منعآ للتأويلات والأشاعات .. هذه القصة الحقيقية لظروف وأحداث أحتجازي وتوقيفي ..
حسن صفيره
كثيرة هي التأويلات والتحليلات التي صاحبت عملية توقيفي واحتجازي في احدى المراكز الأمنية في محافظة الزرقاء وعن أسبابها وتداعياتها ومن هي الجهة الرئيسة المسؤولة والمدبرة لهذه المكيدة والتي انقلب سحرها على ساحرها وما اذهلني واشعرني بالفخر هو بحجم التعاطف الكبير على المستويين الرسمي والشعبي وهنا كان لابد لي من توضيح ما حصل في الـ 24 ساعة التي صاحبت الحدث بعيدا عن التكهنات والاشاعات والتي ذهب البعض فيها إلى انها رسالة او "قرصة ذان" على ما يتم نشره على وكالة الشريط الأخباري بكل جرأة ومصداقية والتي يتم تناول فيها كل ما هو فاسد ومفسد ومتغول على مقدرات شعبنا الطيب او كنا فيها نوضح ونعري كل من يريد بالأردن سوءا من الخارج او الداخل .
بجميع الأحوال وبكل الظروف نعاهد الجميع بأن نبقى كما عهدتمونا بقلمنا الحر الشريف مدافعين عن مواقفنا الثابتة اتجاه وطننا ومليكنا وشعبنا الطيب مهما دفعنا من ثمن او سندفعه فهذا الأردن يستحق منا التضحية مهما كبرت او صغرت.
وبالعودة إلى بداية المشكلة الغير موجودة اصلا والتي تم تضخيمها وتبهيرها واعطائها حجم اكبر مما تستحق عندما طلبت مني أحدى الناشطات في العمل الاجتماعي وهي الأخت الاعلامي "نسرين الشربيني" المساعدة في توفير الموافقة والسماح من الجهات الرسمية بتوزيع عدد كبير من الطرود والتي أعدها مجموعة من الطلبة الصينيين والذين يتلقون تعليمهم في الجامعات الأردنية بكليات الشريعة واللغة العربية وغيرها من الكليات العلمية والادبية ولأن اصل المحافظات في الدوائر الرسمية هو الحاكم الاداري ودار المحافظة فقد عرضت الطلب على نائب المحافظ "د. فراس الفاعوري" والذي قال لي بالحرف الواحد بأن هذا الأمر يتطلب موافقات رسمية حيث سبق وأن تم أخذ تعهد على الناشطة الشربيني بعدم توزيع الطرود الا بعد اعلام الدوائر المسؤولة عن هذا الاعمال وهي مديرية التنمية الاجتماعية وشخص المحافظ بصفته الرسمية وبالفعل ذهبت شخصيا للمحافظ "حجازي عساف" وطلبت منه ابداء الرأي فكان كلامه متطابق مع ما قاله نائبه وبأن التنمية هي صاحبة العلاقة في هذا الأمر وعند ذلك قمت بالاتصال بالسيد مدير التنمية الاجتماعية "د. رائد الكفاوين" والذي ابدى موافقة مباشرة لتوزيع الطرود على الفقراء والمساكين وكنت قد سألته عن لزوم موافقة خطية بذلك فقال "اعتبر ان الموافقة حاصلة واي شيء يعترضكم اتصل بي" وبعد هذا الكلام من الجهة الرسمية المخولة فلم يعد ما يدعو للقلق او للتحسب من اي مخالفة قانونية فعدت بعدها إلى عطوفة المحافظ واخبرته بموافقة التنمية وقال لي بالحرف الواحد "على بركة الله" وعندها طلبت منه احصائية بأعداد العمال والمراسلين الموجودين في المحافظة حيث انهم أيضا من أصحاب العائلات الواجب دعمها بأي عمل خيري فاوكل عساف المهمة للقائم مقام ومساعده "كمال القدومي" والذي زودني وبكل شفافية بالعدد وبالاسماء وعبر "الواتس اب" وكل هذا الأمر في يوم الإثنين بتاريخ 18/5 اي قبل عطلة العيد والحظر الذي بدأ الخميس وانتهى صباح الاثنين بيومين فقط وتم تأجيل التوزيع لعدم جاهزية الطرود إلى يوم الأربعاء الذي تلى ايام العيد.
وبالفعل تم إحضار الطرود بوجودي في يوم الأربعاء وفي تمام الساعة الثالثة ظهرا وقد سبق ذلك عمليات التنظيم من قبل المشرفين والمشرفات حيث قاموا بتوزيع الكمامات والكفوف الواقية وتنظيم عملية الدور والمحافظة على التباعد الجسدي بين النساء اللواتي حضرنا لاستلام الطرود وعند اطمأناني للوضع العام قمت بالمغادرة إلى منزلي لأخذ قسط من الراحة بعد يوم عمل شاق في عمان والزرقاء.
وبعد اقل من ساعة تلقيت اتصالا هاتفيا يفيد بمداهمة الشرطة لموقع توزيع الطرود ومنع القائمين من الإستمرار في التوزيع وقد أحدث هذا فوضى عارمة وكان على رأس القوة الأمنية مدير مركز امن الحسين الرائد "منذر الجحامنة' وقد تم اصطحاب النساء الأربعة المشرفات على هذا العمل الخيري إلى المركز الامني فما كان مني إلا اللحاق بهم الى مركز امن الحسين وللامانة الصحفية والاخلاقية فقد كان تعامل رئيس المركز وكوادر الشرطة بأرقى صورة واجمل معاملة لدرجة وعند علمهم بأن النساء الأربعة صائمات فقد قاموا بتأمين وجبات الافطار لهم وتزويدهم بكل ما يلزم الصائم من مأكل ومشرب.
وبعد تداول الأمر ونقاش طويل استمر لساعات مع مدير المركز الجحامنة وبانه ليس هنالك اي مخالفة تستوجب الجلب والتوقيف لا للنساء الأربعة ولا لي شخصيا ومن معي وهو الأخ "فراس الشربيني " زوج السيدة نسرين الا انه وكما يبدو وقالها رئيس المركز بلسانه أمام الجميع بأن الأمر خرج من يديه وليس هو صاحب الصلاحية وقال أيضا ان المحافظ يقول بأن ليس له علم بتوزيع الطرود وان مدير التنمية في اتصاله تنصل من موافقته وأخبر الأمن بأنه لا يوجد موافقة وعندها كان من الضروري اتصالي اولا بنائب المحافظ الفاعوري الذي أجابني في الاتصال الأول ووعد بمتابعة الموضوع وعند معاودة الاتصال لمعرفة النتائج لم يقم بالرد على اتصالاتي وقمت بعدها بالاتصال مع المحافظ "حجازي عساف" الذي اجابني بداية بعدم معرفته بهذا الأمر وحين واجهته بالحقائق والوقائع فسلم بما قلت إلا أنه وكما يبدو قد خرج الأمر من يديه أيضا ولم يقم بالاتصال بالامن لإعادة توضيح المعلومة الأولى "بعدم معرفته" وقمت بالاتصال أيضا مع مدير التنمية لعشرات المرات ولم يكن يجيب على هاتفه وبعد جهد طويل قام بالرد واخبرته بما حصل فكان رده بأن الموافقة كانت قبل اسبوع وليس الان وعند محاورتي معه بأنه كيف سيتم اعداد طرود وتوزيعها بإعداد ممكن تصل إلى 800 طرد بوقت تخلله عطلة عيد وحظر مدته ثلاثة أيام اذا لم يكن هنالك مساحة من الوقت وقد اقتنع بكلامنا وتحدث مع مدير المركز وأخبره بصحة الموافقة الا ان الامر أيضا كان خارج هذه الشهادة وبعيد عن هذا الإطار الرسمي في الجهة المخولة بمنح الموافقة من عدمها وتم تجاهل شهادة مدير التنمية أيضا واستمر قرار الحجز فأيقنت هنا بأن الأمر مُبيت وسيتم تنفيذ التوقيف لا محالة.
وبعد جهود وتعاون كوادر الشرطة تم الموافقة على تكفيل السيدات الأربعة واستثنيت مع صديقي فراس من هذا القرار فقام طبيبي الخاص وأخي مالك صوان بأجراء عدد من فحوصات السكري والضغط داخل المركز الامني ونظرا لحالة الاجهاد فقام بحقني بالابر الوقائية وحفاظا على حياتي طلب نقلي إلى المستشفى بسبب سيرتي المرضية بزراعتي لـ 4 شبكات لشرايين القلب سابقا ومرضي بالسكري والضغط وتم ذلك بتعاون الشرطة والدفاع المدني.
وفي صباح اليوم الثاني للتوقيف نشط الكثير من الأصدقاء والمحبين في التوسط للافراج والذين أوجه لهم كل الشكر والتقدير على جهودهم "من اثمرت فيها ام لم تثمر" من وزراء ونواب ونواب سابقين ورؤساء بلديات والجسم الصحفي والأهل والانسباء والأصدقاء فلكل من هؤلاء تحية ممزوجة بالعرفان والدين الذي أحمله بصدري ما حييت.
وعودة للمجريات حيث صدر أمر بالإفراج عني في تمام الساعة 11 من صباح الخميس الا انه وبعد التحضير للمغادرة عاد الضابط النقيب نفسه والمرسل من قبل المركز الامني بأن هنالك أمر جديد بعدم الافراج والتحويل إلى المدعي العام في خطوة لم يفهما احد ولم تخطر في تحليل بال عاقل وكأن مُصدر أمر التوقيف أراد شيئآ اخر وحصل عكس ما رغب فكان تجديد التوقيف الذي لم تكن محسوبة خطوتها بالزامية وقانونية في التحويل إلى المدعي العام وما كان أيضا مبهما ومفجرا للكثير من التساؤلات وهو في أمر الاعادة للحاكم الإداري والذي يستوجب هذا الأمر لاصحاب الاسباقيات الجرمية وليس للصحفيين أصحاب الملفات والسيرة البيضاء.
وهنا حضر عدد من الأصدقاء ومنهم الأخ والنائب الأسبق الدكتور فواز حمدالله مشكورا وعرض علي الذهاب لمديرية الشرطة ومن ثم المدعي العام وفي حال الطلب للاعادة إلى الحاكم الإداري فقد أكد حمدالله على الضمان الشخصي بالإفراج بعد هذه الخطوات وعدم الاعادة للحاكم الاداري الا انني رفضت ذلك لعدم قناعتي بارتكابي اي جرم وموافقتي على الذهاب لقضائنا العادل فقط وليس لأي جهة أخرى وبعد ساعة من هذا الموقف حضر إلى غرفتي في المستشفى احد كبار ضباط الأمن الوقائي والذي أخبرني بأنه مكلف بأنهاء هذه القضية من قبل الباشا حسين الحواتمة وعرض نفس ما جاء بكلام د. حمدالله ورفضت ذلك مجددا فقام الضابط مشكورا بأجراء اتصالاته والتي عاد الي بعدها بالموافقة على طلبي بالذهاب فقط إلى المدعي العام وبمركبته الشخصية وبرفقته فقد تم عرضي على رئيس الادعاء العام القاضي النزيه "ايمن المصالحة" والذي قال كلمة الفصل بعدم وجود قضية او مخالفة تستوجب العقاب فأصدره أمره بالإفراج الفوري عني وعن زميلي.
هذا شرح وافي لما حصل وعلى لساني شخصيا والذي نضع فيه حدا لكل ما يمكن أن يطرح ويثار وهنا لا بُد من الإشارة إلى الجهود التي بذلت وتعاطفت معنا ومنهم الاخوة الوزراء د. سعد جابر الذي كان على اتصال للاطمئنان على وضعي الصحي وللاخ أيضا وزير الإعلام أمجد العضايلة الذي كانت لاتصالاته الأثر في تحريك وإثارة القضية والإخوة النواب محمد الظهراوي الذي تواجد في قلب الحدث ورئيس بلدية الزرقاء المهندس عماد المومني الذي بذل جهودا واضحة لدى الأجهزة الرسمية كما اننا نتقدم بوافر الشكر للأجهزة الأمنية والكوادر الشرطية والدفاع المدني وعلى رأسهم الباشا حسين الحواتمة كما اننا نتقدم بالشكر لكافة الزملاء الصحفيين الذين تفاعلوا مع الواقعة ولا أنسى هنا وقوف عائلتي وانسبائي وأصدقائي وعزوتي من ابناء العشيرة الأردنية الواحدة.
وفي النهاية أتقدم بالشكر الكبير للجهة التي كانت صاحبة القرار المجحف والغير عادل في توقيفي المقصود والمتعسف والذي لم يزدنا الا قوة وايمانآ بالنهج الذي أسير عليه في عشقي للوطن وللقيادة الهاشمية التي نعتز بها ونفتخر مهما حيينا وعشنا والذي سيبقى حال لسان يلهج إلى الله بأن يديم عز هذا الوطن ويديم عليه أمنه وأمانه.