بعد المفرق .. الحكومة تعيد حساباتها في التشدد بقرارات الحظر وحرية الحركة

 حسمت إصابات جديدة بفيروس كورونا في الأردن ميزان الجدل حول الحظر الصحي والإغلاق إلى جهة «التشدد» مجدداً، بعدما وصف وزير الصحة سعد جابر ما حصل في مدينة المفرق شرقي البلاد بأنه «انتكاسة» لجهود محاربة المرض

ظهر أن تلك الانتكاسة الرقمية المتمثلة بتسجيل أكثر من 33 إصابة جراء «جولة حرة» في قرية لسائق شاحنة مصاب، عبارة عن جزء في معركة يريد الوزير جابر أن يكسبها قائلاً بأن العودة لتسجيل صفر إصابات ممكنة وبسرعة

سائق شاحنة ينقل العدوى وتسجيل أكثر من 33 إصابة

الانتكاسة الوبائية في المفرق تحديداً ومدينتي الرمثا وإربد شمالي البلاد، قرعت جميع الأجراس في توقيت حرج، حيث بدأت جميع القطاعات تتجهز للعمل والعودة اعتباراً من الأحد

التمرد على التباعد الاجتماعي

وهي انتكاسة، المسؤول عنها سائق شاحنة من أبناء قريةٍ عاد وتخالط مع العشرات من عائلته وأقاربه، فنقل العدوى لكثيرين. يبدو أن السائق هنا شارك في ولائم وصافح واحتضن العشرات وأضر بهم أيضاً

ويبدو أن السلطات، وعندما عاد إلى البلاد من الجوار، فحصته ووجدت نتيجته إيجابية، وطلبت منه حجر نفسه في المنزل لأسبوعين ولم يفعل

في حالة سائق الشاحنة، التمرد على التباعد الاجتماعي يضرب من جديد ويربك غالبية المسؤولين، ويدفع وزير الصحة الهادئ سعد جابر، إلى جملة غضب بدت واضحة في كل مكان، خصوصاً أن التراخي الاجتماعي في حالة واحدة فقط في الأطراف قد يقلص إنجازات لجنة الأوبئة الوطنية، بل -كما قال الوزير جابر- يدمر عملها أحياناً

المشاعر والمعنويات في الأردن تقلصت بعد الإعلان عن الحالات الجديدة في المدن الثلاث، وخصوصاً في مدينة المفرق حيث العادات الاجتماعية صلبة ومتجذرة ولا يمكن تغييرها بسبب الوباء أو بقوة القانون. لكن العودة لتسجيل أكثر من 33 إصابة في 24 ساعة كان النبأ الأسوأ عملياً بعد نحو عشرة أيام من تسجيل العدد «صفر»، وأكثر من ثلاثة أسابيع من الاستقرار النسبي، مع أن فرق الاستقصاء الوبائي تستطيع التعامل مع الموقف عموماً

في الأثناء، يبدو أن صدمة الانتكاسة الرقمية بسبب قصة سائق الشاحنة قد تدفع السلطات في اتجاه مزيد من التشدد في إجراءات الحظر، رغم أن المطلوب لأغراض اقتصادية التوسع في عدم الإغلاق. وعليه، تستطيع الحكومة أن تبرر أكثر الحظر الشامل ليوم الجمعة من كل أسبوع. فقد رأى الوزير جابر فيه، بعد حادثة المفرق، فرصة جيدة جداً لإعادة انتشار فرق الاستقصاء والإحصاء الوبائي بسرعة وتمكنها من القيام بعملها

ولاحقاً، تراجعت الحكومة فعلاً عن «خطوة إضافية في إزالة الحظر» وهي السماح باستعمال كل السيارات الأحد، بعد ثبوت عدد إصابات مدينة المفرق الكبيرة، حيث وزعت آلاف من بطاقات الفحص وعزلت بعض المناطق عسكرياً لأغراض الاستقصاء الوبائي، واستنزفت جهود السلطات والأجهزة بسبب سائق ما لم يلتزم بسياسات التباعد الاجتماعي

وهنا تنطبق معايير الناطق الرسمي العلنية بخصوص الحكومة، الوزير أمجد عضايلة، حيث العودة إلى الحظر والإجراءات المتشددة كلما حصل مزيد من التجاوزات في سياسات عدم الاختلاط والتباعد الاجتماعي

وفي هذا السياق، فاجأت الأرقام الخميس، جميع أوساط المسؤولين، وبدأت مجدداً تدرس الخيارات في ضوء الوقائع، قبل أن يتبين أصلاً أن غالبية الإصابات المسجلة بالمطلق مؤخراً دخلت البلاد عبر الحدود مع سائقين إما مصابين أو مخالطين أجانب وعرب، حيث يتطلب بقاء الحدود مع السعودية مثلاً مفتوحة المجازفة بالتعامل مع إصابات وحالات إصابة

ولم يعرف بعد ما إذا كان سائق المفرق تمرد على بروتوكول حقيقي موضوع ومنفذ، حيث تقول السلطات إنه طلب منه حجر نفسه في المنزل في الوقت الذي أقيمت فيه تجهيزات فحص وحجر أيضاً واستقصاء وبائي على الحدود مع الدول التي لا تزال حركة الشاحنات فيها قيد الخدمة

تطبيق البروتوكول

واضح أن ثمة أخطاء في مسألة الحدود والتعاطي البيروقراطي مع حالات السائقين من حيث استجوابهم وحجرهم وفحصهم والخطوات التالية. وقد سأل عضو البرلمان طارق خوري، علناً، عن المسؤول عن عدم تطبيق بروتوكول متفق عليه مسبقاً خصوصاً مع دول مثل السعودية، ويقضي بنقل البضاعة عند نقاط الحدود من شاحنة إلى أخرى بدلاً من المجازفة بعبور شاحنات وبضاعة متذخرة بالفيروس أو يتسلل عبرها ويخترق الحدود ثم يصل إلى موائد الأردنيين وصالاتهم وقراهم. ولم يحصل النائب خوري على أي جواب في المضمار بعد

وسارعت الحكومة إلى بناء غرف خاصة على الحدود لحجر السائقين المصابين، ما يعني أن التقصير في الإجراءات الصحية على الحدود ومع شريحة سائقي الشاحنات قد تبدأ عملية التقييم من عنده