بين سلامة الإنسان وإدامة الاقتصاد

 د.حازم قشوع — عندما تضيق الخيارات أمام صانع القرار وتصبح ظروف الإقرار صعبة والمناخات السائدة ملبدة بضبابية سواد وتنذر بأمطار بيولوجية وتداعيات استثنائية مصيرية، يتخذ القرار بهذه الأجواء الموضوعية بواقع معادلة تفاضلية وليست تكاملية حيث تكون الحسابات فيها مغايرة للمعادلات الحسابية الجبرية البسيطة، فان الظروف الاستثنائية التي تأتي نتيحه أحداث طبيعية خارقة او مصنعة مخترقة وهى ما نعيش أجواءها والتي لا مجال فيها للتكامل النسبي عند اتخاذ القرارات فيها لان أخطارها نتيجة أخطائها تكون كارثية لا قدرة لاحد على احتمالها او تحمل مسؤوليتها، هذا لكون نتائجها لا يمكن تعويضها وإن حدث تعويضها سيكون مكلفا بل مكلفا جدا، لان دائما نتائجها تكون مرهونة بسلامة الانسان او سلامة الدولة، وما بين سلامة الاقتصاد وسلامة الانسان تباينت السياسيات واختلفت الاستراتيجيات، فمن لا يستطيع وقف محركات اقتصاده لأهمية بقائها فاعلة، اتخذ استراتيجية مناعة القطيع اما الذي انحازت حساباته لحساب الإنسان اتخذ استراتيجية الحجر المنزلي، التي تميز بها الاردن دون غيره من المجتمعات عندما سخر كل اجهزة الدولة في خدمة وسلامة انسانه من مواطنين ومقيمين على الرغم ان الاردن يقدر نصف سكانه من غير المواطنين، لكن استراتيجية الدولة لم تميز وتعامل مع الجميع من على ارضية انسانية متساوية، وهذا ما يدل دلالة واضحة على مدى انحياز الدولة الاردنية لصالح المبادئ والقيم الانسانية وحتى فى اصعب الظروف وهي ليست المرة الاولى التي يتخذ فيها الاردن ذات الموقف وينحاز لصالح قيمه الانسان على حساب لكل المعادلات المنفعية فلقد سبق انحيازه لمسألة اللجوء، على الرغم من ثقل أعبائها.
اذن الاردن يقدم مسالة سلامة الانسان على سلامه الاقتصاد، من واقع معادلة تفاضلية وليس تكاملية، فان الاقتصاد ومعادلاته يمكن تعويضها لكن سلامة الانسان لا يمكن عوضها تحت اية معادلات مهما ثقل موازينها، وهذا ما يقطع كل تأويل او تفسير لموقف الدولة الاردنية الواضح والتي اختارت الانحياز لمسالة سلامة الانسان والحديث يجب ان ينصب حول سلامة الاجراءات ومدى نجاعتها والتي لولاها لكان المجتمع يرزح تحت وطأة مناخات مأساوية جراء اشتداد عاصفة كورونا التي خلفت بأعتى المجتمعات احداثا جساما، بل وبدا البعض منها يعود للنموذج الاردنى وخياراته وهذا ما يحسب للدولة ولا يسجل عليها، اما في الشأن الاقتصادي وتداعياته وشجونه، فان الدولة الاردنية تدرك حجم الصعاب التي ستواجهها بعد جلاء هذه الغمامة عن سمائها، لكن مهما كانت هذه الصعاب لن تضاهي سلامة الانسان الذى برهن الاردن بالبرهان انه أغلى ما يملك، حمى الله الأردن من كل مكروه.