عندما يتحدث الملك عبدالله ينصت زعماء العالم ..

لماذا قرر العاهل الأردني التحدث للعالم بخصوص أزمة كورونا بصفته صاحب الخبرة الاطول بين الزعماء العرب في هذه المرحلة ؟.
الاهم هو الالتقاطة السياسية التي توحي بأن عاهل الأردن الذي أرسل قبل يومين شحنة مساعدات ادوية وطاقم طبي للكويت وقبلها لسبعة دول صديقة وشقيقة قرر نشر”أفكاره الجديدة” بخصوص كيفية مواجهة ما بعد فيروس كورونا عبر مقال خاص لصحيفة واشنطن بوست.
يخاطب الملك الأردني الدوائر الامريكية بالمقال ضمنيا وعلى أساس” طي صفحة خلافات الماضي” والتركيز على إعادة تشخيص "العولمة” وتطبيقها بشكلها الصحيح.
ثمة فكرة "جريئة جدا” تضمنها المقال المثير ويمكن اعتبارها سياسيا أكبر من الحجم الاقليمي للأردن المألوف وهي "إعادة تشكيل المنظمات الدولية العابرة للدول” وتشكيل مؤسسات دولية جديدة.
اعتبر الملك ان فيروس كورونا "يهدد كل قائد في العالم” وحذر من "الفقر والبطالة والجوع” إذا لم ينتبه الجميع.
وتحدث عن "إعادة ضبط العولمة” محذرا من أن دولة واحدة فقط لا تستطيع النجاح.
مهم الانتباه سياسيا وإعلاميا لأن العاهل الأردني يتحدث بهذه المضامين الان بعد تحقيق بلاده لتقدم ملموس في مسألة”احتواء فيروس كورونا” وبعد ثبوت تطور صناعات الدواء الاردنية وفي ظل خطاب جديد يحاكي المستجدات ويخطط لوضع الأردن في مقدمة المناورة في مسألة التحدي للفيروس.
يعيد هذا الحديث تموضع الأردن سياسيا وإقليميا بصورة مرجحة خصوصا وان عمان كانت من الدول السباقة لفرض حظر تجول وسياسة عزل وإغلاق تصرفت بثقة مع تداعيات كورونا وكانت لاحقا من الدول التي تصرفت ب”دون تعثر أو تردد” في تفكيك الحظر والعودة التدريجية المنضبطة للحياة الطبيعية.
في سلسلة اجتماعات مغلقة وعميقة كانت توجيهات الملك لكبار المسئولين والدوائر الرسمية تركز على تحويل الأزمة إلى فرصة والانتباه للمستجدات ولتبدل إيقاع ونمطية الاقتصاد وأولويات الاستثمار.
حصل الاردن في ظل ازمة الفيروس على مساعدة "إماراتية يتيمة” وإعتذرت دول شقيقة ثرية عن تقديم مساعدة مالية مباشرة لكن اشعارات وصلت من دول مثل السعودية والإمارات وقطر لعمان توحي بالاستعداد للمشاركة في "استثمارات” تناسب المرحلة الجديدة خصوصا في مجال الصناعات الطبية والغذائية في ظل التقلبات المحتملة في نظام النقل والشحن والتبادل التجاري الدولي.
يتصرف الاردن بثقة واضحة مع ازمة كورونا بعد ثبات وصمود ونجاح "نظامه الصحي” وفي ظل مبادرات ملكية متعددة دخلت في التفاصيل.
ولهذا السبب يسعى الملك حسب دبلوماسيين غربيين يعجبهم ما فعله الاردن للمناورة في التجديد وتحويل المحنة إلى منحة .
لذلك على الأرجح قرر عاهل الاردن مواصلة "التحدث مع العالم” مقترحا بصورة جريئة بان "صراعات الماضي ونزاعاته ينبغي أن تطوى صفحتها” وان يتعاون العالم لمواجهة الخصم الجديد الذي عبر الحدود.
تلك قد تكون بمثابة "رسائل أردنية” ضمنية للحلفاء ولقوى الكبار لها علاقة بطبيعة العلاقات في القريب العاجل مع دول الجوار الاردني مثل سورية والعراق وبعدما تسببت كورونا في تبديل كل الاولويات.
القدس العربي