من بغداد إلى السلط (٧)

د. فايز الربيع  - كان عام (٦٩ (عاما استثنائیا حیث واجھتنا ظروف لم نكن نتوقعھا، لم یعد للحكومة سلطة في كل الاتجاھات، ظھرت قوى جدیدة تحكم الشارع بقوة السلاح، لم یكن أكثرھم مؤھلین للتفكیر في العواقب التي ستترتب على ھذه الفوضى، ضاع الھدف الكبیر وھو التحریر إلى قضایا داخلیة، تشرذمت المنظمات الفدائیة ضمن توجھات الأحزاب، كنت في ھذه الفترة أحد المسؤولین في تنظیم السلط، وربما كانت السلط استثناء من بقیة مدن المملكة فیما بعد، حیث تجنبت الصراع كما حدث في بقیة المدن، طلبنا من الإخوان الموجودین في الخارج العودة، ورفض أكثرھم، وعادوا بعد أن بدأت المصالح فیما بعد جزءاً من العمل السیاسي، كنا اكثر إخلاصاً للفكرة والأشخاص، وحضر إلى السلط بعض قیادات الإخوان من بینھم المرحوم د. اسحق الفرحان والمرحوم عبد خلف داودیة، وطرحوا فكرة عمل قواعد عسكریة للإخوان ضمن فتح، وطلبوا التبرع، تبرعت بنصف راتبي، لأن الفكرة لازالت أمامنا التحریر، وطلب منا الالتحاق فیما بعد بالمعسكر والذي تم إنشاؤه في الأزرق، كنت من بین الذین التحقوا بالمعسكر، أقلتنا سیارة لاندروفر من عمان، كان معي في السیارة حمزة منصور، وكانت الخیمة التي خصصت لنا فیھا المرحوم عبدالله عزام، وآخرون من غزة، وسوریا ولبنان والجزائر، كان قائدا المعسكر من مصر، أبو خلیل، وأبو صلاح تدربنا على التقشف، كنا نحرس في اللیل، مناوبین كانت درجة الحرارة اقل من الصفر، حتى أن بركة الماء كانت ادفأ لنا من البقاء في الخارج، كانت الطائرات الاسرائیلیة تحوم في السماء، سرنا مسیرة حوالي ٨٠ كم، ثم تحولنا إلى منطقة شمال اربد، ونزلنا إلى منطقة الأغوار كل ذلك كان سیرا على الأقدام، ما اود ان استخلصھ ھنا أننا كنا نحن الشباب المتحمسون الوقود الذي تعتمد علیھ القیادة والتي اكتشفت فیما بعد انھا كانت تتصرف بنا وتفاوض علینا، رجعت إلى الدوام في المدرسة، وتغیر مدیر المدرسة، بمدیر جدید ھو المرحوم محمد الحیاري الذي أصبحت صھره فیما بعد، واضربنا ضده بتحریض من بعض المعلمین ممن كانت لھم اطماع في الإدارة، الشباب كانوا اسرع إلى التنفیذ منھ إلى التفكیر سمعت من مئذنھ المسجد الصغیر، صوت غریب یدعو إلى الاحتفال بعید میلاد لینین، كانت صدمة لنا، كان الداعي الجبھة الدیموقراطیة أبطلنا ھذا الاحتفال باحتفال مقابل، حشدنا لھ في ساحة مدرسة عقبة بن نافع، كنت عریفا للحفل، وكان من بین المتحدثین ھاني الحسن، وآخرون، كنت اخطب العید في مصلى عقبة بن نافع، واخطب الجمعة كل شھر في احد مساجد السلط، كانت الدعوة قد اخدت كل وقتنا، بین التدریس والخطابة والرحلات، وفي الوقت الذى نسأل الله ان یؤجرنا على ھذا .العمل فقد ذھب ادراج الریاح مع الإخوان