الكورونا والانتماء
كان معظمُنا ولا يزالُ يتساءلُ في قرارةِ نفسِهِ، وفي غالبِ الأحيانِ علناً، لماذا نرى الناسَ في المجتمعاتِ الغربية، يلتزمونَ بالنظام، ويحترمونَ القوانينَ والتعليماتَ التي تفرضُها حكوماتُ دولهم، ويتقيدونَ بها، ولا يخالفونها، مع وجودِ بعضِ المخالفاتِ أحياناً.
الجوابُ دائماً يكونُ: هي كذلكَ ثقافةُ مجتمعاتهم، التي تَرَبُّوا ونشأوا عليها منذ الصغر، وتعلموها من كبارهم وفي مدارسهم، نعم صحيحٌ هذا الجواب، ولكن كيف استطاعَ الأهلُ تربيةَ هذه الأجيال، على احترامِ النظامِ وتطبيقِهِ والالتزامِ به، فلقد تَطَلَّبَ هذا الأمرُ منهم جهداً كبيراً للوصولِ إلى هذه المرحلةِ الرائعةِ والمميزة، من الثقافةِ المجتمعيةِ الواعية، التي ننظرُ إليها بعينِ الإعجابِ بل والاحترامِ ايضاً.
الثقافةُ هي انعكاسٌ لانتماءِ الأفراد لمجتمعهم، وهذا الانتماءُ يتولدُ عبرَ التربيةِ الصالحةِ، والتنشئةِ القويمةِ للأبناءِ والأجيالِ الصاعدة، فلقد طَبَّقَ الأهلُ في المجتمعاتِ الغربيةِ القوانينَ بحذافيرِها والتزموا بها، احتراماً لها لأنهم كانوا متأكدينَ من أنها، ستعودُ عليهم بالنفعِ والفائدة. وكذلك خوفاً من العقابِ اذا ما خالفوها، وكانت النتيجةُ أن ظهرت أجيالٌ ملتزمةٌ محافظةٌ لأنها هكذا نشات وتَرَبَّت.
جاءت الكورونا تُهددنا بخطرِها، وهي وباءٌ كبيرٌ يؤرقُنا ويُقلقنا، فكان لابد من الوقوفِ لمواجهتهِ بكل الطرقِ والوسائلِ المُتاحةِ، وبكل الامكانياتِ المتوفرة، حتى نستطيعَ وقفَ انتشارَه واستفحاله، لحمايةِ البشرَ والوطن، فتكاثفت الجهودُ الحكوميةُ كلها، وعلى رأسها القائدُ الحكيمُ جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه، الذي وضعَ الخطةَ الاستباقيةَ لمكافحةِ هذا الوباءِ الخطير، الذي يُهددُ شعبَنا ووطنَنَا، ومن ثم جاءَ دورُ الجهاتُ الامنيةُ والنشامى الجيشُ العربيُ، الذي زَيَّنَ شوارعَ الوطنَ ليحمي أبناءَهُ ويُبعدَ عنهم الخطر.
وكانت المبادراتُ العظيمةُ والرائعةُ من كافة، اطيافِ المجتمعِ الأردني على امتدادِ مساحةِ الوطن، وفي كل المناطق، ومدَّت يدَ العونِ والمساعدةِ لكلِ فقيرٍ ومحتاج، ولكل الذين تعطلت أعمالهُم بسبب هذا الوباء.
اعتقدُ بأن كل طفل يعيشُ هذه المرحلة، ويرى ما تقومُ به حكومةُ الأردن العظيم، من انجازاتٍ وجهودٍ لمعالجةِ هذه الأزمةَ الصعبة، وما يراهُ من تعاونٍ بين أفرادِ المجتمعِ ومنظماتهِ ومؤسساتهِ في القطاعِ آلخاص، والتبرعاتِ للوقوفِ مع الوطنِ، ومبادراتهِ، تقديمِ المساندةِ والدعمِ للمجتمعِ وللدولة، هو أكبرُ دليلٍ صادقٍ على انتماءِ الأردنيونَ لمليكهم ولوطنهم وحُبهم له.
الإنتماءُ ليس بالشعورِ والقولِ فقط، ولا باطلاقِ الشعاراتِ والهتاف، بل هو وقفةُ عِزٍّ وكرامة، وفعلٌ وعملٌ مُوَحَّدٌ، وتنفيدٌ لما نؤمنُ به من مبادئٍ وقيمٍ انسانيةٍ، وجُبٍّ صادقٍ على ارضِ الواقع، وفي ساحةِ الميدانِ التي، نحاربُ فيها كلنا يدا بيد، ونقدمُ كلَّ ما نملك، ونضعهُ تحتَ تصرفِ القيادة، كي نستثمرَ طاقاتَنا وجهودَنا، ونلتزمُ بكل القوانينِ والتعليماتِ، حتى نحققَ الانتصارَ على الوباءِ بإذن الله، ولكي ينشأ أبناؤنا على حبِ الوطن ونزرعُ فيهم الانتماءَ والولاءَ الحقيقي.
عاهد حسين الصفدي
عمان / الاردن العظيم.