مستقبل فلسطين مرهون بوحدانية التمثيل السياسي...!

بقلم د. عبدالرحيم جاموس 

إن غياب وحدانية التمثيل السياسي وعدم بلورته بشكل مؤسسي  قانوني واضح للشعب الفلسطيني قبل النكبة الكبرى سنة 1948 م،  قد مثل احد اهم عناصر  الضعف  للشعب وللحركة الوطنية الفلسطينية حينها ، مما سهل ومكنَ  للعصابات الصهيونية والقوى الإستعمارية  تنفيذ جريمة اغتصاب الجزء الأعظم من الاراضي الفلسطينية واقامة الكيان الصهيوني عليها، وتهجير العدد الأكبر من الشعب الفلسطيني  وتحويلهم الى لاجئين  دون  تمثيل مؤسسي قانوني يكون معبرا عنهم وممثلا لهم ولبقية الشعب الفلسطيني ، لذا كان البحث عن صيغة قانونية تمثل الشعب الفلسطيني  وتعبر عن آماله وتطلعاته الوطنية والقومية  ضرورة حتمية في ظل واقع التجزئة العربية التي فرضتها القوى الاستعمارية على العرب ،  وقد كان تغييب الوطنية الفلسطينية  وشطب الهوية الفلسطينية هدفا استعماريا صهيونيا، يمثل ركنا اساسيا في خطة واستراتيجية قيام الكيان الصهيوني  (كوطن قومي لليهود ) في فلسطين.
وبعد النكبة الكبرى عاش الشعب الفلسطيني حالة من الضياع والتوهان  واستلاب وتمزق الهوية  الى منتصف ستينات القرن الماضي ،  حتى انشئت منظمة التحرير الفلسطينية  من قبل مؤتمر القمة العربية في مايو 1964 م واسند اليها صفة تمثيل فلسطين في الجامعة العربية ، ومع انطلاقة فصائل المقاومة و العمل الوطني  وانتسابها الى اطر ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية  قد باتت بالفعل م.ت.ف ممثلة للشعب الفلسطيني  ومعبرة عن آماله وتطلعاته الوطنية في العودة والاستقلال وبناء الدولة، وبعد نكبة حزيران 1967م وتصاعد اعمال المقاومة و اثرها ضد الاحتلال الاسرائيلي داخل الأراضي المحتلة وعبر الحدود  ، تأكد ت هذة الصفة ل م.ت.ف في القمة العربية في الرباط  في اوكتوبر1974 م وما تلاها من اعترفات من قبل الدول الصديقة تم منح م.ت.ف.صفة عضو مراقب في الأمم المتحدة ودعوة الرئيس   ياسر عرفات لإلقاء كلمة امام الجمعية العامة في نوفمبر1974م  ،  عندها شعر الكيان الصهيوني  انه بات وجها لوجه مع الهوية الوطنية الفلسطينة التي عمل على شطبها وتصفيتها قد عادت من جديد توحد  وتمثل التحدي الأكبر له ، فأخذ يضع الخطط والسناريوهات السياسية المختلفة  لمواجهة هذا التحدي في وقت مبكر من سبعينات القرن الماضي  للمس بوحدانية التمثيل الفلسطيني واغتيال العنوان السياسي  الموحد  للشعب الفلسطيني  المدعوم من الشعب ،
  لقد عمل على تشكيل روابط القرى  في الاراضي المحتلة  وربط مصالح الناس فيها بغرض احداث بديل تمثيلي ينافس م .ت.ف. كما اطلق العنان وبدعم مباشر منه  للتيارات السياسية المناوئة ل م. ت.ف   و  بعض الشخصيات التقليدية لمنافسة م.ت.ف  وقد باءت جميعها بالفشل وحوصرت شعبيا، ثم توجه  العدو للعب اوراق اخرى ومنها ورقة التيارات السياسية الدينية التي كانت تعتقد انها في تناقض عقائدي ايديولوجي  مع الحركة الوطنية  والقومية واليسارية والعلمانية الفلسطينية  المؤطرة في اطار  م.ت.ف .. وقدم لها التسهيلات و الدعم المباشر لتنشط في الاوساط الشعبية الفلسطينية عبر الأعمال الإجتماعية  والجمعيات الخيرية ، وقد تبلور عنها في نهاية المطاف انشاء حركتي الجهاد وحماس  (كحركتي مقاومة) من خارج اطر ومؤسسات م.ت.ف. وترفضان لغاية الآن الاندماج في اطر  م.ت.ف  وتتصدر المشهد حركة حماس اليوم  في منافسة  م.ت.ف. على شرعية تمثيل الشعب الفلسطيني،  وقد مثل هذا الموقف من الحركتين طعنة نجلاء لوحدانية  تمثيل م.ت.ف للشعب الفلسطيني ..وكانت الضربة الاقسى قد تبلورت في انقلاب حركة  حماس على السلطة والتفرد  في حكم قطاع غزة منذ صيف 2007م  ولم تجدي معها  كافة الجهود والمتغيرات لإنهاء حكمها لقطاع غزة  ، بل تسعى الى تكريسه و الذي بات يحظى علنا بالمحافظة عليه من قبل الكيان الصهيوني لمافيه من خدمة لأهدافه ، كما يحظى بدعم كبير من قبل دول اقليمية  مختلفة .
إن استمرار الانقسام والسلوك السياسي الذي تسلكه حركة حماس  في علاقاتها الداخلية والخارجة  بات يمثل مساً مباشرا  وخطيرا بوحدة الشعب الفلسطيني ووحدة عنوانه السياسي في ظل جملة المتغيرات التي بات يشهدها العالم والإقليم وما تتعرض اليه القضية الفلسطينية من مخاطر ، فإنه يتيح فرصة ذهبية للإحتلال لتنفيذ خططه التصفوية وتنفيذ صفقة القرن الامريكية .
هل تدرك حركة حماس خطورة اللحظة التاريخية التي تمر بها القضية ..وخطورة الدور الذي باتت  تؤديه على القضية ، كي تتوقف عن هذا السلوك السياسي  المريب والخطير  وتنهي فورا انقلابها على السلطة وكافة نتائجه التدميرية وتعلن انها ليست بديلا ولا منافسا ل م.ت.ف  ...قبل فوات الأوان .هذا ماندعو له ونتمناه خدمة لفلسطين وقضيتها
د. عبدالرحيم جاموس 
19/04/2020م 
Pcommety@hotmail.com