متى تنتهي غزوة كورونا؟
فارس الحباشنة — المؤرخ الروماني شيشرون قال إن مدينة روما اختير مكانها على البحر و فوق تلال متجاورة يشقها نهر. موقع استراتيجي للدفاع عن المدينة و تحصينها، ولكن قبل ذلك اختير لأنه صحي و بيئي. التلال توفر مكانا مرتفعًا و مطلا، وهواء نقيا وجوا صافيا في محيط جغرافي يعج بالأوبئة.
في بدايات ظهور كورونا كان هناك استخفاف بالفايروس،وكنت من بين المستخفين. و أميل في دفاعي عن وجهة نظري بان العالم في القرن الحادي و العشرين قد تخلص من الأوبئة و الامراض المعدية، وان هذه الامراض من تجارب القرن الماضي، و لو ظهرت فانه ستأفل سريعا، ولا داعي للذعر و الهلع و الفزع الكوروني.
لحد ما كنت أتوقع الاقتراب من الاعلان عن نهاية كورونا، و لنعود الى الأزمات الحقيقة التي تشغل العالم. شخصيا، لست ملما بتاريخ الأوبئة و الامراض، ومعرفتي هنا محصورة بمعلومات عامة عن الانفلونزا و الإيدز والامراض المتداولة في الاعلام.
لربما ان جدية الموضوع بدأت تظهر عندما تم اغلاق المحلات التجارية و تعطيل المدارس و الجامعات و اغلاق المساجد و الكنائس، ووقف إصدار الصحف الورقية، و العالم من حولي تحول الى مكان خاو ومهجور.
لم أتضايق من حياة العزلة و الحجر ومنع التجوال. ولأني صحيا اعرف حظي جيدا. فعاملت نفسي بحسب منطوق وزير الصحة الصيني،ولم أكن قد سمعت بعد المقولة، ولكن طبقتها حرفيا : يجب عليك التعامل مع جميع المحيطين بك كأنهم مصابون، وعليك التعامل مع الآخرين كأنك انت مصاب بكورونا «.ومن بعد سمعت وزير الصحة سعد جابر ينقل هذه الموعظة الصينية للاردنيين.
في بداية كورونا تذكرون كنّا نتخبط، فلا معلومات وحقائق علمية دقيقة عن الفايروس. اجتهادات وفتاوى كثيرة. عن طبيعته و انتشاره، وما يصيب الانسان المريض، و تضارب عن الأرقام حول العالم، و اختلاف في منهجيات الدول في الإحصاء والرصد للوباء، وقبل ان ندرك ان كورونا يمكن ان ينهي الحياة على الكرة الارضيّة، و اسوأ سيناريوهات انقراض البشرية.
وجدت نفسي في العزلة مجبرا بالالتفات الى المكتبة، وقرأت تاريخ الامراض والأوبئة. فالانفلونزا الاسبانية عام 1918خلفت ضحايا اكثر من الحرب العالمية الاولى. و الطاعون الأسود الذي فتك بمدن آسيوية و أفريقية و أمريكية لاتينية، وهناك فايروسات كثيرة ولدت وحصدت ارواح الآلاف من البشر و اختفت دونما ان يتوصل الانسان الى علاج ودواء اليها.
ولربما أن السؤال الأهم في معرض ما يقول علماء ومختصون عن فايروس كورونا، و تطور السلالة و تحولات الفايروس. فلا يعرف متى يظهر فايروس جديد متكيف و متطور و بهوية جينية مختلفة، ولا متى يختفي؟
قانون الاحتمالات في العلم هنا لا يخدم البشرية، وليس من مصلحتنا حتما. فعدم اكتشاف عقار طب «حل طبي» لهذا الوباء، فان الخيارات محدودة. ومحصورة، فإما نقبل بالوباء وتتكيف معه، ونستعد لما هو اسوأ حتما، و تفشٍّ لا محدود لكورونا واخواتها من فايروسات قيد الولادة.