة متقدمة، إذ تسمح خدمة توينت بتحديد المبلغ الذي يفرض إدخال الرمز بطريقة ذاتية، على سبيل المثال، كما يمكنك حتى حذفه بالكامل. كما توفر خدمات مثل آبل بي وغوغل بي وسامسونج بي، التي يتم تطويرها في سويسرا، المزيد من المرونة.
لكن، تجدر الإشارة إلى أن المجتمع غير النقدي ليس بالضرورة أمرا إيجابيا. سجلت دولة السويد، من بين الدول الأكثر تقدما في هذا المجال، تراجعا جزئيا، لتسمح مرة أخرى باستخدام أكبر للأوراق النقدية والعملات المعدنية. بالإضافة إلى ذلك، يحذر عدد معين من المنظمات من الخطر الذي يمثله مثل هذا المجتمع بالنسبة للذين لا يتعاملون مع المصارف، ذلك أنهم سيجدون أنفسهم خارج الدورة المالية تماما، دون وسائل دفع حتى لاقتناء الاحتياجات الأساسية. وتبين دراسة البنك المركزي الأوروبي أيضا أن ما يصل إلى 10 بالمئة من المواطنين في بعض البلدان لا يمكنهم الوصول إلى البطاقات المصرفية.