الدكان صراع من أجل البقاء
فارس الحباشنة — في مديح كورونا قبل أزمة الفايروس المستجد كان ثمة حديث حاسم عن موت واعلان وفاة الدكاكين والمحال التجارية الصغرى.
كورونا، وفِي غمرة أزمتها يبدو انها فرضت واقعا جديدا في كل المجالات والمستويات، ونسف بنى كانت راسخة ومستقرة، وأحدثت انقلابا عاموديا وأفقيا: اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا ايضا.
الدكاكين عادت من جديد ليضخ الحياة في شريانها. وعادت لتكون جزءا من الدورة الاقتصادية، وفِي مدن توسعها العمراني الهائج جعل من احياء وازقة وحارات هامشية نتيجة لتوسع عمراني ديناصوري وغير منضبط طبقيا.
الدكاكين لم تختفِ من المدينة، بقيت بعض الأحياء محافظة بخجل على وجودها، وبكثرة في مناطق وسط المدينة والأحياء الشعبية ورغم مزاحمة المولات التي أصبحت تولد كثالوب بين التجمعات السكانية الكثيفة .
قاومت الدكاكين للبقاء في صراعية غير متكافئة بركنيها بين معادلة التنافس والقوة مع المولات، وتعمل بالحد الأدنى، وروادها زبائن اوفياء، وحركة نشاطها التجاري تراجعت اكثر من 70 ٪.
كورونا أحيت أهمية الدكان والمحال التجارية الصغيرة. اغلاق المولات انسحب لصالح الدكاكين. ورأينا في عمان والمدن الكبرى عودة الحيوية للدكان، اقبال من المواطنين، وتطبيقا لقرارات حظر التجوال، منع الاختلاط والتباعد الاجتماعي التي وفرها التسوق في الدكان.
والدكان كنمط تسوق واستهلاكي في أزمة كورونا، والتداعي الاقتصادي والتقشف في الانفاق والاستهلاك وفاتورة المشتريات المنزلية فإنها الخيار الأمثل والانسب.
فالدكان يوفر الحاجات الاساسية والرئيسة بعيدا عن البذخ وأنماط الاستهلاك المترف والزائد عن الحاجة في وقت الأزمات.
المواطن يجد كل ضالته في الدكان، فيمكن ان يستدين على الدفتر، ويشتري حاجات وأغراض العائلة لآخر الشهر، وعندما يقبض الراتب يدفع للدكانجي ما في ذمته من دين، وقابل التقسيط دون فوائد ربوية.
العودة الى الدكان ضرورية، وتوحي بصورة اجتماعية واقتصادية جديدة في المجتمعات الاردنية تحرر من كبوة رأسمال العملاق والديناصوري الذي ابتلع طبقات اجتماعية متوسطة وصغيرة ومحدودة المداخيل، وشوه هوية المدينة اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا.