الهوس في استخدام وخلط المنظفات والمعقمات يؤدي إلى نتائج كارثية ..
اخلاص القاضي -
"أفرطت في استخدام المنظفات والمعقمات وخلطها خوفا من عدوى فيروس كورونا، ولكني دفعت ثمن ذلك من صحتي، فنجوت من الفيروس، ولم انجُ من امراض تنفسية"، هذا ما قالته الخمسينية نهاد، في معرض تحذيرها مما خبرته، منذ بدء الجائحة، حيث ظنت ان كثرة استخدام المعقمات، سيهزم الفيروس، فيما النتيجة عكسية لما ابتغت، كما قالت لوكالة الانباء الاردنية (بترا).
وتؤكد نهاد انها اقلعت عن هوس التنظيف والتعقيم وفقا لنصائح طبية بعدما اصيبت بضيق في التنفس وسعال شديد جراء الاستخدام المفرط لمواد التنظيف، محاولة انقاذ وضعها الصحي المستجد جراء الخوف من "كورونا المستجد"، بأدوية مضادة وفقا لوصفة طبية.
وفي ظل جائحة كورونا العالمية، اقبل مواطنون على شراء المعقمات ومواد التنظيف بطريقة هستيرية وفقا لعدد من اصحاب البقالات، اذ عمدوا لاستخدامها بكميات كبيرة وخلطها ببعضها البعض، ظنا منهم ان ذلك يضاعف عملية التعقيم، فيما تنتج تلك العملية وفقا لأخصائيين، مواد هجينة قد تكون سامة وقاتلة في آن معا، لاسيما اذا استُنشقت ضمن نطاق ضيق في البيوت.
اطباء ومتخصصون يؤكدون ان التعقيم يتطلب الاعتدال وحل مواد التعقيم بالماء، وعدم استخدامها بتركيز عال، مشيرين الى ان الهوس باستخدام مطهر معين معروف باسمه التجاري "ديتول" لا يقتل الفيروس، انما يقتل البكتيريا، وان استخدام "الكلور" هو الأنجع للتعقيم من الفيروس، وان غسل اليدين بالماء والصابون، هو افضل وسيلة للنظافة.
وتحذر الدكتورة الصيدلانية حنين عبيدات من المواد الكيميائية، قائلة "يعتقد البعض أن كثرة استخدام المواد الكيميائية ضروري للتعقيم، لكن الحقيقة ان ذلك يؤثر على صحة الإنسان"، مشيرة الى ان خلط بعض المواد الكيميائية لا يزيد من فعاليتها، اذ ينتج مثلا خلط "هيبوكلورايد الصوديوم – الهايبكس"، مع مركب منظف "الفلاش"، غازات سامة تؤدي لضيق في التنفس، الامر الذي قد يتصاعد لالتهاب رئوي.
وتزيد الدكتورة عبيدات وهي المتخصصة في الرعاية الصيدلانية "بما أننا الآن في ظل الجائحة العالمية، فلا ضير باستخدام المعقمات على الأيدي والجسم، ولكن دون الافراط لأنه يؤثر على صحة الجلد بخاصة، وصحة الإنسان بشكل عام، وهي ليست بديلا نهائيا عن استخدام الماء والصابون"، مشيرة الى أن المعقمات تعمل بشكل صحيح حين يكون تركيز الكحول فيها 60 بالمئة مع محلول آخر.
وفي سياق ذي صلة يشدد اخصائي الامراض الصدرية والباطنية الدكتور ابراهيم العقيل على ضرورة التنبه من خلط مواد التنظيف، لأنها مواد كيميائية، وخلطها يؤدي لإنتاج مواد هجينة، قد تتسبب ابخرتها في تسمم الفرد او موته، اذا لم يسعف على الفور، ولاسيما لأولئك الذين يعانون من امراض صدرية ورئوية.
ويقول ان الافراط في استخدام مواد التنظيف يؤدي لأمراض في الجهاز التنفسي، ومنها الربو، والتهابات الرئة، مؤكدا انه ولقتل الفيروس في التعقيم لا يلزمنا اكثر من "الكلور" المخفف بالماء، فيما لا تؤثر المطهرات مثل "ديتول" على سبيل المثال، بالفيروس، فهي تكافح البكتيريا حصرا.
ويحذر، من الابخرة المتطايرة من مواد التنظيف حيث تعرض الرئتين لالتهاب شديد التحسس، يرافقه الشعور بضيق في التنفس وسعال جاف مع بلغم، وسماع صوت صفير للنفس، وارتفاع في درجات الحرارة، ونقص الاوكسجين في الدم، وقد يختلط الامر على المرء، فيظن انه عرضة لكورونا، فيما هو يعاني نتيجة ذلك الالتهاب، الامر الذي يستدعي تدخلا طبيا بكل الاحوال، مستدركا: "وكإسعاف اولي بُعيد استنشاق اي ابخرة من مواد التنظيف على المرء فورا استنشاق الهواء النقي، خارج البيت".
ويذكر الدكتور عقيل بان افضل المعقمات لليدين هو الغسيل بالماء والصابون، ويفضل الصابون البلدي الخالي من الروائح العطرية وخصوصا لمن يعانون من التحسس، فيما يعد "الكلور" المخفف بالماء افضل المعقمات للأسطح.
ويشاطر استشاري الامراض الصدرية محمد الشبول الدكتور عقيل فيما ذهب اليه، مضيفا ان الاعتدال في استخدام مواد التعقيم يبعد الجميع عن الامراض الصدرية والرئوية والتنفسية، مشددا "لا داعي البته لخلط مواد التنظيف، فكل منتج هو خلطة قائمة بذاتها، مصادق عليها مخبريا وصناعيا، ولا داعي لان ننتج مواد هجينه في البيت".
اخصائية الدعم النفسي والاجتماعي بشائر اسعد، تقول "لا حاجة لنا بهوس تنظيف يطال صحتنا"، فالتعامل بشكل اعتيادي مع التنظيف اليومي، هو الفيصل، وخصوصا لمن يلتزم بالإرشادات الحكومية من حجر وحظر وعدم اختلاط واجراءات وقائية، مؤكدة ان الآثار النفسية لما اسمته "فوبيا التنظيف بسبب الخوف من كورونا"، قد تكون اخطر من تداعيات الجائحة ذاتها، اذ تسبب القلق والاكتئاب وغيرها من الامراض النفسية.
وفي سياق مواز، تمنى رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك الدكتور محمد عبيدات على المواطنين عدم المبالغة في الاقبال على شراء مواد التنظيف التي قد ترتفع اسعارها نتيجة لهوس شرائها غير المسبوق، ما يغري تجار الازمات لاستغلال جيب المواطن.
ويحذر من شراء مواد التنظيف غير المرخصة والمنتشرة على "البسطات" والسيارات المتجولة، والخالية حكما من بطاقات البيان، والتي تعد سموما وليست مواد تنظيف، داعيا لتكثيف حملات الرقابة على الاسواق ولاسيما الشعبية منها، والتي تفترش البسطات وتبيع عليها المعقمات ومواد التنظيف والكمامات والقفازات مجهولة المصدر.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فان نحو 235 مليون فرد يعانون من مرض الربو، الذي قد ينجم عن استنشاق المواد التي تهيج المسالك التنفسية، وتعد المواد الكيميائية من عوامل استثارته.
وكانت المنظمة حذرت اخيرا من إن رشّ المواد الكيماوية قد يكون غير فعّال، وغير موصى به في الفضاءات المفتوحة على غرار الطرق والأسواق، لأن المطهّر يفقد تأثيره بالأوساخ والركام، وأن رشّها قد يضر بصحة الإنسان.
واشارت المنظمة الى ان رشّ الافراد بالمطهرات غير موصى به تحت أي ظرف، فقد يتسبب بالتهابات جلدية أو في العينين، محذرة من الرشّ المستمر للأسطح في الأماكن المغلقة، وفي حال استعمال المطهرات، يجب أن يتم ذلك عبر نقع قطعة قماش أو ممسحة بالمطر.
بترا