الدكتور فؤاد محيسن يكتب.. " نحو وطنية الصناعات الغذائية "


"الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"
الغذاء والماء أولويات الأمم الثابتة على مر التاريخ وركيزتها الأساسية للأمن والسلام والإستقرار ومحط إهتمامها.
وقد تجلى هذا المفهوم في القرآن الكريم من خلال سورة قريش، حيث أمتن االله عز وجل على قريش بما أفاء عليهم من نعمة الأمن الغذائي
(الذِي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف )

الصناعات الغذائية الأردنية :
يعتبر قطاع الصناعات الغذائية الأردني مرتكزاً أساسياً للأمن الغذائي في الأردن ، بالإضافة إلى قيمته المضافة العالية التي تنعكس بدورها إيجاباً على القيمة المضافة للقطاع الزراعي.
وتستند الصناعات الغذائية الأردنية إلى قاعدة صلبة من مخزون إنتاجي زراعي يتسم بالديمومة على مدار السنة والإكتفاء الذاتي من أصناف غذائية عدة.
ففي شبكة كبيرة من المعامل والمصانع، نسج الصنّاع الأردنيون قصة نجاح استمدت قوتها من تطبيقات البحث العلمي، والإلتزام بمعايير الجودة والتنوع ، الأمر الذي جعلها على قائمة خيار المستهلكين في العديد من الأسواق العربية والعالمية.
الصناعة الغذائية وجائحة كورونا
خلال جائحة كورونا أظهر القطاع الصناعي الأردني قدراته الإنتاجية الكبيرة من خلال توفير العديد من السلع الأساسية للمواطنين وللقطاعات المختلفة وخاصة منتجات المعقمات والمطهرات والأدوية والمستلزمات الطبية والغذائية الأساسية.
وتنتج معامل الغذاء الأردني ومصانعه، المنتجات الحيوانية المختلفة من اللحوم والدواجن والألبان والمعلبات والأجبان، كما تنتج الفاكهة والخضروات ومنتجاتها المصنعة، والكاكاو والشوكولاتة والسكر والسكاكر والحلويات الشرقية والحلاوة والألبان ومنتجاتها، والحبوب والدقيق والنشا والمعجنات ومنتجات المخابز ورقائق البطاطا والذرة، والمشروبات الغازية والعصائر والخل والمياه المعدنية والتوابل والبهارات والملح والمنكهات
وزيت الزيتون والتوابل والبهارات والأعشاب والعصائر ومنتجات المخابز، إضافة إلى التمور التي تعد صناعة حديثة بدأ الأردن يتفوق فيها خلال السنوات الأخيرة .
بالرغم من الآثار السلبية التي أعقبت جائحة كورونا على القطاعات الإقتصادية المختلفة، وعلى رأسها القطاع الصناعي، إلا أنها أظهرت الحاجة لتحقيق الإكتفاء الذاتي من السلع الأساسية وتعزيز القدرات الإنتاجية في السوق المحلية، وحملت فرصاً وتوجهات إيجابية للتوجه نحو الإعتماد على الذات ودعم الإنتاج المحلي وزيادة الترابطات بين القطاعات.

إستثمارات عربية :
هذا التنوع في الصناعات الغذائية الأردنية جعل الإستثمار في هذا القطاع إستثماراً ناجحاً، حيث يلاحظ أن إستثمارات عربية كبيرة تساهم في قطاع الصناعات الغذائية الأردنية، من سوريا والعراق والسعودية واليمن.

وطنية الصناعات الغذائية :
تبرز بعض المخاوف المتصاعدة للمراقب في مجال الإستثمار الصناعي والأمن الغذائي الصناعي من سعي دؤوب للسيطرة على مصانع المواد الغذائية من بعض المستثمرين الكبار في دول خليجية لشراء بعض المصانع الغذائية والمعامل في الأردن وبالتالي تطويق الإقتصاد
وحتى لا تصبح غالبية ملكية الصناعات الغذائية بأيدي غير الأردنيين مثل بعض القطاعات الهامة كالكهرباء والإتصالات وغيرها من الصناعات الإستخراجية للموارد الطبيعية فإنني أوجه نداءً إلى صناديق الإستثمار الأردنية وفي مقدمتها الضمان الإجتماعي لتوجيه جزءاً من إستثماراتهم نحو هذا القطاع الحيوي لإرتباطه بشكل رئيس بالأمن الغذائي الذي هو جزء من الأمن القومي، وبالنظر أيضاً إلى أن العائد على الإستثمار فيه ثابت ومقبول كما أن فرص الإستثمار بقطاع الصناعات الغذائية الأردنية كبيرة وواعدة بفعل توفر البنية التحتية والخبرات المحلية، إضافة إلى وجود شركات غذائية كبرى ذات سمعة رائدة على المستويات المحلية والإقليمية.

واليوم وفي ظل جائحة كورنا وتداعياتها التي طالت مختلف قطاعات الإقتصاد والمجتمع وكانت أشد الأزمات التي عصفت بالإنسانية خلال أكثر من قرن من الزمن؛ أصبح التخطيط للمحافظة على وطنية الصناعات الغذائية تجاه تحقيق الأمن الغذائي ورصد التحديات الإستراتيجية التي ستواجهها هذه الصناعات، والحد من تداعياتها، ضرورة قصوى في سبيل النمو والتمكين وفي سبيل أن يكون قرار الأمن الغذائي في الجانب الصناعي قراراً أردنياً بإمتياز.