أربع أزمات ستتبع أزمة كورونا
نشرت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية تدوينة للكاتب فريد زكرياء، تحدث فيها عن الأزمات التي ستنجر عن انتشار فيروس كورونا على المستوى العالمي.
وقال الكاتب في التدوينة، إنه على الرغم من أننا قد بدأنا للتو في مواجهة حجم الصدمة التي سببتها جائحة كوفيد-19، علينا أن نستوعب حقيقة أخرى مؤلمة في الوقت الحالي. نحن في المراحل الأولى من الوضع الذي سوف يخلّف مجموعة من الأزمات المتسلسلة ينتشر صداها في جميع أنحاء العالم. وتجدر الإشارة إلى أننا لن نتمكن من العودة إلى الحياة الطبيعية قبل ظهور الفيروس التاجي ما لم تجد القوى العظمى طريقة للتعاون وإدارة هذه المشاكل بشكل جماعي، وفقا لما ذكرت صحيفة عربي21.
وأورد الكاتب أن الأزمة الصحية تحتل صدارة المشهد في أكبر الاقتصادات في العالم خلال الفترة الراهنة. ولكن الأزمة التي سوف تليها تتمثّل في الشلل الاقتصادي، الذي بدأنا للتو في تصور حجمه ومدى ثقله على المستوى العالمي. خلال الأسبوعين الماضيين، فُقدت 10 ملايين وظيفة في الولايات المتحدة، وهو الرقم الذي يتجاوز 8.8 ملايين وظيفة التي تم فقدانها إجمالاً خلال 106 أسابيع من الركود في السنوات التي تراوحت بين سنتي 2008 و2010، علما وأن هذه الوضعية لا تمثّل سوى بداية الأزمة القادمة على المستوى الاقتصادي.
وأضاف الكاتب أن خطر تعليق مدفوعات ديون الدول يعتبر الأزمة التالية بلا شك. في هذا الصدد، واجهت إيطاليا هذه الأزمة وعلى عاتقها أعلى مستوى من الدين العام بين بلدان منطقة اليورو والثالث على الصعيد العالمي. بناء عليه، سوف ترتفع ديون البلاد بشكل كبير بينما تنفق الأموال لمكافحة تداعيات كوفيد 19.
وأردف الكاتب أن إيطاليا تحتل المركز الثالث بين أكبر الاقتصادات في أوروبا، لكنها ليست سوى إحدى الدول الأوروبية العديدة المعرضة لخطر الانهيار المالي. وقد حلّت هذه الأزمة في وقت تواجه فيه الاقتصادات الأكثر ديناميكية في أوروبا، والتي غالبًا ما توفر الأموال والضمانات لعمليات الإنقاذ وآليات الدعم، مجموعة من المشكلات أيضًا. علاوة على ذلك، تتوقع ألمانيا، التي لم تشهد ركودًا خطيرًا منذ فترة طويلة، أن ينكمش اقتصادها بنسبة خمسة بالمئة خلال هذه السنة.
وأشار الكاتب إلى أن الأزمة الأخرى المتوقعة تتمثّل في "انفجار" الدول النامية. حتى الآن، تُعتبر أعداد المصابين بالفيروس التاجي منخفضة في دول مثل الهند والبرازيل ونيجيريا وإندونيسيا. وربما يرجع ذلك إلى أن الدول النامية لا تعد نشطة كثيرا في مجالي السياحة والتجارة مثل بلدان العالم المتقدم.
بالإضافة إلى ذلك، قامت هذه البلدان بإخضاع عدد قليل نسبيًا من الأشخاص للتحليل، مما جعل أعداد المصابين تبدو منخفضة بشكل مصطنع. ومع ذلك، إذا تبين أن الحرارة لا تعوق انتشار الفيروس، فمن المؤكد أن تتضرر هذه البلدان النامية وبشكل حاد أيضا. في الواقع، بالإضافة إلى سلسلة الأزمات التي قمنا بذكرها، نجد مشاكل السيولة وفقدان الإيرادات الضريبية إلى جانب الحاجة إلى إعانات جديدة رئيسية، التي يمكن أن تعجّل بسهولة بظهور سيناريو الكساد الكبير أو كما يسمى أيضا بالانهيار الكبير الخاص بالدول النامية.
وبيّن الكاتب أن الدول النفطية لن تكون في معزل عن الأزمات القادمة الناتجة عن فيروس كورونا. حتى لو تم حل الصراع بين السعودية وروسيا، فقد انهار الطلب على النفط في هذه المرحلة ولن يتعافى قريبًا. في هذا الإطار، ينبغي أن نضع بعين الاعتبار حجم الأزمة التي سوف تعيشها بلدان مثل ليبيا أو نيجيريا أو إيران أو العراق أو فنزويلا، حيث تمثل عائدات النفط الغالبية العظمى من الإيرادات الحكومية. من المتوقع أن تحدث اضطرابات سياسية وتدفقات لاجئين وربما ثورات على مستوى غير مسبوق في العقود الأخيرة.
ختاما، ذكر الكاتب أن العالم انخرط في تجربة الوباء بتحديين. بمعنى آخر، تعتبر بلدان العالم غارقة في الديون الحكومية والخاصة أيضا. ويبلغ إجمالي الناتج المحلي 90 بليون دولار في حين يصل الدين العام والخاص إلى 260 بليون دولار. في الحقيقة، واجهت الدول أزمة الوباء في الوقت الذي انهار فيه التعاون العالمي وتخلت الولايات المتحدة عن لعب دور القائد والمنظم التقليدي لهذه الجهود.