هل يعلنون وفاة الصحف اليومية ..؟ بقلم / فارس الحباشنة
الصحافة في أزمة كورونا ومن قبل تحولت الى خبر. توقف الصحف اليومية عن الصدور. هكذا، بسحر كورونا الفاتك، حدثت المعجزة، وتبدد الكابوس. إعلام الكتروني وسوشيال ميديا تناقلت الخبر بتشفٍ، وبدأ البعض بنعي الصحافة، وسرد المراثي، وفتح بيوت العزاء. وكل ذلك بالقفز فوق اسئلة كثيرة معلقة في الإعلام الأردني.
نعم، يمكن ان تتوقف الصحف عن الصدور. كل شيء ممكن في الأردن الجديد. ولكن أذكر الزملاء في الإعلام في مقولة ومثل عربي حكيم يقول : أكلت يوم أكل الثور الابيض. سمعتوا بهذا المثل، ولكن تذكرونه جيدا في سياق ازمة الصحف ومفاعيلها.
وعلى كل الأحوال، مسألة تقبل اختفاء الصحف اليومية ليست سهلة ولا عادية. وتحكيم الرأي والموقف لا يقيمه عقول مراهقة وعابثة، فلا بد من العودة الى مرجعيات حكيمة وراشدة ووازنة، تقيم وزنا للمؤسسية الوطنية والإرث الوطني ومشروع الدولة الأردنية التاريخي، نحن دولة بمشروع وطني له جذر من بدايات التأسيس في عشرينيات القرن الماضي.
الصحف اليومية صنعت هوية الاردن. وعلى مدار عقود صنعت الذائقة الأردنية وفتحت حوارات ونقاشات وطنية، وكانت الوعاء الجامع والموضوعي لكل الاراء والاتجاهات السياسية، واحتضنت مواهب ونجوما في السياسة والفن والفكر والثقافة. و ساهمت في صياغة وعي اجيال من الأردنيين، وتحديد مواقفنا من تحديات مصيرية واجهت الاردن : داخلية وإقليمية وأممية.
لا أميل هنا الى التشبث بالماضي واحبال الامال، علما باني اكتب هذه السطور والقلق يسكن كل مفاصل كلماتي، ويجرح حروفي كلما انزاحت نحو موضوع آخر. زملاء في المهنة ليسوا طارئين على الاعلام الجديد «هشك بشك « من بياعي سوق الخضرة وتجار بسطات مع الاحترام لكل المهن، يقفون في عين الاعصار. يراوحون لعدم الاستسلام للإحباط في أزمة وجود، ليسوا خائفين وقلقين على أنفسهم، انما سلطة رابعة ومؤسسات اعلامية وطنية يوارى جثامنها قلب الارض دون جنازة وتشييع يليق بحجم الوفاة وقيمة الجثمان.
نعم المهنة « الصحافة « هي الضحية. والأزمة لا تنحصر بصحيفة واحدة. ولو ان هناك دورا حقيقيا في حماية المهنة ما وصلنا الى هذا الحال، وذلك ، والتحدي الموضوعي والنوعي، والمراجعات المهنية، وحماية حقوق الصحفيين.
ازمة الصحف وما تواجه من مصير غامض، سؤالها ينسحب مستقبلا على مصير الإعلام الأردني بكل مؤسساته: تلفزيون وإذاعات ومواقع الالكترونية. كثيرون يهربون الى الأمام بإجابات متسرعة في تعليقهم على ازمة الصحف. يقولون الانترنت، والإعلام الجديد والسوشيال ميديا، وغيرها، وهي حقيقة غير مسؤولة عن أزمة الصحف.
الصحف اليومية تنتهي عندما يموت القارئ. وما تواجه الصحف الان ليس أزمة بالمهنة والخطاب الصحافي، انما بادارة الازمة منذ نشوبها قبل حوالي عقد من الزمن. وكيفية توجيه أزمات الصحف من الحل الى التعقيد والترنح بالازمات لتكبر وتتعاظم، والازمة جذرها مالي واداري بحت.
في زمن كورونا، ثمة ما يوجب على الجميع ممارسة وعي زائد في التفكير بأزمة الصحف قبل فوات الأوان. وأكثر ما أخاف عليه ولربما كثيرون يشاركوني الرأي أن يبقى الرأي العام والجمهور الاردني مسرحا لاستعراضات تهريج بائسة وقاسية على مزاج وذائقة الأردنيين. سوشيال ميديا والبعض من إعلام جديد يتاجرون بالفضيحة واللامهنية.