قوم تعاونوا ما ذلوا .. بقلم / خالد الزبيدي
هذه الجملة كنت اسمعها منذ نهاية السبعينيات من القرن الماضي، وكانت تعني الكثير وتطبق على نطاق واسع في الاقتصاد والسياسة والمجتمع واعمال الخير، ولا تظهر هذه الجملة الا في الشدائد، وهي من صميم تعاليم الدين الاسلامي والقيم والاعراف التي تغنى بها الأدباء والشعراء وما زال التعاون ونكران الذات امام المجموعة والمعوزين من الصفات الحميدة في معظم مجتمعاتنا العربية.
جائحة فيروس كورونا التي فرضت نفسها على الجميع، استحثت القيم والمعاملات الحميدة للتعاون بين ابناء المجتمعات أملا بالخلاص من هذا الوباء وعودة الجميع الى النشاط المعتاد، الا ان هناك شرائح اجتماعية تضررت كثيرا، وأصبح توفير الاحتياجات الأساسية للإنسان من غذاء ودواء على رأس الأولويات، ومعظم هذه الشرائح يقطنون في مساكن مستأجرة، وشرائح اخرى تمارس أنشطتها التجارية والمهنية في مخازن وعقارات مخصصة لذلك، ومع تعطل أعمالهم لعدة أسابيع تدهورت أوضاعهم المالية من تدفقات وتسديد التزامات مالية، لذلك لابد من إطلاق مبادرة للتخفيف عن المستأجرين من قبل أصحاب العقارات حتى لا نجد انفسنا امام حالات إعسارات بالجملة في الأسواق التجارية.
أصحاب العقول النيرة والقلوب الطيبة ..بادروا مبكرا في ثلاث دول بدءا من القدس الشريف التي قدمت نموذجا مشرفا من التعاون لهزم فيروس كورونا، حيث قام رجال أعمال بتخصيص فندق يملكه وهو مجهز لاستخدامه لعزل المصابين بالفيروس مجانا، كما خفف اصحاب عقارات الأجور عن المستأجرين وأظهر المقدسيون تعاونا في ظل عزل فرضه نظام الفصل العنصري في تل ابيب على القدس الشرقية، وفي نفس الوقت اظهر المقدسيون تكاتفا رائع لتسيير الأمور بسهولة في المدينة المقدسة.
وفي اربد وعمان أعلن ملاك عقارات سكنية وتجارية عن تخفيض الأجور عن المستأجرين بنسبة 50% من قيمة الإيجارات بسبب الضرر الذي أصاب الجميع.
قد يرى البعض ان هذه لفتة أطلقها عدد محدود من أصحاب العقارات ولا تشمل الجميع..والجواب ان هذا صحيح لكنها ليست حالات فردية، وان تضافر جهود الجميع تخفف الم جائحة كورونا وتداعياتها المالية والاقتصادية، وان النقابات والجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني مطالبة بحث الجميع على إبداء التعاون كل في موقعه بما يساهم في تخفيف المعاناة من جهة وتساهم في سرعة تعافي الاقتصاد والمجتمع من جهة أخرى.