حقوق العمال بين الحكومة وقانون الدفاع "6" ..

زهير العزه

اثبت الاردن بحجمه الصغير وبامكانياته المحدوده ، انه اكبر من دول كبيرة بكل شيء الا من حرصها على حياة مواطنها حيث أكتشف العالم  مع ازمة فايروس كورونا انها "دول كرتونية" " هشّة "حيث سقطت بوباء طريحة الفراش بعد ان تبين واقعها عن خراب في البنى التحتية و قيادات حكمته وتحكمه على طريقة  التاجر الفاجر الذي لا هم له الا المصالح المالية على حساب كل شيء.

اما نحن عندنا فالحكومة التي بذلت الجهود المضنية في سبيل الحفاظ على صحة المواطن باعتبارها اولوية نالتِ اجراءاتها المتخذةُ في مواجهةِ فيروس كورونا الثقةَ في الداخلِ والخارج فلا يمكنها ان تضحي بكل ذلك وتلجاء الى اجتهادات قد تثير الغضب وتعقد حياة العامل ،  وقد استمعنا بالامس لما قدمه وزير العمل من قرارات حول رواتب العاملين في القطاع الخاص والشركات الخاضعة لقانون العمل ومنها بالطبع الشركات التابعة للحكومة ، حيث قال  الوزير ان العاملين عن بعد سيتقاضون 50 % من أجرهم الاعتيادي على أن لا يقل عن الحد الأدنى للأجور، كما اشار الى انه يجوز لصاحب العمل ان يعمل على تخفيض ما نسبته 30% من الاجر على ان يتم ذلك بالتوافق.

 والواقع ان قانون الدفاع رقم "6 " المتعلق  بقانون العمل  قد جاء لصالح المؤسسات واصحابها ولم يأتي لصالح العمال " بالرغم انه لم  يعطي  تفسيرا يأخذ بعين الاعتبار  كيفية  قيام الشركات المغلقة لفترات طويلة  من تأمين الاجور للعاملين  لديها "،ونحن لا نقلل من اهمية الحفاظ على المؤسسات ،ولكن يجب ان لا يأتي اي قرار على حساب العمال وخاصة ما يتعلق برواتبهم ، حيث ان غالبية العمال او كلهم يعانون من تدني رواتبهم ، ولا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الاساسية في ظل رواتبهم الحالية فكيف اذا ما تم خفضها .

ان الوضعَ القائم لا يحتمل ان تقوم وزارة العمل بالتخلي عن مهامها في حفظ حقوق العامل  وتتركهم عرضة  لمزاجية اصحاب العمل الذين هم ايضا متضررون ولكن بنسبة اقل من العمال الذين لا يملكون الا خبزهم كفاف يومهم او اقل بكثير،وبالتالي كان على الوزارة ان تعمل على وضع الخطط والبرامج لكيفية تحمل الحكومة نسبة من الاجور دعما للعامل ودعما للمؤسسات  حتى وان كان  ذلك من خلال الاقتراض الخارجي او من خلال الهبات والمساعدات الدولية التي اعلن عنها من قبل الصناديق الدولية والدول الكبرى التي ابدت استعدادها لدعم الدول الصغيرة المتضررة من  جائحة كورونا .

اللجنة الحكومية التي عملت على وضع الاسس التي طرحها وزير العمل والخاصة بالاجور يوم الاربعاء كان عليها ان تأخذ بعين الاعتبار أن العامل لديه التزامات عديدة تبدأ من إيجار المسكن اواقساط أوقروض للسكن وكهرباء ومياه ومصاريف ومواصلات ومأكل وملابس لاطفاله حتى وان كانت  من" البالة" ،لذلك كان على الوزير ولجنته ان يقوموا بالعمل على خفض قيمة الايجارات بنسبة 50% والكهرباء والماء والاتصالات والمأكل والملبس والمواصلات وغيرها قبل ان تتم عملية اخضاع العامل لخيار التنازل عن جزء من راتبه يصل الى  الخمسين بالمئة في حال العمل عن بعد او 30% بالتوافق بين اصحاب العمل والعمال ، وان تعمل على ضبط الاسواق التي تعاني من انفلات بالاسعار بطريقة جنونية ادت الى تحميل المواطن اعباء اضافية في هذه الازمة .

 

وإذا كانت الحكومة قد ابتليت بمواجهة مرض خارجٍ عن إرادتها وخارج عن ارادتنا وخارج عن ارادة اصحاب العمل والعمال  فمن غير المبرر أن تهرب من مواجهة الاستحقاقات برميها على العمال ، وذلك لان اصحاب العمل سيقومون في ظل ضعف سلطة وزارة العمل تاريخيا امام اصحاب العمل  بالضغط  على العمال  ولن يجرؤ  العامل  في ظل هذه الظروف  برفض اي قرار يصدر عن اصحاب الشركات والمؤسسات .

 إن العمال الذين يأكلون يوم بيوم ويأكلون من تعبِ الساعاتِ القليلةِ التي يعملون بها لايمكنهم القبول بهذا الطرح الذي لن يخدم الا طرفين من اطراف المعادلة وهم الحكومة واصحاب العمل ، اما العمال وهم الطرف الاضعف في المعادلة فهم الخاسرون الوحيدون ، ولذلك لابد من مراجعة هذه الخطة  مع عدم المساس بأية نسب من اجور العمال ، لان ذلك فيه تهديد للامن الاجتماعي .

 zazzah60@yahoo.com